واشنطن - (وكالات): تستعد القوات الأمريكية لإنهاء مهمتها في أفغانستان بعد 13 عاماً من انتشارها، فيما تطرح تساؤلات حول ما تم تحقيقه في الحرب ذات التكلفة العالية، والغزو الأمريكي للبلاد.وبدلاً من الشعور بالنصر مع اقتراب نهاية أطول نزاع في تاريخ الولايات المتحدة، يسود شعور بالندم والتعب من حرب أدت إلى مقتل أكثر من 2300 جندي أمريكي وكلفت أكثر من تريليون دولار.ويصر القادة العسكريون الأمريكيون أن قوات الأمن الأفغانية ستتصدى لطالبان. ولكن يتخوف بعض المسؤولين من تكرار ما حدث في العراق عندما انهار الجيش العراقي الذي تدرب على أيدي عسكريين أمريكيين في وجه تقدم تنظيم الدولة الاسلامية «داعش». وترى الغالبية العظمى من الأمريكيين الآن أن الحرب لم تكن تستحق العناء. ويرى 23% من الجنود الأمريكيين أن المهمة كانت ناجحة، بحسب استطلاعات رأي نشرت مؤخراً.وكانت الحرب تحظى بتأييد ساحق عندما بدأت وبدا النصر في متناول اليد.وبعد شهر من هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، قادت الولايات المتحدة الحرب للإطاحة بحركة طالبان. وفي خطاب متلفز في أكتوبر الماضي، أكد الرئيس الأمريكي في حينه جورج دبليو بوش أن الهدف من الغزو كان «تعطيل استخدام أفغانستان كقاعدة للعمليات الإرهابية».وحققت الولايات المتحدة أهدافها بسرعة. وتم القضاء على معسكرات تدريب القاعدة وتمكن مقاتلو التحالف الشمالي - بدعم من غارات جوية تقودها الولايات المتحدة وعدد من القوات الخاصة الامريكية - من اسقاط نظام طالبان في غضون شهر. وتمكنت طالبان من اعادة تنظيم صفوفها من معاقل آمنة في باكستان المجاورة بينما تركز انتباه واشنطن على حرب جديدة في العراق. وأصبحت طالبان حركة تمرد استغلت الشعور بالاستياء من وجود حكومة فاسدة وغير فعالة في كابول. وبينما تعهدت واشنطن وحلفاؤها بمحاربة الفساد وإفساح المجال أمام التطوير الاقتصادي لتشكيل «دولة ديمقراطية ومستقرة» في البلد الذي يعرف بفقره، فإن النتائج جاءت مخيبة للآمال.وساهمت بعض أموال المساعدات الدولية في بناء المدارس والطرق ولكنها مسؤولة أيضاً عن تعزيز الفساد بينما انتهت بعض الأموال في أيدي المتمردين.وفشلت محاولات التوصل إلى اتفاق سلام مع طالبان في السنوات الأخيرة. ويرى منتقدون أن واشنطن فوتت فرصة التوصل إلى اتفاق في وقت مبكر من الحرب.وحاول القادة العسكريون طلب قدوم المزيد من القوات. وواصلت واشنطن إرسال قوات عسكرية «في أمل عقيم بأن يتحسن شيء بطريقة ما»، بحسب ما كتب الجنرال المتقاعد دانيل بولغر.وينهي «الناتو» مهمته القتالية ضد طالبان في افغانستان بعد غ. وسيتبقى نحو 12500 من جنود الحلف في البلد المضطرب لتدريب ودعم قوات الامن الافغانية. ويرى محللون أن التدخل الأمريكي حرم القاعدة من تشكيل ملاذ آمن وأدى إلى الإطاحة بحركة طالبان من السلطة وخفف قمع النساء وأنشأ جيشاً أفغانياً سيجعل من الصعب على المتمردين العودة إلى دورهم السابق.لكن حتى بعد مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن على يد فرقة خاصة أمريكية، لا يزال التنظيم يملك خلايا في أماكن أخرى وألهم جماعات متطرفة جديدة في سوريا والعراق في حين لم يتم إحراز الكثير من التقدم في ناحية حقوق المرأة. وقد لا تسيطر طالبان بعد الآن على الوزارات، ولكنها لم تهزم حتى الآ،ن وقد تقلب الدفة على الجيش النظامي الذي عانى من خسائر كثيرة حتى الآن. وقالت فاندا فيلباب براون وهي زميلة في معهد بروكينغز «لا تملك طالبان أي شيء قريب من قوتها في عام 2001 ولكنها لم تنته حتى الآن».وفي حين يأمل المسؤولون الامريكيون ان تؤتي الاستثمارات الكبيرة في قوات الامن الافغانية ثمارها، استعاد مقاتلو طالبان سيطرتهم على عدد من المناطق جنوب البلاد بعد انسحاب القوات الأمريكية.وبحسب براون فإن قوات الأمن حديثة التكوين من خلفيات قبلية مختلفة تبقى «مصدراً للتساؤل».من ناحيته، أكد كارتر مالكاسيان الذي عمل دبلوماسياً أمريكياً لعامين في مقاطعة هلمند الجنوبية ان «العام المقبل سيكون اختباراً كبيراً لهم». وقال «في حال تراجعوا، فسيكون مؤشراً كبيراً على أن هذه الحرب ستستمر».واضاف «في حال حصل ذلك، فإن طالبان ستصبح أكثر جرأة لأنهم لن يروا أن هناك أي سبب يدفعهم للتفاوض».