الكاتب عبدالله أبو هيف: غالبية روايات خليفة توحي بالدلالات الكامنة في التناص مع البحر... وتصور رواياته الصراع الاجتماعي في البحرين، ومنها إشكاليات العلاقات الاجتماعية والإنسانية في المدن والقرى الساحلية... روايات عبدالله خليفة قصيرة نسبياً، مما يجعلها أقرب إلى تقديم شريحة حياتية مقتطعة من عملية الصراع الاجتماعي... تصور رواية «أغنية الماء والنار»، التباين الطبقي الحاد قبل النفط في الخليج، وتبين المآل المسدود لاندحار الفوارق الاجتماعية، وتنحاز بعد ذلك للكثرة الكاثرة من المساكين والفقراء ومعذبي الأرض.. إنها تعبر عن الصراع الاجتماعي على أطراف مدينة في بيئة شعبية، هي قرية أو مدينة صغيرة ساحلية... والكاتب استطاع أن يقدم في روايته وصفاً مختزلاً للصراع الاجتماعي في قرية بحرينية قبل اكتشاف النفط، وقد نجح إلى حد ما في اكتناه هذا الصراع في سرد شاعري مفعم بالحرارة وحماسة الانتماء إلى مساكين الأرض. الناقد فيصل عبدالحسن: رواية الينابيع للروائي عبد الله خليفة رواية متشعبة الموضوعات، غنية بالفلكلور البحريني والخليجي، وهي أيضاً تنهل من التأريخ السياسي للبحرين، وتقرأ اجتماعياً واقتصادياً التحولات الديموغرافية في البلاد عبر امتلاك الأراضي ووسائل الثروة والسلطة. ابتداءً من امتلاك سفن البحث عن اللؤلؤ، في زمن ازدهار هذه التجارة في البحرين ودول الخليج العربي، وحتى أفولها بسبب اللؤلؤ المزيف الذي جاء من اليابان، وانتشر في أسواق الزينة، وأفقد اللؤلؤ الحقيقي سوقه وقيمته الأولى. كذلك أرخت الرواية لظهور ثروة النفط والغاز في البحرين، مما مهد لتحولات سياسية واجتماعية هامة في المجتمع البحريني. أدت بدورها إلى تغييرات اجتماعية جذرية في بنيات المجتمع وطرائق معيشته، ونفسية غيرت سلوكه وتطلعاته نحو العالم ونظرته للتقدم العلمي، وطبيعة الحياة وتقدمها في المجتمعات الأكثر تطوراً وغنى، ويرد في مقطع مؤثر من الرواية عن اكتشاف أول بئر نفط الذي ينعته الروائي في روايته بالماء الأسود، ويفرد له جزءاً كبيراً من السرد الروائي.الكاتبة اللبنانية لنا عبدالرحمن: بين الإشارات الاسترجاعية والبنية النفسية والمجتمعية المنقسمة إلى لحظة ماضية مجسدة بــ «حاضر مستمر»، حيث تظهر «الزمكانية» بفضائها الجغرافي والتشكيلي والزمني كعلائق علاماتية تنبني من خلالها الرواية المرتكزة على الشخوص وانفعالاتها وفاعليتها وحركاتها التمردية المبتدئة بــ«محمد العواد» والمنتهية ببطولة جماعية ينجزها تمردُ البحارة والناس الموالين لــ «إبراهيم زويد» الوطني ضد الميجر الإنجليزي «بيلي» الذي جاء إلى البحرين ليسيطر عليها تدريجياً.وبعد معاناة من الفقر والعوز والفاقة ودفاتر الديون التي كانت للشيخ «ناصر» المنزوع عن سلطانه من قبل الميجر لصالح ابنه «محمد». تتراكم أنسجة الأحداث والشخوص بملامحها ذات التركيبة المتشعبة المنفصلة والمتصلة من خلال المقاطع الثلاثة والستين المؤلفة لـ «الينابيع، ج1» والظاهرة كإيقاعات لحظوية مسرودة ومحكية كيومياتٍ لذاكرةٍ فردية وجمعية تسجل تارة، وتتمشهد بسيناريوهاتية تارة أخرى، وتنتسج برومانسية تارة، وتتشاكل بسريالية تارة.. وهذا التنوع جاء موظفاً في نسق يخدم مقصدية الروائي المؤلف «خليفة» في الكشف عن علائق الماضي. الناقدة السورية غالية خوجة: إن عبدالله خليفة يلح- في معظم قصصه ورواياته على ما يسمى «المونولوج» أي الصوت الداخلي لأشخاص القصة أو الرواية، الأمر الذي يدفع به إلى اقتراح كتابة «جريانية» إن جازت العبارة.. أخاله في مثل هذه الحالة يكتب سريعاً، الصور متدفقة، والجمل قصيرة ومتلاحقة، التداعيات تستولد تداعيات أخرى، ومع كل ذلك، فإن قارئاً متمرساً لن يلمح أي لهاث في الكتابة، لأن لهاث الكاتب يفضحه القارئ، فإن كانت القراءة لاهثة فإن الكاتب كان يلهث لحظة الكتابة. هذه النقطة لم أجدها عند عبدالله خليفة الذي يحرص دوماً على نصوص متماسكة، قوية البناء مشدودة إلى علاقات سردية يكمل بعضها.