"مصر اصبحت اخوان مسلمين ومصريين". هكذا يلخص محمود بدر مؤسس حركة "تمرد" المعارضة التي تطالب برحيل الرئيس الاسلامي محمد مرسي وسط مخاوف من ان يؤدي الانقسام المتزايد الى اعمال عنف جديدة في البلاد.وانطلقت حركة تمرد المعارضة للرئيس مرسي ولجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها في ايار/مايو الماضي لجمع تواقيع من المواطنين لسحب الثقة منه واجراء انتخابات رئاسية مبكرة.ودعت الحركة التي التفت المعارضة المصرية حولها وفي مقدمتها جبهة الانقاذ الوطني، الى التظاهر امام قصر الرئاسة في الثلاثين من حزيران/يونيو الجاري بمناسبة مرور عام على توليه السلطة. واستطاع الشباب الذين اطلقوا حملة تمرد ان ينشروا دعوتهم في مختلف انحاء البلاد بدءا من محطات المترو وحتى القرى البعيدة عن العاصمة القاهرة.وابرزت الحركة تصاعد الاحتقان بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه.وجاءت دعوة حركة تمرد الى الانتخابات الرئاسية المبكرة في وقت تفاقمت فيه الازمة الاقتصادية ما انعكس شحا في الوقود وانقطاعا متكررا للكهرباء وارتفاعا في اسعار السلع الاساسية نتيجة زيادة التضخم الذي بلغ معدله السنوي في ايار/مايو الماضي 8،2 بالمئة.واعلنت حركة تمرد جمعها 15 مليون استمارة لسحب الثقة من مرسي واعتبرت ان مؤيديها يزيدون بذلك عن عدد المصريين التي اعطوا اصواتهم للرئيس مرسي في انتخابات الرئاسة قبل عام (13 مليون صوت). لكن الرئيس السابق لمجلس الدولة المصري محمد حامد، قال لوكالة فرانس برس ان "جمع توقيعات معارضة او مؤيدة للرئيس ليس لها اي اثر قانوني الزامي. كلاهما يمثلان ضغطا سياسيا لا اكثر".ويقول مؤسس حركة تمرد محمود بدر لفرانس برس "اسسنا تمرد بعد ان فشل مرسي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وبعد فشله في تحقيق اهداف الثورة".واضاف بدر فيما باشر زملاؤه جمع توقيعات تمرد من مواطنين في المترو "تمرد لم تخلق الاستقطاب. الاستقطاب موجود قبل تمرد بكثير. تمرد جمعت ووحدت كل اطياف المصريين خلف فكرة اسقاط مرسي".ويقول التاجر اسماعيل عمر "انا صوتت لمرسي في الانتخابات الرئاسية لكنني وقعت على تمرد لانه لم يفي بوعوده لنا"، معبرا بذلك عن الاحباط الذي يشعر به العديد من المصريين من اداء الرئيس المصري في عامه الاول.واعلنت حركة تمرد عن سيناريو يعقب اسقاطها لمرسي يتمثل في تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة البلاد مع وتشكيل حكومة تكنوقراط تتولي السلطة لحين اجراء انتخابات رئاسية مبكرة.ويخشى محللون من ان تؤدي تظاهرات المعارضة الى اعمال عنف بين المعارضين والمؤيدين لمرسي.وقال احمد عبد ربه استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة "اذا حدثت فوضى" في البلاد نهاية الشهر الجاري فان ذلك "قد يكون ايذانا بنهاية الديموقراطية".وتوقع في هذه الحالة احد سيناريوهين وهما "اسقاط مرسي وتولي الجيش الحكم او تكريس فاشية اسلامية لا يمكن معارضتها في حال فشلت المعارضة في اسقاط الرئيس".في المقابل، التفت القوى الاسلامية المؤيدة لمرسي حول حملة تجرد والتي تجمع توقيعات مؤيدة له للتاكيد على شرعية الرئيس وان كانت لم تنتشر على الارض بنفس انتشار تمرد مقتصرة على تجمعات الاسلاميين.وقال مؤسس حركة تجرد عاصم عبد الماجد وهو قيادي بالجماعة الاسلامية، في مؤتمر صحافي ان "تمرد هي التي خلقت الاحتقان في الشارع. مسالة خلع الرئيس خلقت كل هذا الاستقطاب الحاد". ولم تعلن جماعة الاخوان المسلمين او حلفاؤها الاسلاميون حتى اللحظة نيتهم التظاهر نهاية الشهر، لكنها دفعت بعشرات الالاف من انصارها الجمعة الفائتة في تظاهرة حاشدة لتاييد مرسي باعثة برسالة للمعارضة انها ايضا لها وجود قوي على الارض.واتخذ الاستقطاب السياسي في مصر بعدا دينيا في الاونة الاخيرة. ووصف القيادي السلفي محمد عبد المقصود في مؤتمر جماهيري قبل اسبوع بحضور مرسي المتظاهرين المعارضين "بالكافرين".وقال "اسال الله ان ينصر الاسلام وان يجعل يوم الثلاثين من يونيو يوم عز للاسلام والمسلمين وكسر لشوكة الكافرين والمنافقين.. اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم"، وهو ما لم يعلق عليه مرسي وتجاوب معه الالاف من انصاره بالتصفيق والهتاف.لكن مؤسسة الازهر ردت في بيان مؤكدة ان "المعارضةَ السلمية لولي الأمر الشرعي جائزة ومباحة شرعا ولا علاقة لها بالإيمان والكفر".وتقول مي مجيب استاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان "الوضع بالمعطيات الحالية كارثي (...) الازمة اصبحت ازمة وجود بالنسبة للمعارضين في مقابل ازمة نصرة للدين بالنسبة لمؤيدي الرئيس".واضافت مجيب ان "كل ما يخرج عن النظام الحاكم والمؤسسات الحزبية التابعة له والمعارضة يؤدي الي الاستقطاب بشكل او باخر".وتابعت ان "المواجهات اذا لم تندلع يوم 30 حزيران/يونيو ستندلع لاحقا لان الاستقطاب موجود طوال الوقت وينتظر فقط اي حدث يشعله".وخلال الاسبوع الاخير تصاعد التوتر ووقعت اشتباكات متفرقة في اكثر من محافظة خصوصا في دلتا النيل (شمال) بين المؤيدين والمعارضين لمرسي الذين تبادلوا الاتهامات بالمسؤولية عن اندلاع العنف.