توقع خبراء ومحللون سياسيون أن تحظى الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة بنسبة تصويت ومشاركة عالية، بناء على مؤشرات بينها أعداد الترشح الكبيرة والتفاعل غير المسبوق من قبل المواطنين مع الاستحقاق المقبل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام الأخرى إضافة للتواصل المباشر، مشيرين إلى أن الانتخابات تعكس اهتمام العاهل المفدى والحكومة بالعمل ضمن مؤسسات الدولة الدستورية باعتبارها القنوات الشرعية للعمل السياسي على غرار كل الدول الديمقراطية.ونقلت وكالة أنباء البحرين «بنا» عن الخبراء والمحللين قولهم إن «أهم التحديات التي يتوقع أن تواجه المجلس الجديد تتركز في كيفية تحقيق التوافق حول القضايا التي تلامس احتياجات وهموم المواطنين، وتعدد ملفات السياسة الخارجية التي تحتاج لعمل دائم من اللجان المعنية لمتابعتها، وبلورة رؤية برلمانية بشأنها، ودور الدبلوماسية البرلمانية البحرينية في تعزيز علاقات البحرين على المستويين الإقليمي والعالمي، وكيفية ترشيد استخدام الأدوات الرقابية ومنها الاستجوابات التي يجب أن يسبقها الأسئلة وطلبات الإحاطة».وقالوا إن «الانتخابات النيابية والبلدية المزمع إجراؤها في نهاية نوفمبر المقبل تعكس مدى تطور المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى»، معتبرين أن «هذا المشروع الذي يعد رائداً في المنطقة، كان ومازال يمثل علامة فارقة على مسيرة الازدهار التي شملت القطاعات كافة، التنموية منها والسياسية، وبرهاناً ساطعاً على ما يمكن أن تقدمه المملكة لأبنائها في مسيرتهم نحو مزيد من التقدم والتطور والنماء».وأضافوا أن الرهان في الانتخابات المقبلة سيكون على المواطن سواء كان ناخباً أو مرشحاً باعتباره الوحيد القادر على أن يضع مصلحة الوطن نصب عينيه، مشيرين إلى أن برامج المترشحين الانتخابية لابد أن تهتم بقضايا الوطن ككل بعيدًا عن الفئوية والمصالح الذاتية، وأنه من المهم أن يتحلى الناخب بالوعي الكافي لإدراك أهمية هذه الانتخابات باعتبارها مرحلة ضرورية من مراحل تطور العمل الديمقراطي في البحرين، مثلما يسعى المترشحون لتلمس احتياجات المجتمع والوطن والعمل قدر الإمكان على الوفاء باستحقاقاتها. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم التطبيقية بمملكة البحرين د.راشد إسماعيل إن «التغيرات السياسية في المجتمع البحريني، وتولي جلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم، بدأ معه عهد جديد من الأمن والأمان والتنمية»، مشيراً إلى أن جلالته أخذ على عاتقه مسؤولية «تنفيذ مشروع إصلاحي كبير يقوم على أساس التحول الديمقراطي وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي وبما يشمل القطاعات كافة، الاقتصادية والاجتماعية بجانب السياسية».وأضاف أن المشروع الديمقراطي للعاهل المفدى «هدف إلى توسيع نطاق الحريات العامة وتعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية من خلال تعديل مواد الدستور وإصدار العديد من القوانين التي تنظم ممارسة العملية السياسية في البحرين»، موضحاً أن من بين هذه القوانين قانون مباشرة الحقوق السياسية، الذي «نظم المشرع فيه العملية الانتخابية وآلياتها ليكون مدخلاً حقيقياً للتحول الديموقراطي».وأشر إلى أنه «انطلاقاً من مبدأ أن السيادة للشعب، وأنه مصدر السلطات، جسدت العملية الانتخابية التي تم اتباعها طوال الفترة الممتدة من 2001 وحتى اليوم هذا المبدأ من خلال المشاركة الشعبية في إدارة شئون البلاد، حيث تمتعت كافة مكونات وأطياف المجتمع بحق المشاركة في الشؤون العامة والحياة السياسية»، مشدداً أنه «بالرغم من بروز العديد من المعوقات والتحديات، تعد التجربة الانتخابية البحرينية من النماذج السياسية الحديثة على المستوى الإقليمي، وأنها اتسمت بالشفافية والنزاهة وتمثيل الأمة ومشاركة المرأة وانخراط الشباب».وأوضح «أن المجتمع البحريني يواجه بمحاولات من جانب البعض لمنع إيصال الكفاءات لقبة البرلمان»، مرجعاً ذلك إلى ما سماه «الثقافة والتنشئة السياسية لدى هؤلاء بجانب أداء بعض المؤسسات تجاه القضايا البرلمانية»، الأمر الذي دفع الحكومة، فضلا عن الجمعيات السياسية والمدنية والقوى الشعبية لتكثيف نشاطاتها وحملاتها التوعوية «لحث طبقات المجتمع على إدراك أهمية الانتخابات ودورها، وكيف يمكن أن تسهم حرية اختيار الأنسب من الكفاءات والخبرات الوطنية وأصحاب المؤهلات في تطوير التجربة الديمقراطية برمتها».من جانبه، أكد مدير برنامج الدراسات الاستراتيجية بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة د. أشرف محمد كشك أن «حرص البحرين على إجراء الانتخابات البرلمانية للمرة الرابعة يعكس اهتمام العاهل المفدى والحكومة بالعمل ضمن مؤسسات الدولة الدستورية باعتبارها القنوات الشرعية للعمل السياسي على غرار كافة الدول الديمقراطية، وذلك بعيداً عن أي ممارسات أخرى»، مشيراً إلى أن استمرارية الحوار الوطني في كافة مراحلة وبالرغم مما واجهه من تحديات تؤكد «وعي القيادة بأهمية التحاور كأحد أهم آليات المشروع الإصلاحي وإدراكها بضرورة العمل الدائم من أجل التحديث والتطوير لمؤسسات الدولة». وأضاف أن المشاركة في الانتخابات القادمة ستكون كبيرة، مدللاً على ذلك بـ»حجم الترشح الذي تجاوز أعداد المترشحين في الانتخابات السابقة، وإدراك المواطن لأهمية العمل ضمن الأطر الدستورية والقانونية للدولة باعتباره الضمانة لأمن المجتمع، والاستعدادات التي أعلنتها الحكومة الموقرة للترتيب لجولة جديدة من الانتخابات، فضلاً عن الإجراءات الخاصة بضمان حياديتها ونزاهتها».وأشار إلى أن «القضايا الخدمية ستحظى بأولوية متقدمة لدى البرلمان القادم، وأهمها ملفي الإسكان والصحة، فضلاً عن الملف الاقتصادي وبخاصة مشكلة البطالة»، لافتاً إلى أن التحولات والتطورات التي تشهدها منطقة الخليج العربي ستحظى هي الأخرى بأهمية لدى نواب البرلمان الجديد وبخاصة «التحالف الدولي ضد الإرهاب، بالإضافة إلى تطورات الساحة الإقليمية والأوضاع في اليمن وتأثير ذلك كله على أمن المملكة».واعتبر أن من أهم التحديات التي يتوقع أن تواجه المجلس الجديد، التي يتعين العمل من الآن للتعاطي معها، ستتركز في «كيفية تحقيق التوافق حول القضايا التي تلامس احتياجات وهموم المواطنين، وتعدد ملفات السياسة الخارجية التي تحتاج لعمل دائم من اللجان المعنية لمتابعتها، وبلورة رؤية برلمانية بشأنها، ودور الدبلوماسية البرلمانية البحرينية في تعزيز علاقات البحرين على المستويين الإقليمي والعالمي، ناهيك بالطبع عن كيفية ترشيد استخدام الأدوات الرقابية ومنها الاستجوابات التي يجب أن يسبقها الأسئلة وطلبات الإحاطة».وخلص إلى أن البرلمان القادم سيحظى بقوة كبيرة إذا ما تحققت له عدة شروط، منها: «ضرورة أن يدرك النائب أنه ينوب عن مجمل الشعب، وليس نواب دائرته فقط، وأن يكون ملما بكل تفاصيل القضايا التي تهم المواطن سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي حتى تكون المناقشات والاقتراحات سواء داخل لجان البرلمان أو جلساته مثمرة ويشعر بها المواطن، وأن يضع البرلمان أولويات وبرامج محددة يتعين معالجتها وفق خطط زمنية متفق عليها».وتوقع المحلل السياسي إبراهيم مبارك الدوسري أن تحظى الانتخابات المقبلة بنسبة تصويت ومشاركة عالية، مشيراً إلى أن الانتخابات السابقة التي شهدتها المملكة حظيت بنسبة تصويت ومشاركة كبيرة «تجاوزت النسب العالمية التي تتراوح بين 40 إلى 60%، وذلك في إشارة إلى أن نسبة التصويت في البحرين كانت 58% في انتخابات 2002، ونحو 65% عام 2006، و66% عام 2010». وقال إن المملكة «سبقت الكثير من الدول، حيث عرفت نظام الانتخابات الرسمي عام 1922 حينما تم انتخاب أول مجلس بلدي في المنطقة، وكانت الأندية في الخمسينات والستينات تنتخب أعضاء مجالس إدارتها، كما إن الاستفتاء الذي أجرته الأمم المتحدة عام 1971 بشأن الاستقلال كان صورة من الممارسة الديمقراطية».وأكد «أن برلمان 2002 كان أول برلمان منتخب ضمن المشروع الديمقراطي للعاهل المفدى، والذي كان سبباً في تطوير التشريعات الخاصة بالصلاحيات الممنوحة للبرلمان والممارسة الديمقراطية بشكل عام، حيث أصبح من الملائم تعديل هذه الصلاحيات بعد ذلك، ومن المؤكد أن برلمان 2014 سيطالب بالمزيد من الصلاحيات، وهذا أمر طبيعي تبعاً للتطورات السياسية الكبيرة التي تشهدها المملكة»، مضيفاً أن «تجربة الديمقراطية الحديثة في البحرين عمرها 3 دورات برلمانية، ومع استفادة البحرين من تجارب الأمم الديمقراطية والتطورات التي شهدتها تجربتها الديمقراطية سيتبين لنا أن البحرين اختصرت زمنياً الكثير من المراحل، لذا ينتظر أن تشهد هذه التجربة الكثير من الإنجازات خلال الفترة القادمة»، داعياً الناخبين إلى «المساهمة بجانب الدولة في تطوير مشروعها الإصلاحي، وذلك باختيار مرشحيهم في الانتخابات المقبلة على أسس موضوعية وليست شخصية».وأشار الخبير السياسي في معهد البحرين للتنمية السياسية الدكتور «خالد فياض» إلى أن الانتخابات البرلمانية القادمة في المملكة «تمثل تطوراً مهماً في ظل التحديات التي تواجه المنطقة بأسرها، وهو ما يضع التجربة الديمقراطية البحرينية أمام تحد كبير، وذلك حتى تستكمل مسيرتها بنفس السلاسة والسلمية النموذجية التي تعود المجتمع عليها»، لافتاً إلى حجم الإقبال على الترشح، والذي يعكس «الثقة في العملية الديمقراطية برمتها، ما يعد مؤشراً على معدل الإقبال المتوقع من قبل الناخبين، والذين يعول الجميع على وطنيتهم من أجل تطوير التجربة الديمقراطية الوطنية».وتابع قائلاً إن معدلات الإقبال المتوقعة على المشاركة والتصويت في الانتخابات تؤكد «وعي الناخب البحريني برفض محاولات بعض القوى السياسية استلاب إرادته، وأن الوطن أغلى وأسمى لديهم من أي انتماءات أو توازنات سياسية، وأنهم يسعون من خلال مشاركتهم إلى الارتقاء بالعملية الديمقراطية، وإيصال رسالة للعالم أجمع أن البحرين قادرة على أن تكون وطناً يتسع للجميع دون أي تفرقة، مثلما كانت وستظل».وشدد بأن «البرلمان القادم سيكون من أهم البرلمانات، وذلك لعظم المسؤوليات الملقاة على عاتقه، ولكثر القضايا التي ينبغي له مواجهتها بكل قوة ودأب من قبيل: الأمن الوطني وأهمية اتخاذ إجراءات لحماية البحرين من التهديدات التي تواجهها، وضرورة مضاعفة المملكة لجهودها مع شقيقاتها الخليجيات لتحقيق حلم الوحدة، فضلا عن قضية التنمية الاقتصادية والآليات المناسبة التي تسهل من عملية جذب الاستثمارات»، معتبراً أن «حساسية هذه القضايا يضع مسؤولية كبيرة على عاتق أعضاء البرلمان القادم، وفي نفس الوقت يضع مسئولية على عاتق الناخبين الذين يتعين عليهم اختيار النائب الذي لديه القدرة على معالجتها».وأعرب «فياض» عن ثقته في أن البرلمان القادم سيكون الأقوى في تاريخ البحرين، خاصة بعد أن قام المجلس الحالي بدوره في فترة مهمة من تاريخ البحرين، التي شهدت أحداثاً استثنائية دخيلة عليها كانت لها، وما زالت، آثارها الممتدة حتى الآن، لذا فإن المجلس القادم سيكون أكثر قوة وديناميكية للتعامل مع آثار هذه الأحداث، ولعل المؤشر الواضح الآن هو كم عدد المترشحين الذي سيضيف قوة للعملية التنافسية في الانتخابات، وسينتج نائب من طراز فريد»، متمنياً أن «يكون النواب الجدد على قدر المسؤولية التي تقع على عاتقهم».