قالت الصحافية اللبنانية هدى الحسيني إن صحافيين يركبون موجات التشنج الطائفي، ومشكلتهم أنهم يرون ما تتعرض له بلادهم من خوف وتحريض، مضيفة «يجب أن يكون للصحافي الحس التاريخي وبعض من الرؤية للمستقبل، وهذا يصعب الحصول عليه في ظل الضغوط، ويجب أن يكون محمياً من الضغوطات الخارجية، أو الانفعالات ويظل يبحث عن الدقة والحقيقة، والسياسيون يحاولون إخفاء الحقيقة وطمسها والصحفيون يستهويهم الأمر».وأشارت هدى الحسيني، في محاضرة ألقتها في بيت الزايد لتراث البحرين الصحفي تحت عنوان «الصحافة مهنة نبيلة تواجه مخاطر كثيرة»، إلى أن عدم الموضوعية والتشنج يحظى باهتمام خاص وأهمية أكثر من الصحافة الليبرالية الحرة، وأصبح هذا أكثر إنتشاراً مع ظهور وسائل الاتصال الاجتماعي، إضافة إلى منصات على هذه الوسائل تستعمل للتلاعب، والتأثير على الآراء الاجتماعية والسياسية، وهذه المنصات تنشر الكثير من التحيز ولا تكون خاضعة للمساءلة.وأضافت «على الصحافة العربية أن تكون مستقلة وتعددية ومتنوعة، وأن يكون هناك مناخ يحمي حرية الصحافيين والمدونيين»، موضحة «يأتي تطور الصحافة العربية، من خلال تعزيز المفهوم العالي للأخلاق والنزاهة والمصداقية والحيادية، ويجب أن يكون السلوك المهني للصحافة العربية مثالاً يحتذى به ويساعد على بناء مجتمع سليم، وطورت الصحافة العربية مجموعة من المعايير والأخلاق.وناقشت الصحافية هدى الحسيني مبادئ الصحافة وأصول مضامينها التكنيكية في صياغة الخبر وفق معطيات الملفات والقضايا على أرض الواقع، مؤكدة أن «الصحافة وجدت لخدمة الحقيقة، والديمقراطية تعتمد على مواطنين توفرت لهم حقائق موثوق بها، وضعت في سياق زمني معين، والصحافة هي حالة حيوية لا تسعى للحقيقة بالمعنى المطلق أو الفلسفي، مبينة قولها على الناحية العملية» بدءاً من الانضباط المهني في التجميع والتحقق من الوقائع» وصولاً إلى إستدعاء ماهو مفروض بمهنة الصحفي بنقل ماهو موثوق به وما يخضع له من التحقيق، بمعنى أن يكون الصحفي شفافاً بالنسبة إلى مصادره كي يتيح للقارىء فرصة تقييم هذه المعلومات، وحتى في عالم تزداد فيه الأصوات تبقى الدقة هي الأساس الذي يبنى عليه لاًحقاً وتخضع للتفسير والتحليل والنقد، والنقاش حتى يتم استيضاح الحقيقة».وتحدثت عن المؤسسات الصحفية وتجاربها الشخصية مع السلطة الرابعة، وكيفية تحمل الصحفي المسؤولية وممارسته للدقة والمصداقية، والتزامه بحق القارىء، خاصة في لحظة كتابة الخبر، وكما تفصح «الصحفي هو من ينقل الخبر ولا يصنعه».واسترسلت الإعلامية الحسيني في الحديث عن الصحافة البريطانية قائلة «لها قدرة غير عادية لممارسة الرقابة على السلطة، والتأثير على مواقف الرأي العام، وكيفية معالجتها لمواضيع داخلية، وعندما تريد التسويق لموضوع معين نراها كالأوركسترا الواحدة تعزف لنفس القضية، وبالوقت ذاته قطعة موسيقية مختلفة في كل صحيفة، فهناك جمهور موزار، وجمهور بيتهوفن، وجمهور فاغنر، وجمهور البوب، وعندما يتعلق الأمر بالأمن القومي للبلاد تقف كلها صفاً واحداً، ويزول الخطر وتبدأ المحاسبة».وشرحت أنماط الملكية للصحافة في العالم العربي وتقليصها لليبرالية، قائلة «الصحافة تؤثر وتتأثر بالمشهد السياسي، لذلك على الرغم من وجود الإنترنت ومواقع التدوين لا تزال عدة عوامل تحد من تطوير وسائل الإعلام العربي، وتحولها إلى سلطة رابعة وإلى عامل من عوامل التغيير الاجتماعي، وفي الواقع فإن التهمة الموجهة للصحافة في كثير من الأحيان أنها تعطي رأياً بدلاً من المعلومات ويلاحظ ذلك كثيراً عند كتاب الرأي دون تكلفة الكاتب إعطاء معلومة واحدة».وأشارت إلى تجربتها في صحيفة «الشرق الأوسط» التي أمضت عشرين عاماً بها، ومعاصرتها للمجاعات وتغطيتها، والغزو السوفييتي لأفغانستان، إذ كانت رحلاتها محفوفة بالمخاطر، وليس كما هو الحال اليوم، إلى جانب الوهن الإعلامي وتجارة الصحافة الصفراء، ورواجها فالإعلام مرآة يجب أن يكون واجهة للحضارات ومقياسها.ووصفت هدى الحسيني الصحافة بأنها باب للثقة، ومثابرة على الجد والملاحقة وأنها لا تمنح للصحفي الاكتفاء النفسي بل القلق النفسي.