عواصم - (وكالات): أعلنت مصادر أمنية فرنسية مقتل 12 شخصاً بينهم صحافيون، وإصابة 11، في هجوم غير مسبوق نفذه مسلحون على مقر صحيفة «شارلي ايبدو» الأسبوعية الساخرة، ما دفع فرنسا إلى رفع مستوى الإنذار في العاصمة وضواحيها إلى الحد الأقصى. والهجوم هو الأكثر دموية في فرنسا منذ 40 عاماً ولقي استنكار مختلف قادة العالم، ويوحي بأنه ارتكب بدافع الانتقام من الصحيفة التي توعد المتطرفون بمعاقبتها إثر نشرها في 2006 رسوماً اعتبرت مسيئة للنبي محمد. وفاجأ المهاجمون أسرة تحرير «شارلي ايبدو» أثناء اجتماعها وتمكنوا من القضاء على معظمهم وبينهم نائب رئيس التحرير وكبار رسامي الكاريكاتير الأربعة شارب وكابو وولينسكي وتينيوس الأكثر شهرة في فرنسا. وقتل المهاجمون كذلك شرطيين أحدهما بإطلاق النار عليه من مسافة قريبة.وصل الرئيس هولاند بسرعة إلى مقر الصحيفة حيث أعرب عن إدانته «للاعتداء الإرهابي» الذي وصفه بأنه «وحشي» ودعا إلى «الوحدة الوطنية».ولم تعرف وجهة أو هوية المهاجمين الذين نجحوا في الهرب وهم «3 مجرمين» وفق وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف.ونقل مصدر في الشرطة عن أحد الناجين من الهجوم أن المهاجمين ظهروا في قاعة اجتماع أسرة تحرير الصحيفة وهم يصرخون «انتقمنا للنبي محمد، الله أكبر».وأظهر شريط فيديو التقط بعد الهجوم مباشرة على بعد عشرات الأمتار من مقر شارلي ايبدو شرق باريس رجلين مسلحين ببنادق رشاشة يخرجان من سيارة ويقتلان رجل شرطة بإطلاق النار على رأسه، ثم يهربان وهما يهتفان مجدداً «انتقمنا للرسول محمد».وكان المهاجمـون ملثمين مسلحـين ببنــــادق «كلاشنيكوف أو إم 16» كما قال أحد السكان الذي قال إنه ظن في البداية إنهم من «القوات الخاصة التي تلاحق مهربي مخدرات، فالأمر كان أشبه بفيلم سينما».وعقد اجتماع أزمة للحكومة برئاسة هولاند.وأعلن رئيس الوزراء مانويل فالس رفع خطة مكافحة الإرهاب «فيجيبيرات» إلى الحد الأقصى، وهو «الإنذار من وقوع هجمات»، في عموم منطقة باريس.وقد تلقت الأسبوعية الساخرة عدة تهديدات منذ أن نشرت الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد عام 2006.وفي نوفمبر 2011 أحرق مقر الصحيفة في ما اعتبرته الحكومة الفرنسية آنذاك «هجوماً متعمداً». وفي 2013، حكم على شاب في الرابعة والعشرين بالسجن مع وقف التنفيذ لأنه دعا على الإنترنت إلى قطع رأس مدير الصحيفة بعد نشر الرسوم الساخرة.ووضعت كافة مقار وسائل الإعلام والمتاجر الكبرى التي تشهد إقبالاً كبيراً بمناسبة بدء التنزيلات الشتوية وأماكن العبادة والمدارس ووسائل النقل تحت «الحماية المعززة».وقال شاهد يعمل في مكتب مقابل مقر شارلي ايبدو إنه رأى «جثثاً ممدة على الأرض، غارقة في برك من الدماء، وجرحى في حال خطرة».وقال ميشال غولدنبرغ الذي يوجد مكتبه في الشارع نفسه «سمعت إطلاق نار ورأيت ملثمين يهربون في سيارة». وبعد مغادرة مقر الصحيفة، صدم المهاجمان سيارة شمال شرق باريس، وأحد المارة، وفق الشرطة.وقال شخص آخر يعمل في شارع الصحيفة إنه سمع «نحو 30 طلقة خلال 10 دقائق».وقال الرئيس هولاند «ستتم ملاحقة الفاعلين حتى توقيفهم وسيحالون أمام القضاء وتتم إدانتهم»، مؤكداً أن هذا الهجوم يشكل «صدمة» بالنسبة لفرنسا.وأضاف «في مثل هذه الأوقات، علينا أن نقف صفاً واحداً، وأن نبرهن أننا بلد موحد».وأفادت مصادر في الشرطة الفرنسية أن طريقة تحرك المسلحين وهدوءهم وتصميمهم الظاهر، إنما تكشف عن أشخاص تلقوا تدريباً عسكرياً عالياً. ويبدو المسلحون في الصور التي أخذت من قبل أشخاص كانوا في المكان وهم يتصرفون بمهنية عالية ويشنون هجوماً خطط له بدقة.واستنكر عدد كبير من القادة الأجانب الهجوم خاصة المستشارة الألمانية انغيلا ميركل التي وصفته بأنه «حقير» ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون الذي وصفه بأنه هجوم «إرهابي شنيع».ودان باراك أوباما الهجوم «المروع» وأكد البيت الأبيض «تضامنه» مع عائلات الضحايا. كما دان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «الإرهاب بكافة أشكاله».ودان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الهجوم «المروع» ووصفه بأنه هجوم على الإعلام وحرية التعبير.ودانت الجامعة العربية والأزهر الهجوم. كما أدانت مصر وقطر وتونس والسعودية الاعتداء الإرهابي.وبصوت واحد، أدانت كل الأحزاب الفرنسية الهجوم. ودعا الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي عاد لتزعم اليمين منذ نهاية 2014، إلى «الحزم المطلق» أمام «فعل مشين». كما دانت زعيمة «الجبهة الوطنية» اليمينية المتطرفة مارين لو بن «اعتداء إرهابياً ارتكبه متطرفون».وبدون أن يعرف ما إذا كان الأمر على ارتباط بالهجوم، صدر العدد الأخير من شارلي ايبدو تحت عنوان «توقعات المنجم ويلبيك: في العام 2015 أفقد أسناني... وفي 2022 أصوم شهر رمضان!» تزامناً مع صدور رواية الكاتب ميشال ويلبيك المثيرة للجدل «سوميسيون» «الاستسلام» الخيالية التي يتحدث فيها عن أسلمة المجتمع الفرنسي.وتبدأ قصة «الاستسلام» عام 2022 مع انتهاء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند في فرنسا التي يصفها الكاتب بأنها مشرذمة ومنقسمة على نفسها، بفوز محمد بن عباس زعيم حزب «الأخوية الإسلامية» «من ابتكار المؤلف» على زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بعد حصوله على دعم أحزاب يسارية ويمينية على السواء.