عواصم - (وكالات): يعيش المصريون في أجواء من الخوف والتوتر والقلق، قبل ساعات من تظاهرات دعت إليها حملة «تمرد» المناهضة للرئيس المصري محمد مرسي، غداً الأحد، والتفت حولها المعارضة، للمطالبة بسحب الثقة من الرئيس، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، في ذكرى مرور عام على توليه الحكم. وأعلنت الحملة أنها جمعت 16 مليون توقيع ضد مرسي. وتظاهر مئات الآلاف من المصريين أمس في القاهرة وعدة محافظات بعضهم للمطالبة برحيل محمد مرسي والآخرين للدفاع عن «شرعيته» ووقعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين في الإسكندرية أسفرت عن سقوط قتيلين بينهم أمريكي وإصابة 70، ما يرفع عدد القتلى إلى 6 والجرحى إلى أكثر من 1000.وأعلنت مصادر أمنية وطبية مقتل مصور صحافي أمريكي الجنسية في الاشتباكات التي اندلعت في الإسكندرية. من جهته، حذر الأزهر من «حرب أهلية» في مصر ودعا إلى الهدوء. وقال الدكتور حسن الشافعي رئيس المكتب الفني لمشيخة الأزهر وكبير مستشاري شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب «يجب اليقظة حتى لا ننزلق إلى حرب أهلية لا تفرق بين موالاة ومعارضة ولا ينفعنا الندم حين ذلك». من جانبه، حذر القيادي في جماعة الإخوان محمد البلتاجي من أن الإسلاميين في مصر لن يسمحوا بـ «أي انقلاب على الرئيس ولو على رقابنا»، مضيفاً أن «المعارضة الممثلة بحركة تمرد وجبهة الإنقاذ الوطني تهدد بأنها ستلقي القبض في 30 يونيو على محمد مرسي وتحاكمه وبأنها ستعطي بعد ذلك الرئاسة الشرفية إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا وتشكل حكومة وأنها ستقوم بحل مجلس الشورى وتعطل الدستور».وخوفا من أعمال عنف وتدهور للوضع الأمني قبل 48 ساعة من التظاهرات التي دعت إليها حملة تمرد والمعارضة للمطالبة بإسقاط مرسي في الذكرى الأولى لتوليه السلطة، انتشر الجيش في المدن الرئيسة لحماية مؤسسات الدولة ومنشآتها الحيوية. وتحت شعار «الشرعية خط احمر» تجمع عشرات الآلاف من أنصار الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها في الميدان المقابل لمسجد رابعة العدوية في منطقة مدينة نصر بشرق القاهرة وأعلنوا أنهم سينظمون اعتصاماً مفتوحاً في الحي الذي يبعد قرابة 5 كيلومترات عن قصر الاتحادية الرئاسي. وفي كلمة ألقاها أمام هذا الحشد، قال عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية صفوت عبد الغني إن «الداعين للانقلاب على الشرعية، لا يريدون ديمقراطية ولا يريدون مصلحة الوطن ولا يريدون إلا الالتفاف على الشرعية والوصول إلى سدة الحكم». وكانت جماعة الإخوان والأحزاب السلفية المتحالفة معها أعلنت عن تنظيم الاعتصام المفتوح استباقاً لمسيرات وتظاهرات 30 يونيو التي دعت إليها حملة تمرد والمعارضة المصرية للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة ومن بينها مسيرة أطلقت عليها «الزحف إلى الاتحادية». وفي ميدان التحرير، رمز ثورة 25 يناير 2011، تجمع آلاف من معارضي الرئيس المصري وأخذوا يهتفون «ارحل .. ارحل». وفي الإسكندرية توفي متظاهر متأثراً بجراح أُصيب بها أثناء اشتباكات بين أنصار ومعارضي مرسي كما جرح 70 آخرون. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مدير المستشفى الجامعي بالإسكندرية أسامة أبو السعود أن «مواطناً توفي متأثراً بإصابته بطلق خرطوش من بندقية صيد عقب نقله للمستشفى الجامعي بالإسكندرية». وقال رئيس مرفق الإسعاف في المدينة عمرو نصر لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن 70 شخصاً أُصيبوا في الاشتباكات بعضهم حالته «حرجة». وكانت مسيرة معارضة للرئيس المصري في منطقة سيدي جابر شرق الإسكندرية تعرضت لهجوم بطلقات خرطوش من بنادق صيد، بحسب مشاهد بثتها على الهواء مباشرة قناة الحياة المصرية الخاصة.ووقعت بعد ذلك اشتباكات قام خلالها المتظاهرون المعارضون بإشعال النيران في مقر حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمــين. وشــهدت العاصمــة المصرية كذلك عقب صلاة الجمعة عدة مسيرات مناهضة للرئيس المصري انطلقت من ثلاثة ميادين رئيسة في أحياء المهندسين وشبرا والسيدة زينب. كما انطلقت تظاهرات للمعارضة في عدة محافظات في دلتا النيل من بينها المنصورة وبورسعيد والمحلة ودمياط والبحيرة والدقهلية حيث أحرق المتظاهرون مقراً لحزب الحرية والعدالة في مدينة أجا. وحمل الحزب، الذي خرج منه الرئيس مرسي، اثنين من قادة جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة هما محمد البرادعي وحمدين صباحي «شخصياً» مسؤولية أعمال العنف التي تشهدها مصر. وفي بيان على صفحته على فيسبوك، قال حزب الحرية والعدالة إنه «يحمل المسؤولية الكاملة» لأعمال العنف «لكل من حرض على العنف من قادة جبهة الإنقاذ وحركة تمرد، كما يتحملها شخصياً كل من الدكتور محمد البرادعي والأستاذ حمدين صباحي». واتهم الحزب البرادعي وصباحي «بقبول التحالف مع قادة الحزب الوطني المنحل الملطخة أيديهم بدماء الشهداء» الذين سقطوا إبان الثورة على حسني مبارك في عام 2011. من جهتهما، دان كل من البرادعي وصباحي في تغريدتين على توتير العنف وأكدا ضرورة الالتزام بـ «السلمية». وكانت حملة «تمرد» بدأت مطلع مايو الماضي في جمع توقيعات تطالب بـ «سحب الثقة» من الرئيس المصري وبإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وانتشرت دعوتها في غضون شهرين بشكل كبير. ويندد خصوم مرسي بسعي جماعة الإخوان المسلمين إلى السيطرة على كل مفاصل الدولة وبالفشل في إدارة البلاد. ويقول أنصار الرئيس المصري في المقابل إنه يملك شرعية أخذها من صناديق الاقتراع في انتخابات ديمقراطية، ويتهمون المعارضة بالقيام بـ «ثورة مضادة» بهدف الإطاحة بمرسي في الشارع ومنعه من تغيير بعض المسؤولين المتهمين بأنهم من بقايا مرحلة الرئيس السابق حسني مبارك. وجاءت دعوة حملة «تمرد» فيما تتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر منذ إسقاط مبارك إثر ثورة 25 يناير. وأدت هذه الأزمة إلى ارتفاع في أسعار السلع الأساسية وتكرار انقطاع الكهرباء وشح الوقود. وبدأت أجواء التوتر تتصاعد خلال اليومين الماضيين، إذ قتل 4 أشخاص في اشتباكات بمدينتي المنصورة والزقازيق بدلتا النيل بين مؤيدي ومعارضي الرئيس المصري منذ الأربعاء الماضي. وحذر وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي الأحد الماضي من أن الجيش قد يضطر إلى «التدخل لمنع الاقتتال الداخلي».