رام الله - (أ ف ب): بعد مرور عشر سنوات على رحيله، ما يزال الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات رمزاً وطنياً، وشهيداً لقضية بلاده، وبطلاً بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي ينتظر الحصول على دولته المستقلة.ورغم حصول خلفه، رئيس وزرائه السابق محمود عباس على وضع دولة مراقب في الأمم المتحدة، فإن الفلسطينيين ما زالوا ينتظرون دولتهم المستقلة بعد 66 عاما على قيام إسرائيل.وتوفي عرفات في 11 نوفمبر 2004 في مستشفى عسكري فرنسي، تاركاً سلطة فلسطينية أصابها الوهن، فهي كيان ليس له سلطات واضحة وكان من المفترض أن يزول عام 1999 مع إقامة دولة فلسطينية.ويقول خافيير أبو عيد وهو متحدث باسم منظمة التحرير الفلسطينية إن «عرفات كان أول من اتخذ القرار المؤلم بالاعتراف بحدود عام 1967، والتخلي عن 78% من فلسطين التاريخية وتمهيد الطريق أمام التعايش».لكن منذ عام 2000 وفشل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، فإن عملية السلام تبدو متعثرة مع تسريع إسرائيل لأنشطتها الاستيطانية في الأراضي المحتلة بينما يشترط الفلسطينيون تجميد الاستيطان قبل العودة إلى طاولة المفاوضات.ويضيف «في عام 2004، قالت إسرائيل إن العائق أمام السلام زال مع وفاة عرفات وتعهدت العمل مع الرئيس الجديد. لكن بعد عدة أشهر، قاموا بالانسحاب من غزة في قرار أحادي الجانب دون أي تنسيق» مع محمود عباس. و أكد أن إسرائيل «تتجاهل» عباس.ويوضح ناثان براون، وهو باحث أول غير مقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط أن عباس خلف عرفات «كرئيس لفتح والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لكنها أصبحت منظمات أقل حضوراً مما كانت عليه».ويشرح الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار أن أبو عمار، الاسم الحركي لعرفات، «مارس سلطته ولكنه فشل في بناء المنظمات والتخطيط للمستقبل».وتابع «كان رجلاً ثورياً لكنه لم يكن رجل دولة، كان جيداً في العمل والتواصل ولكن ليس للتفكير الاستراتيجي».واليوم، بحسب بيطار فإن»فلسطين حبيسة اتفاقيات سيئة للغاية فاوض عليها عرفات من منفاه في تونس، ورغب في استعادة موطىء قدم في فلسطين. وقدم الكثير من التنازلات دون الحصول على ضمانات حول وقف الاستيطان أو إنهاء الاحتلال. لم يحصل سوى على وعود بقيت دون تنفيذ».وعلاوة على ذلك، فان اتفاقيات أوسلو للحكم الذاتي عام 1993 التي حددت أفقاً زمنياً لإقامة دولة فلسطينية «أدت إلى تراجع جاذبيته بسبب فشله في الحصول على الدولة وصمته عن الفساد المستشري حوله».وبعد 10 أعوام على وفاته، ما يزال الفلسطينيون يدينون الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية ويحاولون تحديد سقف زمني لإقامة دولة على حدود عام 1967.وأعلنوا أنهم سيتوجهون في نوفمبر الجاري إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاستصدار قرار بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في أقل من عامين، ومن المتوقع أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض لمنع صدور هذا القرار.وبعيداً عن المعارك على الساحة الدبلوماسية، فإن عباس، زعيم حركة فتح التي تأسست أواخر الخمسينيات، عليه التعامل مع الأزمات الداخلية والانقسامات على الساحة السياسة وأوضح بيطار أن «عرفات يجسد الوطنية العلمانية التي خسرت الكثير من الأراضي ما أدى تدريجياً إلى تقدم أسلمة القضية الفلسطينية».ويتفق الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة على أن الانقسام بين حركتي فتح وحماس لم يكن ليحدث إبان زمن عرفات.وطردت حركة حماس فتح من غزة إثر اشتباكات دامية في عام 2007. لكنهما قامتا في أبريل الماضي بتوقيع اتفاق مصالحة وطنية بهدف إصلاح العلاقات بينهما.وقال براون «حتى حركة حماس تحترم ذكراه». وستسمح الحركة هذا العام بإحياء ذكرى وفاة عرفات في غزة للمرة الأولى منذ سيطرتها على قطاع غزة.وأضاف «كان قائداً لفتح بالتأكيد لكنه كان أيضاً رمزاً وطنياً، ينظر إليه الآن كشهيد القضية».ولم تعرف حتى الآن أسباب وفاة عرفات الذي توفي عن 75 عاماً في 11 نوفمبر 2004 في مستشفى بيرسي دو كلامار العسكري الفرنسي قرب باريس بعد تدهور مفاجىء في صحته، إثر معاناة من الألم في الأمعاء من دون حمى بينما كان في مقره برام الله حيث حاصره الجيش الإسرائيلي منذ ديسمبر 2001. وصدر العام الماضي تقرير رجح فيه خبراء سويسريون أن عرفات توفي مسموماً بمادة البولونيوم.وقال أبو عيد إن عرفات تمكن «من إبلاغ رسالة سمعت أصداؤها في مخيمات اللاجئين في لبنان حتى الفلسطينيين في تشيلي، مروراً بالضفة الغربية وغزة».وبحسب براون، ينظر إلى عرفات على «أنه لم يستسلم وقام بتكريس حياته للقضية» الفلسطينية.