حاوره - وليد صبري: كشف استشاري الأمراض النفسية بمستشفى الطب النفسي بوزارة الصحة د.شبر القاهري، عن أن «الدراسات أثبتت أن الجينات تعد سبباً رئيساً في عصبية المرأة»، مشيراً إلى أن «القلق مرتبط بالتوتر واضطرابات بالمزاج».وقال في حوار لـ «الوطن»، إنه «ثبت علمياً أن التعرض للأصوات العالية خلال النهار يشجع النساء على تناول المزيد من الأطعمة الدسمة نتيجة لمشاعر الإحباط والكآبة التي تصيبهن». وأوضح، أن «هناك نحو 75% من السيدات يعانين من متلازمة ما قبل الدورة الشهرية، وتختلف شدتها من سيدة لأخرى، وهي تكرار حدوث تغيرات جسدية، ونفسية، وعاطفية قبل حدوث الدورة الشهرية بخمسة أيام إلى أسبوعين، سرعان ما تنتهي بنزول الدورة الشهرية».ولفت إلى أن «المرأة أكثر استعداداً من الرجل للإصابة بالاكتئاب الموسمي الناتج عن تغير الفصول، ويأتي الاستعداد من التغيرات الهرمـونـيـة التـي تـصيـبها ومـا يـصـاحبهـا مـن نـقـص هرمون الأستروجين». وأضاف د.القاهري، أن «أبرز ما يصيب الفتيات أثناء الدورة الشهرية هو تغيُر الحالة المزاجية، والعصبية المفرطة، والرغبة في البكاء من أقل الأحداث المزعجة، وحتى من دون سبب، وهذا أحد أعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية».وذكر أن «المقصود بتكرار الأعراض، حصول هذه الأعراض في 3 دورات شهرية متتالية على الأقل، وقد تؤثر التغيرات سلباً على طريقة المعيشة ونمط العمل والتعامل مع المحيطين بنسبة بسيطة يمكن السيطرة عليها».تغيرات هرمونية وفي رد على سؤال حول أسباب الإصابة بمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية، أفاد د.القاهري، أنه لا يوجد سبب واضح لهذه التغيرات، لكن حدوث التغيرات الهرمونية خاصة في هرموني الأستروجين والبروجيسترون، يعد جزءاً أساسياً من أسباب المتلازمة، وثبت أخيراً وجود علاقة بين أعراض ما قبل الدورة الشهرية وانخفاض مستوى السيروتونين، وهي مادة كيميائية في المخ مسؤولة عن التغيرات المزاجية، إضافة لوجود نقص في مستوى الإندورفين «المورفين الداخلي» ما يؤدي إلى زيادة القابلية للألم بأنواعه.وقال، أن هناك أعراضاً نفسية وعاطفية لمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية، أبرزها تقلب الحالة المزاجية أكثر الأعراض النفسية شيوعاً، والرغبة في البكاء، والضيق والعصبية الشديدة، والشعور بالتوتر الشديد، وقلة التركيز، والشعور بالنعاس في أغلب الأوقات، وخلل في الشهية «زيادة أو نقص»، والعزلة عن الناس في بعض الأحيان.وتطرق د. القاهري للحديث عن الوقاية من تلك المتلازمة، بقوله إن الوقاية خير من العلاج ولذلك ننصح بعمل بعض التغيرات على نمط حياة الفتاة أو المرأة، عن طريق تعديل طبيعة الأطعمة التي تتناولها واتباع أنظمة غذائية صحية، وتقليل الملح في الطعام حتى نقلل من احتباس السوائل في الجسم، وزيادة نسبة السيروتونين عن طريق تناول أطعمة غنية بالنشويات المركبة مثل الخبز الأسمر والأرز الأسمر، المكرونة أو البطاطس المسلوقة أو المشوية، والإكثار من الفواكه والخضراوات حتى تتحسن حالة الإسهال أو الإمساك المصاحبة للمتلازمة، والإكثار من الأطعمة الغنية بالكالسيوم كاللبن والزبادي والجبن، والتقليل من تناول الشاي والقهوة والمشروبات الغنية بالكافيين، واتباع أنظمة رياضية وتمارين يومية للجسم، والتقليل من الضغوط النفسية التي قد تزيد من التوتر والقلق وذلك في الأسبوع المتوقع حدوث الدورة الشهرية به، والنوم لفترة كافية، وممارسة تمارين التنفس أو اليوغا لتخفيف ألم الصداع والتوتر والقلق، واستخدام المسكنات مثل البروفين، البنادول، والسولبادين، للتخفيف من آلام البطن والصداع، واستخدام الفيتامينات اللازمة لجسمك مثل الكالسيوم وأيضاً الماغنسيوم الذي يساعد على تخفيف ورم الثديين وانتفاخ البطن.مضادات الاكتئابورأى د. القاهري أنه إذا لم تنجح الطرق السابقة في التخفيف من أعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية أو كانت الأعراض في ازدياد ملحوظ، قد يصف الطبيب، مضادات الاكتئاب، فمضادات الاكتئاب هي الخيار الأول لعلاج متلازمة ما قبل الدورة الشهرية الشديدة الأعراض، إضافة إلى حبوب منع الحمل، التي يمكن أن تساعد على عملية تنظيم الهرمونات».من ناحية أخرى، قال د. القاهري إن «المرأة أكثر استعداداً من الرجل للإصابة بالاكتئاب الموسمي الناتج عن تغير الفصول، ويأتي هذا الاستعداد من التغيرات الهرمـونـيـة التـي تـصـيـبها ومـا يـصـاحبهـا مـن نـقـص هرمون الأستروجين».وذكر، أن الأعراض الموسمية تظهر في تغير طريقة حياة المرأة مثل اضطراب نظام النوم «الأرق» متأثراً بتغير مادة الميلاتونين المنظمة لدورة النوم واليقظة، فضلاً عن تذبذب الحالة الانفعالية، مما يدفعها أحياناً إلى الغضب والثورة لأقل الأسباب، وكذلك يبدو تفكيرها مشوشاً غير منظم، ينعكس في أخذ قرارات غير منطقية في بعض الأوقات.وأشار د. القاهري إلى أن هذه الأعراض تظهر في بداية تغير الفصل، وتصيب في الأغلب الشخصية الاكتئابية الهوسية، وقد يحتاج الأمر إلى التدخل الطبي للمساعدة العلاجية بالعقاقير الطبية، في مواجهة الضغوط التي تتعرض لها في أثناء تغير الفصول، لكن نسبة كبيرة من السيدات لا يعين ما يحدث لهن ويتعاملن مع الموقف بجهل قد يؤدي إلى تدهور الحالة إلى ما هو أبعد من أعراض موسمية. ورأى د. القاهري أن فاعلية الهرمونات في التأثير على السلوك والوظائف التكيفية أكثر وضوحاً عندما يكون هنالك مرض أو نقص أو زيادة في إفرازات إحدى الغدد حيث تتضمن الأمثلة البارزة تأثيرات هرمون الغدة الدرقية عندما يكون بالغ القلة أو بالغ الزيادة، فكثرة هذا الهرمون تؤدي من الناحية السلوكية إلى حالة من الهياج وقلة النوم، بينما يؤدي نقصه إلى الخمول والتعب.وتابع د. القاهري أن هناك الغدتين الكظريتين، حيث ترتبط أهميتهما بالضغوط والانفعالات، فأي خلل في هرمومات الغدة الكظرية سيؤدي إلى استجابات كالخوف أو الغضب.وأضاف، أن النواقل العصبية تكمل عمل الهرمونات أو تتصف ببعض صفاتها وخصائصها، وتشمل الهرمونات الأولية والعوامل العصبية، ولهذه النواقل العصبية أهمية من الناحية الفسيولوجية وخاصة الدماغ بوصفه مركزاً للنشاطات العصبية والعقلية وسيطرته المباشرة على فعاليات الكائن الحي وأدائه لوظائفه بشكل منتظم.نواقل عصبيةوقال، إن النواقل العصبية الموجودة في الجهاز العصبي المركزي تشتمل على الأمينات مثل الدوبامين والنورادرينالين والأدرينالين والسيرتوتين والهستامين والاستيل كولين، وهذه الأمينات، تسيطر على عموم وظائف الجسم كالسلوك والتكاثر والنمو وذلك من خلال فعاليتها المباشرة على العوامل المحررة للهرمونات في منطقة تحت المهاد والتي تؤثر بدورها على فعالية الغدة النخامية.وأوضح أن الدراسات الطبية بينت أن للأستروجين والبروجيسترون - هرمونان أنثويان بصفة رئيسة - تأثيرات نفسية مباشرة على الدماغ. وهناك أدلة على أن الأستروجين بوجه خاص ربما يساعد على تنظيم إفراز المادة الكيمائية الدماغية «سيروتونين» التي وجد لها صلة بالاضطرابات المعبر عنها بالاكتئاب والقلق.وأشار إلى أن هناك صلة بين التقلبات الهرمونية الحاصلة في جسم المرأة وكثيراً من حالاتها النفسية، ومما لا جدال فيه، وما تبينه الأدلة أن للهرمونات الأنثوية دوراً مهماً في الطريقة التي يبعث فيها الدماغ رسائله الكيمائية ويبثها في الدورة الدموية للمرأة، مما يدل على أن لهذه الرسائل الهرمونية تأثيراً كبيراً على أمزجة المرأة المتقلبة، لكن ليس كل النساء، فهناك نساء أكثر من سواهن تأهباً للتأثير بالتقلبات الهرمونية شهرية كانت أم فصلية، أم سنوية، طوال فترة حياتهن.سن اليأسوأضاف د.القاهري، أنه عند وقوع المرأة تحت تبدلات هرمونية يحدث عندها تغير في السلوك والمزاج، ومن الأمثلة على ذلك الاكتئاب، كما إن كثيراً من النساء يصبن بانحدار في حالتهن النفسية، أو بزيادة في إحساسهن بالقلق عند مجيء دورتهن الشهرية، ولا نهمل التغيرات الهرمونية الحاصلة في سن اليأس كالهبات الساخنة وتقلبات المزاج واضطراب النوم، إضافة إلى أن هناك كآبة ما بعد الوضع بسبب التبدلات الهرمونية التي تحدث في جسم المرأة بعد الولادة.ولفت د.القاهري إلى، أن كلمة «هرمون» أغريقية الأصل، وتعني المادة المحفزة، أما اليوم فالهرمون لا يقتصر على المادة المحفزة، بل يشمل أيضاً المادة المثبطة، والهرمونات هي الإفراز الداخلي للغدد الصماء التي تطرحها إلى الدم مباشرة.وأوضح، أن اختصاصيي الصحة السلوكية والحيوية في جامعة «بنسلفانيا» الأمريكية اكتشفوا أن النساء الأكثر شعوراً بالإحباط في نهاية يوم عصيب مما يدفعهن أكثر إلى التهام الأطعمة الدهنية الدسمة، لتقليل شعور الإحباط لديهن.وذكر، أن باحثين نرويجيين أثبتوا أن الرغبة في تناول الطعام أثناء الليل قد يدل على معاناة الشخص من التوتر والضغط النفسي، بعد دراسة و مقارنة مستويات ودرجات التوتر عند عدد من السيدات.وتابع، أن دراسة أخرى وجدت أن اضطرابات نظام التغذية المتمثلة في العصبية أو الشراهة في الطعام تعود أيضاً لعوامل بيولوجية وليست نفسية فقط، بينما كشفت دراسة طبية سويدية أن ظهور مثل هذه الاضطرابات ناجمة عن مهاجمة الجهاز المناعي للجزئيات المسؤولة والمتحكمة في مراكز الشهية بالمخ.
د.القاهري لـلوطن : الجينات سبب رئيس لـ «عصبية» المرأة
03 يناير 2015