كتب - وليد صبري:حذر أطباء ومختصون «من الجلوس الخاطئ أمام التلفزيون أو أجهزة الحاسب الآلي أو بغرض إتمام أعمال مكتبية لفترات طويلة»، مشيرين إلى أن «ذلك يعد أقصر الطرق للإصابة بأمراض مختلفة أبرزها الانزلاق الغضروفي».وأضافوا أن «التقنية الحديثة باستخدام المناظير أحدثت ثورة في علاج حالات الانزلاق الغضروفي بالعمود الفقري بحيث أمكن استخدامها في علاج الكثير من هذه الحالات وغيرها من آلام الظهر والفقرات».وأكد استشاري أمراض العظام د.إبراهيم سعد أن «الانزلاق الغضروفي هو السبب الثالث للإصابة بآلام أسفل الظهر، وغالباً ما يكون مصحوباً بآلام أحد الساقين أو كليهما وهذا ما يميزه عن التهاب عنق الرحم لدى السيدات».ولفت إلى أن «الانزلاق الغضروفي يحدث نتيجة حدوث شق في الكبسولة الليفية، ما يؤدي إلى خروج المادة الجيلاتينية غليظة القوام، والتي تضغط على أحد جذور الأعصاب الأيمن أو الأيسر أو كليهما أو الضغط على النخاع الشوكي نفسه، والغضروف هو كبسولة مصنوعة من ألياف قوية ومملوءة بمادة جيلاتينية غليظة القوام، ووظيفة الغضروف هو تقليل الاحتكاك بين الفقرات وامتصاص الصدمات، ويوجد الغضروف بين كل فقرتين من فقرات العمود الفقري ابتداء من الفقرات العنقية وحتى الفقرات القطنية».وتابع د. سعد «يوجد الغضروف ضامراً تماماً في الفقرات العجزية والعصعوصية وعند البالغين يتحول إلى عظام في منطقة الفقرات العجزية والعصعوصية، أي لا يوجد بها غضروف، وتكون هذه العظام مرتبطة بعظمتي الحوض، ولا يحدث الانزلاق الغضروفي إلا في الفقرات العنقية آو القطنية الأولى والثانية، والنوع الأكثر شيوعاً عند المرضى هو الذي يضغط على جذور الأعصاب وهذا لا يؤدي إلا إلى الألم فقط، ولا ينتج عنه شلل، نظراً لأن كل عضلات الجسم الحركية غالباً ما تحصل على التغذية العصبية، من أكثر من جذر عصبي، والعصب إما أن يكون ناقلاً للحركة، أي تسير فيه الأوامر الصادرة من المخ إلى إحدى العضلات سواء فرد أو ثني الطرف العلوي أو السفلي، وإما أن يكون ناقلاً للإحساس أي ينتقل من خلاله الإحساس بالألم أو الخشونة أو النعومة أو الحرارة أو البرودة التي تصل للنخاع ثم يفسرها المخ، وعندما يصاب المريض بالانزلاق الغضروفي يشعر بألم وتنميل وهذا الألم يؤدي إلى الشعور بالضعف وليس الشلل».وحذر من «إصابة الأشخاص الذين اعتادوا الحياة المكتبية والجلوس لساعات طويلة ومن لا يمارسون أي نوع من أنواع الرياضة، خصوصاً من هم فوق سن العشرين، بالانزلاق الغضروفي»، مضيفاً «أما بالنسبة لعلاج مثل هذه الحالات وغيرها فهو يعمل على تقليل مدة الألم والغياب عن العمل، فالعلاج الدوائي على سبيل المثال يقلل من الاحتقان في الأنسجة المحيطة بجذر العصب ما يؤدي إلى تخفيف الضغط عليه، كما أن تقليل الالتهابات في هذه المنطقة يسرع من امتصاص الماء من المادة الجيلاتينية الخارجة من الكبسولة لأن الالتهاب الناتج عن الضغط الميكانيكي على جذور الأعصاب والأنسجة المحيطة بالعصب يكون مصحوباً بتجمع سوائل وهي من خصائص الالتهاب في أي مكان وفي هذه الحالة يكون العلاج الدوائي عبارة عن مسكن للألم ومضادات الالتهاب». وتطرق د.سعد للعلاج الجراحي موضحاً أنه «غالباً ما يكون مطلوباً عندما يكون الانزلاق الغضروفي في منطقة الفقرات العنقية، ويكون الضغط على النخاع الشوكي نفسه والذي يؤدي إلى ضعف في حركة الأطراف العليا والسفلى وهذا يعتبر السبب الأهم للتدخل الجراحي، وغالباً ما تكون الجراحات في منطقة الفقرات العنقية نتائجها رائعة وممتازة، وكثير ممن أجريت لهم جراحات في الفقرات العنقية عادوا إلى أعمالهم الدقيقة بعد أن كانوا قد توقفوا عنها، ولكن هذا يتطلب ألا يتأخر المريض في العرض على الطبيب المختص، بقدر ما نجد إجراء الجراحات في الفقرات العنقية بقدر ما نحذر من إجراء الجراحات المتعلقة باستئصال الغضاريف من منطقة الفقرات القطنية وهنا يجب التفرقة بين ما يسمى بالانزلاق الغضروفي والتزحلق الفقاري حيث يعرف الأخير بأن المقصود به هو حركة الفقرات إلى الأمام كنتيجة لكسر بالمفاصل، التي تربطها بالفقرات الأسفل منها ومثل هذه الحالات المرضية يفضل أن تجرى لها عملية تثبيت وقد أصبحت الآن بالتقنيات الحديثة عملية جراحية سهلة».من جانبه، قال استشاري جراحة المخ والأعصاب د.حسام معاطي إن «الانزلاق الغضروفي يحدث نتيجة قلة الحركة والنشاط أو عند رفع شيء ثقيل أو بسبب الحوادث أو عند الإتيان بحركة مفاجئة معينة، والجلوس خلف عجلة القيادة لمسافات طويلة خاصة بالنسبة لسائقي النقل الثقيل، إضافة إلى التدخين الذي يزيد من إجهاد العضلات»، مشيراً إلى أن «التقنية الحديثة باستخدام المناظير أحدثت ثورة في علاج حالات الانزلاق الغضروفي بالعمود الفقري بحيث أمكن استخدامها في علاج الكثير من هذه الحالات وغيرها من آلام الظهر والفقرات وفي حالات ضيق قناة جذور الأعصاب وما يطلق عليه ضيق الفتحة الفقرية، كما أمكن تحديد سبب الألم وموضعه بدقة باستخدام أدوات التشخيص الحديثة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير بالصبغة وإزالة سبب الألم بتقنية المناظير».ورأى د. معاطي أن «من أهم المميزات لعملية استخدام المناظير أنها واقية للأنسجة والعضلات وتعمل على الشفاء السريع للقرص الممزق مع عدم وجود أثر يذكر للجروح مع تخدير موضعي واق وقليل الخطورة مع قدرة المريض على السير عقب العملية بساعتين بلا ألم والتمكن من الخروج من المستشفى بعد يوم واحد من إجراء العملية والعودة السريعة للأنشطة المعتادة وقلة نسبة عودة آلام المرض مرة أخرى والتقليل من نسبة الخطورة مقارنة بالعمليات التقليدية».ولتجنب آلام وأمراض العمود الفقري والمفاصل والانزلاق الغضروفي والضغط على الفقرات والأعصاب، بحسب د.معاطي فإن هناك «مجموعة من النصائح المهمة والتوجيهات الطبية الواجب اتباعها ومنها المحافظة على الاعتدال بالوزن والبعد عن العادات السيئة والتي تؤثر سلبات على فقرات العمود الفقري والمفاصل، كالكسل والجلوس الطويل أمام شاشات الكمبيوتر والتلفزيون، أو أثناء المذاكرة، أو العمل المكتبي، أو المشي الخاطئ، أو الانحناء إلى الأمام والحركات السريعة والمفاجئة، وحمل الأشياء الثقيلة التي تجهد العضلات والأربطة، كما ينصح بضرورة ممارسة بعض التمرينات الرياضية البسيطة بعد الولادة لاستعادة تقوية عضلات ما بين الفقرات بمنطقة الظهر وتليين المفاصل واستعادة قوة الأربطة التي أصابها الارتخاء من جراء العمل مجدداً».في السياق نفسه، قالت أخصائية الطب العام د.سارة أحمد إن «دراسات علمية مختلفة أوضحت أن الجلوس لفترات طويلة سواء أثناء ساعات العمل بالمكاتب أو مشاهدة التلفزيون أو قيادة السيارة يتوقف خلالها الجسم عن استخدام عضلاته، وبالتالي يمنعه من حرق الدهون، والسكريات والنشويات، على نحو مناسب حتى إن كان هؤلاء الأشخاص يمارسون الرياضة فالجلوس لفترات طويلة يعد عبئاً ثقيلاً على مفاصل وفقرات العمود الفقري خصوصاً الفقرات العنقية وأسفل الظهر كما انه احد الأسباب الرئيسة للإصابة بالسمنة»، مضيفة أن «دراسة حديثة نشرتها مجلة القلب الأمريكية أوضحت أن مشاهدة التلفزيون لفترات طويلة تحدث أضراراً سيئة بالقلب مقارنة مع من يشاهدون التلفزيون لفترة أقل من ساعتين يومياً ولذا تكثر الشكوى الدائمة من آلام ومتاعب العمود الفقري والتي يكون سببها الأوضاع الخاطئة في الجلوس لفترات طويلة وهو ما يسبب الإصابة بالانزلاق الغضروفي».