بيروت - (أ ف ب): كثف نظام الرئيس بشار الأسد في الأسابيع الأخيرة عمليات القصف بالبراميل المتفجرة التي تلقيها طائراته يومياً على المدن والبلدات السورية ويقتل فيها المئات، في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام العالم على الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».وفي أقل من أسبوعين، ألقت طائرات نظام الأسد أكثر من 400 برميل متفجر على مناطق خرجت عن سيطرته في محافظات حمص وحماه وإدلب ودرعا واللاذقية والقنيطرة وحلب ودمشق، بحسب ما أظهرت أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال الناشط ياسين أبو رائد متحدثاً من منزله في عندان في محافظة حلب الشمالية «الموت يحاصرنا ولا أحد يكترث. البراميل تقتل من نحب أكثر، وتدمر البيوت والأحلام والذكريات، وتتركنا بلا أمل بأن القتل سيتوقف يوماً». ويضيف «كل هذا يحصل ولم يسمع بنا أحد، ولم يشعر معنا أحد»، مشيراً إلى أن منزله تعرض للقصف بالبراميل المتفجرة 3 مرات، وقد دمر بشكل كامل في الغارة الأخيرة عليه.وتشير أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن البراميل المتفجرة والغارات الأخرى تسببت بمقتل 232 مدنياً على الأقل بينهم 74 طفلاً و48 امراة في الفترة بين 20 أكتوبر وبداية الشهر الجاري.وبدأ النظام السوري بإلقاء البراميل المتفجرة من طائراته أواخر 2012، قبل أن يرفع من وتيرة استخدامها العام الجاري حين تسببت موجة كبيرة من البراميل في فبراير الماضي بمقتل مئات الأشخاص في مناطق متفرقة من سوريا. والبراميل المتفجرة عبارة عن خزانات مياه أو براميل أو اسطوانات غاز يجري حشوها بخليط من المواد المتفجرة والحديد من أجل زيادة قدرتها على التدمير.وألقت مروحيات سورية 4 براميل متفجرة على مخيم للنازحين شمال غرب محافظة إدلب، ما أدى إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة العشرات. ويقول إسماعيل الحسن الذي تطوع للعمل بصفة ممرض في مستشفى ميداني في محافظة إدلب إن العاملين في المستشفى يواجهون صعوبات كبيرة في معالجة الجرحى الذين يصابون بغارات البراميل المتفجرة. وأشار إلى أن «غالبية ضحايا البراميل المتفجرة هم من النساء والأطفال»، مضيفاً أن الجهاز الطبي يعاني من نقص في التجهيزات الأمر الذي يجعل من مسالة معالجة الإصابات الناتجة عن هذه الهجمات أمراً أكثر صعوبة. في موازاة ذلك، يلفت الحسن إلى أنه يعاني هو وزملاء له من أزمات نفسية عميقة بسبب معالجتهم لضحايا البراميل المتفجرة. وتابع «كان علينا في أحد المرات أن نترك طفلاً ليموت، كان يعاني من عدة إصابات، ولم يكن بإمكاننا أن ننقذه». ومثل كثير من السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، يعرب الحسن عن استيائه من تلكؤ الغرب في المساعدة على الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد الذي واجه منتصف مارس 2011 حركة احتجاجية سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح قتل فيه نحو 195 ألف شخص. وأضاف «الجميع في سوريا أدركوا أن لا أحد غير الله يقف إلى جانبنا». وصادق مجلس الأمن الدولي في فبراير الماضي على قرار يدعو كل أطراف النزاع في سوريا إلى وقف الهجمات التي تستهدف المدنيين، مشيراً على وجه الخصوص إلى استخدام البراميل المتفجرة.وتنفي من جهتها حكومة الأسد استخدام سلاح البراميل المتفجرة، وتكتفي بالقول إنها تستهدف «الإرهابيين».ووجهت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» انتقادات متكررة إلى دمشق حيال استخدامها «غير القانوني» لهذه البراميل، معتبرة أنه ليس هناك من جهد دولي حقيقي لمحاسبة حكومة الأسد.وتقول الباحثة في المنظمة لمى فقيه إنه «بينما تنصب الجهود الدولية على وقف انتهاكات تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي المتطرف، فإنه ليس هناك في المقابل من جهد دولي للحد من انتهاكات الحكومة السورية، بما فيها الهجمات ضد المدنيين». ولفت من جهته مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى أن «عدد الغارات الجوية التي ينفذها النظام وتشمل إلقاء البراميل المتفجرة مهول، وقد تكثفت الغارات في الفترة الأخيرة».وذكر أنه إلى جانب غارات البراميل المتفجرة، فإن الطيران السوري نفذ 472 غارة في أقل من أسبوعين، متهماً دمشق بأنها «تستغل» التركيز الدولي على محاربة «داعش» من أجل تكثيف هجماتها على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وترى من جهتها المعارضة السورية أن توجيه الانتقادات إلى دمشق لا يكفي.