كتبت ـ عايدة البلوشي: بعد أن كان الانتماء المذهبي أو العائلي المعيار الوحيد لاختيار المترشحين للانتخابات النيابية، تغير الحال اليوم عقب 3 تجارب برلمانية، وتقدم معيار الكفاءة والخبرة مسنوداً بوعي الناخب.سياسيون ومواطنون استطلعت «الوطن» آراءهم قالوا إن محدد المذهب مازال موجوداً، لكنه لم يعد المعيار الأوحد بل تراجع لصالح معايير تفضيلية أخرى، تحقق مصلحة الوطن العليا دون أن تقفز على المصالح الشخصية.وأجمع هؤلاء أن الناخب ملّ من وعود مترشحين لا تجد طريقها للتنفيذ على أرض الواقع، وأن ناخب اليوم بات واعياً لمتطلبات المرحلة، فبعد 3 تجارب انتخابية أدرك أن التغيير يبدأ من المواطن أولاً وعند صندوق الاقتراع. وأعرب المواطن عبدالله علي (50 عاماً) من سكنة المحافظة الجنوبية، عن اعتقاده أن الناخب البحريني بعد خوض 3 تجارب برلمانية سابقة أعوام 2002 و2006 و2010، أصبح أكثر وعياً وإدراكاً لمن يمثله في المجلس النيابي.وقال إن معايير اختيار المترشح اختلفت عن السابق، من تفضيل الانتماء الديني أو المذهبي، إلى تقديم عنصر الكفاءة والخبرة، ومدى استطاعة المترشح على طرح قضايا المواطن البسيط.وأضاف أن الناخب أمامه عدة أسماء وله حق الاحتيار والمفاضلة بينها، مؤكداً أنه يعتزم المشاركة في الاقتراع، وانتخاب الشخص الكفء في دائرته، دون النظر لانتمائه لجمعية سياسية أو طائفة بعينها، أو غيرها من الاعتبارات المماثلة.من جانبها، أكدت الشابة مريم محمد من أهالي محافظة المحرق، أن المشاركة في الانتخابات واجب وحق لجميع المواطنين ممن ينطبق عليهم الشروط، داعية الناخبين البحريني إلى حسن اختيار ممثليهم.وقالت «الاختيار السليم للمترشح، يسهم في حلحلة الكثير من القضايا الاجتماعية والإسكانية والخدمية، أما الاختيار تبعاً للانتماء المذهبي أو العائلة أو الدين، فذلك يضر بالناخب نفسه أولاً وبعموم أهالي الدائرة ثانياً». وأعرب عن اعتقادها أن وعي الناخب ارتفع اليوم بحكم التجربة والواقع، مضيفة «كانت لدى المواطنين آمال وأحلام أن المجلس النيابي سيغير من واقعه، ويحقق بعضاً من مطالبه».واستدركت «لكن مع الأسف الشديد بعض النواب كانوا مجرد أسماء يظهرون للبهرجة الإعلامية، لا يردون على الهاتف، وهي في الحقيقة ظاهرة طغت على كثير من الدوائر بجميع المحافظات، لذلك فالناخب عاش في صراع بين مطالبه وواقعه، واليوم سيختار وفقاً لمعايير صحيحة وجديدة». بدوره قال المواطن حسن علي، إنه قرر في البداية ألا يشارك في الانتخابات نتيجة الإحباط من أداء النواب، مستدركاً «لكن بعد أن راجعت نفسي رأيت أن قراري لم يكن صائباً، فسواء شاركت أم لا هناك من يمثلنا في المجلس، فالمشاركة أفضل ونستطيع أن نصنع التغيير بأنفسنا، ولو أن كل شخص اختار مترشحه بناء على معايير سليمة لا تعتمد على الطائفة والعائلة أو صلة القرابة، لكان أعضاء المجلس أفضل». وأضاف أن الوعي لدى الناخب البحريني ارتفع خاصة بصفوف الشباب، مستدركاً «هذا لا يعني عدم وجود أشخاص يختارون ممثليهم وفق معايير المذهب والعائلة أو صلة القرابة». وأردف «شخصياً قررت أن أختار ممثلي للمجلس النيابي استناداً لمعيار الكفاءة من قائمة المترشحين المتاحة في الدائرة، ولكن إن وجد من بين المترشحين من يمت لي بصلة قربة سأختاره، على مبدأ (إللي تعرفه أفضل من إللي ما تعرفه)، لأني إذا اخترت قريباً سيحاول على أقل تقدير تحقيق مطالبي». وعلقت الشابة إيمان إسماعيل «هناك وعي من قبل المواطنين بصورة أكبر مقارنة بالتجربة الانتخابية السابقة، خاصة بعد ما رآه الناس من أداء النواب بالمجلس السابق». وأضافت «هذا الوعي لم يصل لمستوى الطموح، بمعنى أننا بحاجة إلى توعية المواطنين بصورة أفضل»، داعية إلى تنظيم ندوات ومحاضرات قبل الانتخابات لتوعية المواطنين بالمعايير الصحيحة لاختيار المترشح. وأكد رئيس الهيئة المركزية بتجمع الوحدة الوطنية عبدالله الحويحي، أن معيار اختيار المترشح اختلف من أول تجربة برلمانية سنة 2002 إلى الانتخابات الحالية 2014، مضيفاً «في تجربتي 2002 و2006 كان العامل الديني هو معيار الاختيار لدى كثير من الناخبين، ولكن اليوم حصل نوع من التحول في فهم الناخب، وأدرك أن العامل الديني والمذهبي ليس المعيار الأفضل، ما أعطى فرصة للمترشحين الآخرين في خوض تجربة المعترك السياسي».وأعرب الحويحي عن اعتقاده أن هناك نتائج أفضل في عملية اختيار المترشح من قبل الناخب، رغم أن العامل الديني لم ينته، وهو أحد عوامل اختيار المترشح، مستدركاً «لكن بدأت الناس تدرك أهمية الاختيار الصحيح، وهناك شريحة تعي من تختار وأخذت بمعيار الكفاءة ومدى استطاعة المترشح وقدرته على تحقيق مطالب الشعب».وأردف «نستطيع القول إن دائرة الفهم والوعي اتسعت لدى المجتمع البحريني، خاصة أن المترشح لا يمثل دائرته فحسب، إنما الشعب البحريني بأكمله».ولاحظ عضو جمعية الوسط العربي الإسلامي أحمد البنعلي، أن مستوى الوعي لدى الناخب البحريني ارتفع فيما يتعلق باختيار من يمثله في البرلمان، خاصة مع تجارب خاضها في السنوات السابقة وأداء النواب داخل البرلمان. وأكد أن الناخب بات أكثر وعياً حيال معايير اختيار المترشح، رغم وجود أصوات تنادي بعدم المشاركة في الانتخابات بحجة أن أعضاء المجلس لم يغيروا شيئاً.وقال إن الناخب بيده التغيير ، مضيفاً «المسؤولية اليوم تقع على عاتق الناخب وعليه أن يحسن الاختيار هذه المرة، والتصويت لمن يستطيع إيصال صوته إلى الجهات المختصة، ويحقق مطالبه ويسعى لخدمة أهل دائرته والشعب البحريني بأكمله».وأعرب البنعلي عن أمله أن يحسن الناخب اختيار ممثله للمجلس النيابي، متمنياً على المترشح أن يقدم مصالح الناس وقضاياهم ويطرحها في مداولات المجلس النيابي. من جانبه، قال عضو جمعية الحوار الوطني حمد النعيمي «مع التجارب الانتخابية ارتفع وعي المواطن البحريني في مسألة اختيار المترشح، فالناس أدركت السياسة ودور الجمعيات السياسية، إذ استغل بعضها المواطن الفقير في كسب صوته مقابل تقديم مساعدات آنية». وأضاف النعيمي أنه مع ارتفاع أعداد المترشحين، يتوجب على الناخب حسن الاختيار لمن يمثله في البرلمان، حتى لا يدخل المجلس سوى أشخاص يستحقون لقب «النائب».