قال سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر «لقد آن الأوان أن يحدد مجلس التعاون دوره وموقعه في الخارطة السياسية للإقليم بناء على مكانة دوله الاستراتيجية ومقدراتها ومصالحها المشتركة. فالدول الكبرى لا تنتظر، ولا تصغي للمناشدات الأخلاقية. وهي كما يبدو تتعامل بلغة المصالح فقط، ومع من يثبت قوته على الأرض في الإقليم».ودعا أمير قطر، خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الخامسة والثلاثين للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس في فندق شيراتون الدوحة بمشاركة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، إلى مواجهة الإرهاب وتجنيب المجتمعات العربية آفة التطرف بالوقاية قبل العلاج، مضيفاً أن «الشباب الذين ينجذبون إليه لا يولدون متطرفين، ولا الإرهاب صفة تميز ديناً بعينه أو حضارة بعينها. والوقاية تكون بمعالجة الأسباب المتمثلة بنقص المناعة، وبتقليل احتمالات انتشار العدوى، قبل استفحال المرض».وأشار إلى أن الأوضاع الراهنة في العديد من الدول العربية الشقيقة في ليبيا واليمن والعراق تفرض ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية من أجل مساعدة تلك الدول على تجاوز الظروف الراهنة. ونأمل أن تتوافق الحكومات والقوى السياسية في تلك الدول على مصالحات وطنية تضع حداً لأعمال العنف وتلبي تطلعات الشعوب في الأمن والاستقرار.وفيما يخص فلسطين، دعا الشيخ تميم المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل من أجل الإذعان لقرارات الشرعية الدولية.ودعا أمير قطر إلى «التعاون لتجاوز الظروف الراهنة في كل من ليبيا واليمن والعراق».وبخصوص سوريا، وصف أمير قطر الحالة السورية بأنها «تزداد سوءاً»، معتبراً أن «من أسباب تفاقمها غياب رؤية واضحة لحل الأزمة لدى القوى المؤثرة»، وفي هذا السياق دعا الشيخ تميم مجلس الأمن «لاتخاذ القرار اللازم لوقف ما يرتكبه النظام السوري».وعن الملف الإيراني، أكد أمير قطر على «أهمية حل الخلافات مع إيران بالطرف الدبلوماسية».وفي موضوع الخلافات الخليجية دعا أمير قطر إلى عدم الانشغال بـ «خلافات جانبية»، مشدداً على أن «الظروف الإقليمية والدولية بالغة التعقيد، وتضعنا أمام مسؤوليات جسام».كما دعا إلى أن لا تتحول الخلافات السياسية إلى «خلافات تمس قطاعات اجتماعية واقتصادية وإعلامية وغيرها».من جهته، دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي ترأست بلاده العمل الخليجي خلال السنة الماضية، إلى التعاون الاقتصادي في مواجهة تداعيات انخفاض أسعار النفط.وقال الشيخ صباح إن انخفاض أسعار النفط بنسبة 40% منذ يونيو الماضي بات «يؤثر على مداخيل دولنا وبرامجنا التنموية».وأضاف «مدعوون اليوم إلى تعزيز مسيرة عملنا الاقتصادي المشترك والتأكيد على ضرورة تنفيذ مجموعة من القرارات المهمة، كالاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس، لنتمكن من مواجهة آثار التحديات» بما «يمكننا من الصمود في مواجهة أي تطورات سلبية يمكن أن تطرأ على واقعنا الاقتصادي».وطالب أمير الكويت بتشكيل لجنة رفيعة المستوى تضم خبراء اختصاصيين ومن ذوي الخبرة تتولى استكمال دراسة موضوع الاتحاد من مختلف جوانبه بكل تأني وروية وترفع مرئياتها ومقترحاتها بالصيغة المثلى للاتحاد إلى المجلس الوزاري ومن ثم ترفع للمجلس الأعلى.وانطلقت أمس القمة الخليجية بكلمة ألقاها شاب وشابة من قطر باسم شباب دول الخليج دعوا خلالها إلى الاهتمام بالشباب الخليجي والاعتماد عليهم كونهم مستقبل المنطقة ويشكلون 60% من تعداد السكان.من جهته قال الأمين العام المساعد لمجلس التعاون الخليجي لشؤون المفاوضات والحوار الاستراتيجي عبد العزيز حمد العويشق إن كان هناك جواً من التفاؤل عقب المصالحة الخليجية يساعد على توافق قادة المجلس حول الملفات المعروضة عليها، ومنها التعاون الاقتصادي والإنساني والثقافي والبيئي، فضلاً عن الملفات الخارجية في ظل التهديدات القائمة وأبرزها خطر الإرهاب، والعلاقات مع إيران، والبرنامج النووي الإيراني.نص كلمة أمير قطروألقى سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر رئيس الدورة 35 كلمة فيما يلي نصها:بسم الله الرحمن الرحيمإخواني أصحاب الجلالة والسمو، أصحاب المعالي والسعادة ،السيدات والسادة،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،يسرني في البداية أن أرحب بكم بين إخوانكم وأهلكم في بلدكم الثاني قطر.ويسعدني أن أتقدم ببالغ الشكر والتقدير لأخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح– أمير دولة الكويت الشقيقة – على جهوده المخلصة والمقدرة التي بذلتها دولة الكويت خلال ترؤسها للدورة السابقة، والتي كان لها الأثر البالغ في تعزيز مسيرة العمل المشترك بين دولنا وتعزيز مكانة المجلس الدولية والإقليمية.ويطيب لي أن أشكر معالي الأمين العام لمجلس التعاون والأمناء المساعدين وكافة موظفي الأمانة على جهودهم المخلصة في تعزيز دور مجلس التعاون الخليجي.أصحاب الجلالة والسمو،أصحاب المعالي والسعادة،نجتمع في ظل ظروف دولية وإقليمية بالغة التعقيد والدقة تفرض علينا مسؤوليات جساماً، وتضعنا أمام تحدي العمل على قدر هذه المسؤوليات.وسبيلنا في ذلك وحدة الصف والهدف، وبذل مزيد من الجهود للنهوض بعملنا المشترك والارتقاء به إلى مستوى الطموح، وبما يحقق آمال وتطلعات شعوبنا في الأمن والازدهار. وإذ نأمل أن تؤسس هذه القمة لانطلاقة جديدة في العلاقات الخليجية عبر تعزيز روح التآخي والتضامن فإن دولة قطر سوف تكون كعهدها مساهماً فعالاً في تعميق هذه العلاقات وتعزيز التعاون والتكامل في جميع المجالات التي تعود بالخير على دولنا وشعوبنا.ويدفعنا السياق السياسي والاقتصادي العالمي بتحولاته السياسية والاقتصادية العميقة التي تتسم بانعدام اليقين، وما يحمله من مخاطر إلى تعزيز آليات تكاملنا الاقتصادي والتنموي وغيرها من المجالات.ولا شك أن الاتحاد الخليجي الذي تضمنته مبادرة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سيظل هدفاً سامياً، ومنه إلى الاتحاد العربي بإذن الله، غير أن الإيمان بهذا الهدف والإصرار على تحقيقه يتطلبان منا أن ندرك أن خير سبيل لتحويله إلى واقع هو التحرك بخطوات تدريجية قائمة على تكامل المصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والثقافية بين شعوبنا، ولكنها واثقة وتؤدي في النهاية إلى تحقيق أهدافنا ومصالحنا المشتركة. رصيدنا في هذا إنجازات مسجلة في صفحات التاريخ في ظل ظروف لم تكن سهلة ميسورة.ومن ناحية أخرى، تعلمنا التجارب الأخيرة ألا نسرع في تحويل الخلاف في الاجتهادات السياسية وفي تقدير الموقف السياسي، والتي قد تنشأ حتى بين القادة، إلى خلافات تمس قطاعات اجتماعية واقتصادية وإعلامية وغيرها.فإذا لم تستمر آليات التعاون والتعاضد ومؤسساتهما بالعمل في مراحل الاختلاف بالرأي فهذا يعني أننا لم ننجح في إرساء أسس متينة لهذه المنظمة بعد.وإذا لم تكن علاقات شعوبنا الأخوية مفروغاً منها حتى في مراحل الأزمات، فهذا يعني أن يبقى مجلس التعاون جسماً فوقياً. ثمة بديهيات في علاقات دول مجلس التعاون وشعوبه يجب ألا تكون موضع تساؤل في أي وقت.وحدها الممارسة التي تضع المشترك فوق المختلف عليه، وترفع التعاون فوق الخلاف، هي التي تحول مجلس التعاون الخليجي إلى كيان حقيقي، وتبني مضموناً لمقولة إن المجلس هو المنظمة العربية الفاعلة على الساحة الإقليمية والدولية. ويحق لنا عندئذ أن نأمل أن تشكل نموذجاً للأطر العربية الأخرى.وإزاء التحديات والمخاطر التي تحيط بنا من كل جانب لا يجوز لنا أن ننشغل بخلافات جانبية حول التفاصيل. لقد آن الأوان أن يحدد مجلس التعاون دوره وموقعه في الخارطة السياسية للإقليم بناء على مكانة دوله الاستراتيجية ومقدراتها ومصالحها المشتركة. فالدول الكبرى لا تنتظر، ولا تصغي للمناشدات الأخلاقية. وهي كما يبدو تتعامل بلغة المصالح فقط، ومع من يثبت قوته على الأرض في الإقليم.أصحاب الجلالة والسمو،أصحاب المعالي والسعادة،تتكثف مظاهر العدوان وإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية عبر النشاطات الاستيطانية والاعتداء على حرمة المسجد الأقصى المبارك وإجراءات تغيير هوية القدس الشريف وتدنيس مقدساته، وممارساتها العدائية المنافية لأبسط الأعراف الدولية. وهي تضع المجتمع الدولي والعربي أمام مسؤولية كبرى.ففيما عدا خرقها المتواصل لحقوق الإنسان واضطهادها لسكان البلاد الأصليين، وممارستها سياسة الفصل العنصري تنذر الممارسات والسياسات الإسرائيلية بعواقب وخيمة على المنطقة، وتدمر فرص تحقيق عملية السلام، وتحول حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي إلى شعار بلا مضمون وغير قابل للتحقق.وفي هذا الصدد يتعين على العالمين العربي والإسلامي اتخاذ وقفة جادة وقوية للدفاع عن مقدسات الأمة، ولاسيما في القدس، والذود عنها وتقديم العون اللازم لدعم جهود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.إن استمرار المجتمع الدولي في الوقوف متفرجا وصامتا إزاء الممارسات الإسرائيلية غير المشروعة يعد جريمة كبرى بحق الإنسانية. ونحن ندعو المجتمع الدولي وبخاصة الأطراف الفاعلة في عملية السلام أن تفرض على إسرائيل الإذعان لجهود السلام والتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وتفضي إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وعدم السماح لإسرائيل بالمساس بوضع القدس الشرقية والمحافظة على المقدسات.أصحاب الجلالة والسمو،أصحاب المعالي والسعادة،تزداد الحالة في سورية مأساوية بالنسبة لهذا الشعب المنكوب. ومن أهم أسباب تفاقمها غياب رؤية واضحة لدى القوى المؤثرة في المجتمع الدولي لحل هذه الأزمة، وإصابة النظام الدولي بعطب حقيقي هو ازدواجية معايير الشرعية الدولية. وقد فشل مجلس الأمن فشلاً ذريعاً في حماية المدنيين من جرائم الحرب والإبادة الجماعية، في مقابل إصرار النظام السوري على رفض الحل السياسي واعتماد الحل العسكري الشامل.ونحن نؤكد هنا أننا كنا ومازلنا مع الحل السياسي الذي يحقن الدماء السورية، ويلبي مطالب الشعب السوري في التغيير والأمن والاستقرار عبر توفير الضمانات الكافية التي تكفل حقوق هذا الشعب وتحقيق مطالبه العادلة، والتمسك بوحدة سورية أرضاً وشعباً. كما نؤكد أننا مع حق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه ما دام الحل السياسي غير متوفر، وما دامت القوى العظمى تهمش قضية هذا الشعب في مقابل مصالحها الأخرى.ومن هنا فإننا ندعو المجتمع الدولي مجدداً إلى التوافق الدولي والإقليمي، ونلح على أن يتخذ مجلس الأمن القرار اللازم لوقف أعمال القتل والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام، وتحقيق الحل السياسي الذي يلبي تطلعات الشعب السوري.أصحاب الجلالة والسمو،أصحاب المعالي والسعادة،تفرض الأوضاع الراهنة في العديد من الدول العربية الشقيقة في ليبيا واليمن والعراق ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية من أجل مساعدة تلك الدول على تجاوز الظروف الراهنة. ونأمل أن تتوافق الحكومات والقوى السياسية في تلك الدول على مصالحات وطنية تضع حداً لأعمال العنف وتلبي تطلعات الشعوب في الأمن والاستقرار.وتتطلب هذه المصالحة منهجاً واقعياً وعقلانياً يقدم المصلحة الوطنية على المصالح الجزئية، ولا يقصي أيا من المكونات الاجتماعية أو السياسية، ويرفض العصبيات على أنواعها لأنها تفتت الكيانات السياسية.أصحاب الجلالة والسمو، أصحاب المعالي والسعادة،إن ظاهرة الإرهاب التي يشهدها عالمنا المعاصر، ومنطقتنا العربية على نحو خاص، وما تشكله من تحد خطير للأمن والاستقرار والتنمية تستدعي منا، ومن المجتمع الدولي بشكل عام، تكثيف الجهد الجماعي واتخاذ كافة التدابير اللازمة لمواجهتها واستئصال جذورها وعلاج أسبابها الحقيقية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعلينا أن ننتبه إلى معادلة بسيطة تحولت إلى شبه بديهية تاريخية، وهي أن العنف والاضطهاد والقمع وسد آفاق الأمل يقود إلى العنف.لا مجال أمامنا إلا مواجهة الإرهاب، ولكن لا بد أن تبذل جهود لتجنيب المجتمعات العربية آفة التطرف والإرهاب بالوقاية قبل العلاج. فالشباب الذين ينجذبون إليه لا يولدون متطرفين، ولا الإرهاب صفة تميز ديناً بعينه أو حضارة بعينها. والوقاية تكون بمعالجة الأسباب المتمثلة بنقص المناعة، وبتقليل احتمالات انتشار العدوى، قبل استفحال المرض.وبالنسبة للأمن في منطقة الخليج نشير هنا إلى أننا رحبنا بالاتفاق (5+1) بشأن الملف النووي الإيراني، ونؤكد على موقفنا الثابت بضرورة التوصل إلى حل الخلافات بالطرق السلمية وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. كما نؤكد على ضرورة الحفاظ على علاقات التعاون وحسن الجوار مع الدول الشقيقة والصديقة التي تقع خارج منظومتنا. إخواني الأعزاء،عهدنا أن نتحرك كرجل واحد إعمالاً لقول الله عز وجل «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» وأن نكون جميعا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً إعمالاً لقول نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً».وختاماً أكرر الترحيب بكم في الدوحة متمنياً أن تكلل جهودنا في هذه القمة بالسداد والتوفيق سائلاً المولى عز وجل أن نحقق ما نطمح إليه من تماسك وقدرة على تحقيق الآمال والطموحات المشروعة لشعوبنا في الاستقرار والتقدم والازدهار.نص كلمة أمير الكويتوألقى حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كلمة في الجلسة الافتتاحية للقمة فيما يلي نصها:بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.أصحاب الجلالة والسمو أصحاب المعالي معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية السيدات والسادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسرني بداية أن أعرب عن سعادتي بلقائكم اليوم في جمعنا المبارك في دولة قطر الشيقة شاكراً لأخي صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر وشعبها العزيز على حسن الوفادة وكرم الضيافة والإعداد المتميز لهذا اللقاء الهام الذي سيشكل إضافة مهمة لعملنا المشترك.كما أتوجه بعظيم الامتنان لسموه على الكلمات الطيبة والإشادة ببلادي لما قامت به من دور خلال ترؤسها للدورة السابقة للمجلس الأعلى والدورات السابقة للمجلس الوزاري.أصحاب الجلالة والسمو أستهل كلمتي بالتقدم إلى الأشقاء في كل من سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة قطر بأسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة أعيادهم الوطنية داعياً الله سبحانه وتعالى أن يمتع قادة الدول الأشقاء بنعمة الصحة والعافية وأن يديم عليها نعمة الرخاء والاستقرار ولشعوبها كل التقدم والازدهار.كما نهنئ الأشقاء في مملكة البحرين الشقيقة على النجاح الذي تحقق للانتخابات النيابية والبلدية التي جرت مؤخراً والتي شهدت مشاركة شعبية كبيرة جسدت روح المسؤولية العالية للأشقاء وحرصهم على التلاحم مع قيادتهم في إطار المشروع الإصلاحي الرائد الذي يرعاه أخي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة .ولا يفوتني هنا أن أهنئ الأشقاء في دولة قطر بمناسبة حصولهم على كأس الخليج في دورته الثانية والعشرين مشيداً بما قدمه الفريق القطري من أداء مميز استحق على أثره هذا اللقب.كما نهنئ الأشقاء في المملكة العربية السعودية على نجاحهم في تنظيم هذه البطولة مشيدين بما تم توفيره من إمكانيات كبيرة ساهمت في تحقيق أهدافها المنشودة.أصحاب الجلالة والسمو ينعقد اجتماع مجلسنا اليوم على أرض دولة قطر الشقيقة في دورته الخامسة والثلاثين بعد عام من إنعقاد آخر دورة له في دولة الكويت.عشنا خلاله قلقاً وتخوفاً على مسيرة مجلسنا المباركة دفعنا لنعمل بكل الجد والاجتهاد للحفاظ على هذه المسيرة وصيانة مكاسبها في ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة الدقة جعلت من قلقنا مشروع وتخوفنا مبرر وانعكست على مسيرة عملنا المشترك وأدخلته في حساب ات كادت أن تعصف به وتنال من كياننا الخليجي الذي بات يمثل الأمل والرجاء لأبناء دول المجلس.إننا نؤمن أن الإختلاف في وجهات النظر وتباينها أمر طبيعي بل ومطلوب ولا يدعوا إلى الجزع على أن لا نصل بذلك إلى مرحلة الخلاف والتشاحن والقطيعة التي ستقود بلا شك إلى إضعافنا وتراجع قدراتنا في الحفاظ على ما تحقق لنا من إنجازات ومما يدعونا إلى البعد عن الخلاف والقطيعة أننا نملك مقومات اللحمة والوحدة وبما يفوق كثيراً عناصر القطيعة وبهذه المقومات وبالتواصل والحوار الأخوي بيننا سنكون قادرين بعون الله أن نهزم أي خلاف ونسمو بإخوتنا التي تجسد المصير الواحد والتاريخ المشترك.وعلينا هنا إستحضار القول المأثور «لو وقفت حكما على الماضي لضيعت المستقبل».أصحاب الجلالة والسمو إن الحديث عن الإتحاد بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وحتميته والذي هو دون شك يمثل هدفاً وأملاً يتطلع إليه أبناء دول المجلس ويأتي انسجاماً مع نظامنا الأساسي وتفعيلاً لقرارات عملنا المشترك يتوجب علينا أن نعمل على خلق أساس صلب يمهد للدخول إلى مرحلة الاتحاد أساساً يجسد تجاوز الخلافات ويحصن تجربتنا.وعلينا للوصول إلى هذا الهدف التفكير في أن يصار إلى تشكيل لجنة رفيعة المستوى تضم خبراء اختصاصيين ومن ذوي الخبرة تتولى استكمال دراسة موضوع الاتحاد من مختلف جوانبه بكل تأني وروية وترفع مرئياتها ومقترحاتها بالصيغة المثلى للاتحاد إلى المجلس الوزاري ومن ثم ترفع للمجلس الأعلى.أصحاب الجلالة والسمو لقد كان بعد نظركم وحكمتكم وحرصكم على هذه المسيرة المباركة بما تحمله من وحدة المصير وروابط القربى والنسب امتثالاً لقول المول ى جل وعلا «فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا لله ورسوله إن كنتم مؤمنين» الأثر البالغ في تجاوز تلك الظروف الاستثنائية وذلك في اللقاء الأخوي الذي جمعنا في رياض الخير وبضيافة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والذي أتى ترسيخاً لروح التعاون الصادق وتأكيداً على المصير المشترك وتجسيداً لتطلعات أبناء دول الخليج وأثمر عن التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي لنتمكن من دعم هذا الصرح الشامخ وتحصينه في مواجهة التحديات المتصاعدة.أصحاب الجلالة والسمو إن من جملة التحديات التي نواجهها اليوم كدول منتجة ومصدرة البترول انخفاض أسعاره إلى مستويات باتت تؤثر على مداخيل دولنا وبرامجنا التنموية وحيث إن مسيرتنا المباركة قد أولت الجانب الاقتصادي ما يستحقه من اهتمام لقناعتنا بأهمية الاقتصاد فإننا مدعوون اليوم إلى تعزيز مسيرة عملنا الاقتصادي المشترك وإلى التأكيد على ضرورة تنفيذ مجموعة من القرارات الهامة التي تضمنتها الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس لنتمكن من مواجهة آثار تلك التحديات وننطلق بعلاقاتنا إلى ما يحقق تكاملنا الاقتصادي المنشود ويمكننا من الصمود في مواجهة أي تطورات سلبية يمكن لها أن تطرأ على واقعنا الاقتصادي .أصحاب الجلالة والسمو إن مما يدعو للأسى أن المجتمع الدولي بكل ما يملكه من إمكانيات بعيد كل البعد بل وعاجز عن تحقيق تقدم ملموس في وقف هدير آلة القتل والدمار عن الاستمرار في حصد أرواح عشرات الآلاف من الأشقاء في سوريا وتهجير الملايين في الداخل والخارج وتهديد للأمن والاستقرار ليس للمنطقة فحسب وإنما للعالم بأسره إننا لانزال أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية وقانونية تحتم علينا مضاعفة الجهود مع المجتمع الدولي لوضع حد لهذه الكارثة الإنسانية والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين مؤكدين قناعتنا بأنه لا يمكن حل الصراع الدائر إلا بالطرق السلمية وعبر تحرك سياسي جاد يحقن دماء الأشقاء ويخفف معاناتهم. ونناشد في الوقت نفسه المجتمع الدولي إزاء استمرار هذا الصراع إلى تكثيف الجهود ومواصلتها لمعالجة الجوانب الإنسانية له.أصحاب الجلالة والسمو وحول قضية الجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى فإننا ندعو الجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة للاستجابة لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى التحكيم الدولي.أصحاب الجلالة والسمو رغم الجهود الحثيثة التي تبذل لانتشال عملية السلام في الشرق الأوسط من تعثرها إلا أن تعنت إسرائيل وإصرارها على الاستمرار في بناء المستوطنات وتدنيس المقدسات وتكرار الاعتداءات على المسجد الأقصى ورفضها الانصياع إلى قرارات الشرعية الدولية حال دون تحقيق التقدم الذي نتطلع إليه في السلام العادل وأدى إلى استمرار بقاء القضية الفلسطينية دون حل.أصحاب الجلالة والسمو إننا نؤكد هنا موقفنا الثابت في نبذ الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله وصوره وأياً كان مصدره أو دوافعه والتزامنا التام بكافة القرارات الدولية الصادرة لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة ونشدد هنا على أهمية مضاعفة الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب وتخليص العالم من شروره.أصحاب الجلالة والسمو نتابع باهتمام بالغ تطورات الأوضاع على الساحة اليمنية وما آلت إليه بسبب عدم التزام أحد الأطراف باتفاق السلم والشراكة الأمر الذي قوض فرص إحلال السلام والاستقرار وعرقل تنفيذ المبادرة الخليجية.أصحاب الجلالة والسمو مازالت المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني تمضي دون الوصول إلى اتفاق نهائي يطمئن العالم بطبيعة ذلك البرنامج ويمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ممارسة إجراءاتها في مراقبة المفاعلات الإيرانية مشيدين في هذا الصدد بالجهود التي تبذلها سلطنة عمان الشقيقة للمساهمة في الوصول إلى الإتفاق المنشود وندعو مجدداً إيران إلى ضرورة الإلتزام التام بالتعاون مع المجتمع الدولي ولاسيما الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتطبيق أعلى معايير الأمن والسلامة في منشآتها النووية لتبديد مخاوف دول الجوار.أصحاب الجلالة والسمو إن ما تشهده ليبيا من نزاع مسلح بين الفرقاء يدعو للقلق لما يشكله من بؤرة أخرى تهدد الأمن والاستقرار ومن هذا المنبر ندعو إلى ضرورة الإسراع في وقف فوري لأعمال العنف وإجراء مصالحة وطنية عبر حوار يتم فيه تغليب العقل. وفي الختام لا يسعني إلا أن أكرر الشكر لأخي العزيز صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وإلى حكومة وشعب دولة قطر الشقيقة كما لا يفوتني الإعراب عن بالغ الشكر لمعالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ولإخوانه الأمناء العامين المساعدين ولكافة العاملين في الأمانة العامة للمجلس على جهودهم الحثيثة في متابعة تنفيذ قرارات الدورة السابقة والإعداد المتميز لأعمال هذه الدورة، متمنياً لاجتماعاتنا كل التوفيق والسداد لما فيه العزة والمنعة لدولنا والخير والرفاه لشعوبنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكرم قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة بمناسبة منح منظمة الأمم المتحدة لسموه لقب «قائد إنساني» وبتسمية دولة الكويت «مركزاً للعمل الإنساني» وذلك لجهود سموه المتميزة في العمل الإنساني الدولي.