عواصم - (وكالات): بدأ الفلسطينيون أمس معركة دبلوماسية جديدة بعد توقيع طلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية غداة رفض مشروع قرارهم في مجلس الأمن الدولي، في خطوة نددت بها واشنطن وإسرائيل، حيث سلمت السلطة ممثل الأمم المتحدة جيمس راولي صكوك المعاهدات التي وقعها الرئيس محمود عباس وبينها صك الانضمام إلى ميثاق روما لمحكمة الجنايات الدولية.ووقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء أمس الأول على طلب الانضمام إلى المحكمة مما سيتيح ملاحقة مسؤولين إسرائيليين أمام القضاء الدولي، بالإضافة إلى 20 طلباً للانضمام إلى منظمات واتفاقيات دولية.وكان الفلسطينيون هددوا بالانضمام إلى هذه الاتفاقيات في حال رفض مشروع القرار الذي قدموه إلى مجلس الأمن وتضمن العمل على تسوية مع إسرائيل خلال سنة على أن يتم الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة بحلول نهاية 2017. ولم يعتمد مشروع القرار في مجلس الأمن لأنه لم يحصل سوى على 8 أصوات بينما المطلوب 9. من جهتها، اعتبرت حركة حماس أمس توقيع عباس طلب الانضمام إلى المحكمة خطوة «في الاتجاه الصحيح».وأفادت في بيان بأنها «خطوة في الاتجاه الصحيح بحاجة لوضعها في إطار سياسة عامة وبرنامج وطني مشترك».وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة «تعارض بشدة» الطلب الفلسطيني، واصفة الخطوة بـ «التطور غير البناء».وقالت الخارجية الأمريكية في بيان باسم المتحدث باسمها جيفري راثكي بعيد توقيع عباس «نحن منزعجون جداً من خطوة الفلسطينيين بشأن المحكمة الجنائية الدولية». بينما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن على الفلسطينيين أن «يخشوا» المحكمة الجنائية الدولية التي طلبوا الانضمام إليهــا للتـــو، «أكثر» من إسرائيل.وقال نتانياهو في بيان من يتعين عليه الخشية أكثر هو السلطة الفلسطينية التي شكلت حكومة مع حماس، لأنها ترتكب جرائم مثل تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»».وأضاف «سنقوم بكل ما يلزم للدفاع عن جنود الجيش الإسرائيلي»، في حين يعتزم الفلسطينيون ملاحقة مسؤولين إسرائيليين أمام المحكمة في لاهاي بتهم «جرائم حرب» وخصوصاً تلك التي ارتكبت أثناء الهجمات الثلاث الأخيرة على قطاع غزة منذ 2008.وعقد نتنياهو اجتماعاً مع وزير الدفاع موشيه يعالون لبحث رد إسرائيلي محتمل على هذه الخطوة، بحسب الإذاعة العامة.وحصل الفلسطينيون في نوفمبر 2012 على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة ما يمنحهم الحق بالانضمام إلى سلسلة من المعاهدات والاتفاقيات الدولية بينها معاهدة روما التي أنشئت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية.وقام كبير المفاوضين صائب عريقات، في مقر الرئاسة في رام الله، بتسليم الصكوك لنائب المنسق الخاص للأمم المتحدة جيمس راولي، بما فيها صك الانضمام إلى ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية.وأكد عريقات أن «ملف الاستيطان هو الأساسي فيما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية، وفلسطين ملتزمة بتغيير قوانينها» مع ما وقعه عباس من صكوك معاهدات ومواثيق. وقال للصحافيين «إسرائيل اعتبرت ذهابنا إلى مجلس الأمن عدواناً عليها، لكننا نمارس حقاً حضارياً قانونياً، من يخشى المحكمة الجنائية الدولية عليه أن يكف عن جرائمه». وأضاف أن «الجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا من اغتيالات واستيطان وهدم وعدوان على غزة لن تسقط بالتقادم، ومن يرتكب جرائم عليه أن يتحمل عواقب».وأكد عريقات أن الفلسطينيين «لن يسمحوا باستمرار الوضع على ما هو عليه، فإذا كانت إسرائيل تعتقد أنها ستستمر باحتلالها بدون كلفة والسلطة الفلسطينية بدون سلطة، وأن تبقي قطاع غزة خارج الفضاء الفلسطيني فهي مخطئة تماماً».وأكد معلقون إسرائيليون أنه رغم عدم التصويت على مشروع القرار في الأمم المتحدة الذي يعد «إنجازاً دبلوماسياً» لإسرائيل، فإن عباس لجأ إلى «خياره النووي» بتوقيع طلب الانضمام للجنائية الدولية.ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين كبار أن خطوة عباس تظهر أن الفلسطينيين «أعلنوا حرباً دبلوماسية» على تل أبيب. وقال خبير القانون الدولي دانيل ريزنير للصحيفة إن «نية الفلسطينيين الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية تعد عملاً عدائياً». وأكد المعلق عاموس يادلين أن هذا «يفتح مسرحاً جديداً من الحرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين».وقال «إسرائيل تواجه مخاطر أكبر من الجهود الدبلوماسية التي قامت بها السلطة الفلسطينية في أوروبا والأمم المتحدة، والتي ستؤدي إلى معركة دبلوماسية كبيرة في عام 2015». ونال مشروع القرار الفلسطيني 8 أصوات فيما كان يلزم 9 أصوات من أصل أصوات الدول الأعضاء الـ 15 في المجلس من أجل اعتماده، شرط عدم استخدام أي من الدول الدائمة العضوية الفيتو.وصوتت مع المشروع فرنسا والصين وروسيا من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فيما صوتت ضده الولايات المتحدة وامتنعت بريطانيا عن التصويت.وبحسب مصادر دبلوماسية فإن نيجيريا التي كان من المفترض أن تصوت إلى جانب القرار عدلت عن موقفها في اللحظة الأخيرة واختارت الامتناع عن التصويت.واستدعت إسرائيل سفير فرنسا لدى تل أبيب للاحتجاج على التصويت الفرنسي قائلة إنها «تشعر بخيبة أمل وحيرة» من دعم باريس لمشروع القانون.من جانب آخر، فاز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بولاية جديدة كرئيس لحزب الليكود الحاكم قبيل انتخابات تشريعية مبكرة وحقق تقدماً كبيراً على داني دانون منافسه اليميني المتطرف الوحيد في الانتخابات التمهيدية.
السلطة تسلم الأمم المتحدة صكوك الانضمام للمعاهدات الدولية
02 يناير 2015