خلص المشاركون في الجلسة الأولى لأعمال الملتقى الخليجي الثالث للتخطيط الاستراتيجي أمس إلى أن الخليج العربي هو أحوج حالياً للاتحاد لمواجهة المخاطر والتهديدات الإقليمية، مرجحين أن يكون الاتحاد وفق نموذج «الاتحاد الأوروبي»، قبل أن يؤكدوا أن المجتمع المدني يلعب دوراً رئيساً في مواجهة التحديات. ودعوا، خلال الجلسة التي خصصت للحديث عن محور «دور الحكومات في وضع الخطط الإقليمية»، إلى «تطوير منظومة أمنية موحدة تحت مظلة واحدة، وتقوية التوازن الخليجي العسكري لمواجهة أطماع إيران». وقال عضو مجلس شورى سابق بالمملكة العربية السعودية د.فهد الحارثي إن «دور التخطيط يتمثل في استظهار الأهداف وتحقيقها، والمعرفة التامة بأوجه القوة والضعف، لذا لابد من توفر النية الصادقة في الإنجاز». وأضاف أن «الاستراتيجية هي عقل يوضح الواقع ويستشرف المستقبل بدرجة من الإنصاف لتحقيق النجاح وعدم الوقوع في الفشل، واليوم الخليج هو أحوج اليوم للاتحاد لمواجهة المخاطر والتهديدات الإقليمية»، مرجحاً أن «يكون نموذج الاتحاد الخليجي كالاتحاد الأوروبي».من جهته قال رئيس تحرير جريدة العرب اللندنية عبدالعزيز الخميس،: «للأسف لم نصل إلى حلم الاتحاد الخليجي والذي انطق منذ ثمانينيات العصر الماضي، وعلى الصعيد الاقتصادي لم تستطع أغلب دول الخليج الخروج عن النفط كمصدر رئيس للدخل، ولم يتحقق السوق الخليجي المشترك وغيرها من المشاريع المشتركة». وأكد أن «دول الخليج مستهدفة من قبل الجمعات المتطرفة في الفترة الحالية، ما دعا الجهات الأمنية في دول الخليج إلى تحركا جماعيا لصد هذا الاستهداف»، موضحاً أن «هذا هو الطريق الصحيح نحو التكاتف وتحقيق الاتحاد، ولابد من تطوير منظومة أمنية موحدة تحت مظلة واحدة، ولابد من تقوية التوازن الخليجي العسكري لمواجهة أطماع إيران.بدورها أكدت رئيسة الجمعية البحرينية للتخطيط الاستراتيجي د.هالة صليبيخ أن «مؤسسات المجتمع لها دور رئيس في مواجهة التحديات قبل الحكومات، وهو ما يدفع الدولة لاتخاذ الإجراءات المناسبة بل وتسّهل عليه ذلك»، مشددة على «أهمية انتشار مراكز الدراسات والبحوث المستقلة القادرة على توصيف الواقع وأن تكون قادرة على ترجمة الواقع في هذه الدراسات».وذكرت أن «على مؤسسات المجتمع المدني تحمل مسؤولياتها لسد الفراغ في الشارع الحاصل بين الجهات التنفيذية والأفراد، ولابد من مراجعة التشريعات وجعلها تتواكب مع أحداث الساحة». وأشارت إلى أن «هنالك أثراً طيباً من اللجان المشتركة العاملة في مجلس التعاون الخليجي من بينها الشراء الموحد للأدوية، لذا لا بد من تقييم دوري لهذه اللجان لتكون منتجه أكثر». أدار الجلسة د. ظافر العجمي.الجلسة الثانية:قال المتحدثون في الجلسة الثانية لأعمال الملتقى الخليجي الثالث للتخطيط الاستراتيجي إن جميع إنتاجات المراكز الفكرية الغربية أثناء الأزمة في البحرين كانت تتبع سياسة أمريكا، في ظل غياب أي مركز مستقل، إذ إن 60% إلى 90% من هذه المراكز تتلقى دعما حكوميا مباشرا، مشيرين إلى أن صورة للشرق الأوسط الجديد التي ابتكرتها واشنطن فشلت في البحرين، بعد أن أوقفت المنامة لعبة الدومينو الأمريكية. وأضاف المتحدثون، خلال الجلسة التي تناولت محور «دور مراكز الأبحاث في تعزيز الخطط الإقليمية»، أن «1860 مركزاً فكرياً في أمريكا كانت تصب إنتاجاتها في صالح تطبيق القوة الناعمة لإيصال هدف معين للرأي العام». وأشاروا إلى أن «هناك بوادر إيجابية أن تنتقل منظومة مجلس التعاون إلى منظومة علمية تقوم على أسس عالمية»، موضحين أن «70% من مراكز الدراسات والبحوث الأمنية في العالم و30% من الخليج متآمرة على العوائل الحاكمة والأنظمة في الخليج».وقال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية د. أنور عشقي، إن الأنظمة التي لا تستطيع التخلص من الفساد لا تستطيع الصمود أمام التحديات الراهنة في المنطقة، لذا اتجهت الأنظمة في المنطقة والخليج إلى أنظمة حكم يشارك فيها المواطن في صياغة مستقبل وطنه.وأكد أن العالم العربي يسير نحو أمل جديد كما حدث في مصر والسعودية، حيث صرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بأهمية حماية الأمن القومي العربي كهدف استراتيجي اليوم لمواجهة التهديدات والأطماع، واتفقت السعودية ومصر على أن تولي مصر اهتمامها بالجانب الغربي للدول العربية وأن تولي السعودية اهتمامها بالجانب الشرقي للدول العربية.وقال المدير التنفيذي لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» د. خالد الرويحي، إن مفهوم القوة الناعمة مصطلح جديد نشأ بعد الحرب الباردة، مشيراً إلى أن هناك 1860 مركزاً فكرياً في أمريكا، وهي تصب في القوة الناعمة، لإيصال هدف معين للرأي العام. وأضاف: «أثناء الأزمة في البحرين قمنا برصد إنتاجات المراكز الفكرية الغربية جميعها، وكانت تتبع سياسة واحدة، هي سياسة أمريكا، ولا يوجد مركز مستقل على الرغم من أنهم يعتبرون أنفسهم مستقلون، ورصدنا أنهم يتلقون الدعم الحكومي، ونسبتها تتراوح ما بين 60% إلى 90%».وتحدث عن «الفوضى الخلاقة»، مبيناً أن هذه نظرية فيزيائية رياضية بسيطة جداً في مفهوماً، وهي كيف تستطيع جهة ما التحكم في منظومة معينة من خلال التحكم في العناصر أو العوامل الأولية لهذه المنظومة، من خلال بعض التطبيقات مع ضمان المنتج.وأشار إلى أنه تم تسريب صورة للشرق الأوسط الجديد في العام 2002، ولا يعتقد أنها سربت من قبل الإدارة الأمريكية، ولكنها وزعت من تحت الطاولة، وهذه الخارطة هي تماماً ما يحصل حالياً، وهي نفس الخارطة، ولكنها فشلت في البحرين، إذ فشلت لعبة الدومينو في البحرين. وأكد أن المراكز الفكرية دورها أكبر من توقعات الشعوب.وقال إن 70% من مراكز الدراسات والبحوث الأمنية في العالم و30% من الخليج متآمرة على العوائل الحاكمة والأنظمة في الخليج.من جانبه قال رئيس تحرير صحيفة الوسط منصور الجمري «هنالك تناقض بين ممارسة العلاقات العامة في دولنا والواقع والتطوير وما تقوم به مراكز الدراسات والبحوث، والوضع الإقليمي يجعلنا نعيش الآن في فترة صعبة نخلط فيها بين الأمور».وأضاف في ورقته: «نحن بحاجة إلى أسس تطبيقية تسير عليها المؤسسات البحثية في الخليج ككل لأنها دول قريبة من بعضها البعض». ونفى ما يقال حول نظرية المؤامرة على المسلمين، مشيراً أن العالم ليس متفرغ للمؤامرة، بل متجه لتطوير وتنمية نفسه واقتصاده، والدليل أن القاتل والمقتول في أغلب الأعمال الإرهابية من المسلمين.وأكد رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية د. عمر الحسن أهمية المؤسسات والمراكز البحثية، ودورها في تعزيز الخطط الإقليمية.وذكر أن الدول الأجنبية تولي اهتماماً بالغاً في رصد موازنات ضخمة لمراكز الدراسات والبحوث، بينما نرى العكس في الدول العربية.وأكد أن الكثير من المراكز البحثية تغلب عليها الرؤية الأمنية على الرؤية السياسية، وهي مسيسة وتسيطر عليها أيدولوجيات مسبقة، لذا تضعف مصداقيتها.أدار الجلسة الإعلامي علي حسين.الجلسة الثالثة:اقترح مشاركون في الجلسة الثالثة لأعمال الملتقى الخليجي الثالث للتخطيط الاستراتيجي تفعيل دور رأي الأفراد بصياغة الاستراتيجيات وصنع القرار في الخليج عبر موقع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، والمؤسسات الاجتماعية التي تمثل الأفراد بصورة مباشرة.ودعا المشاركون، خلال الجلسة التي تناولت محور «دور الأفراد في دعم الخطط الإقليمية»، إلى «إنشاء مظلة تجمع الباحثين للتباحث وتقديم الرؤى المشتركة حول القضايا المختلفة، ما يسهم في رسم استراتيجيات الدول». وقال المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج د. ظافر العجمي إن «دور الأفراد يأتي على شكل مجموعات حوارية، وتتبلور هذا اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أنه «بدون قنوات ديمقراطية من الصعب أن يكون للفرد رأي في التخطيط الاستراتيجي». وأضاف أن «في المجتمعات الديمقراطية يقوم الشعب بطرح قضية مهمة بالنسبة إليه عبر جمع تواقيع وتحقيق نصاب محدد يجبر من خلاله البرلمان بطرح هذه القضية وتداولها واتخاذ قرار بشأنها».من جانبه قال، المدير التنفيذي لشؤون السياسة والاتصال في ديوان ولي العهد عيسى عبدالرحمن: «نأمل أن يستغل هذا الملتقى لتحويل الاستراتيجيات إلى واقع عملي، وذلك لضمان الاستدامة للمصادر الطبيعية وحسن استغلالها، والمنافسة وتتركز على تنمية الاقتصاد». وأكد في ورقته «أهمية تفعيل دور الفرد الخليجي في التخطيط، فالتخطيط الاستراتيجي بحد ذاته بحاجة لعوامل مساعدة»، لافتاً إلى أنه «في الدول الغربية لا يتم اتخاذ قرار في قضية مصيرية دون الرجوع إلى الرأي العام».وأضاف: «يجب تفعيل دور رأي الأفراد في الخليج عبر موقع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، كما إن هنالك المؤسسات الاجتماعية يمكن الاستماع إليها وهي تمثل الأفراد بصورة مباشرة، ولابد أن يشعر الفرد أنه تم الاستماع لرأيه، وليس من المعيب التراجع عن القرارات التي لا تتناسب مع متطلبات أفراد المجتمع». وأكد أستاذ الأدب المساعد بجامعة أم القرى المشرف على حساب شؤون إيرانية محمد السلمي أن «دور الأفراد لا يقل أهمية عن الدور الرسمي، بل قد يكون في وقتنا الحالي ناقل سريع للرسائل الغير رسمية خصوصاً مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي».ودعا إلى «إنشاء مظلة تجمع الباحثين للتباحث وتقديم الرؤى المشتركة حول القضايا المختلفة، ويسهم في رسم استراتيجيات الدول»، مشيرا إلى أن «غياب الشفافية في صياغة الاستراتيجية يفتح الباب أمام انتشار الشائعات».أدارت الجلسة الإعلامية إيمان مرهون.