يعتبر الفساد آفة على المجتمع المعاصر وهو ظاهرة وبائية انتشرت انتشار النار في الهشيم نتيجة للظروف التي يعيشها المجتمع وقد تكون نتيجة لتراكمات عاشها المجتمع بسبب ابتعاده عن الدين وضعف وازعه الديني وكذلك لأسباب سوف نقوم بذكرها، وكان لزاماً علينا أن نوضح ما هو الفساد وما هي أسبابه ومظاهرة، وأخيراً طرق المساهمة في القضاء عليه. فتعريف الفساد لغة ضد الصلاح وأفسد الشيء أي أساء استعماله، واصطلاحاً إساءة استخدام السلطة الرسمية الممنوحة له سواء في مجال المال العام أو النفوذ أو التهاون في تطبيق النظام أو المحاباة وكل ما يضر بالمصلحة العامة وتعظيم المصلحة الشخصية. أما أسباب الفساد فتعود إلى ضعف مؤسسات المجتمع المدني، وضعف تطبيق الأنظمة، وعدم الشفافية وعدم إيضاح حقوق الأفراد وواجباتهم (ما هو لك وما هو عليك)، واجتماعية في السلوك والعادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية، وكذلك ما يحدث في المجتمع من كوارث وأزمات تخلق آثاراً مدمرة في المجتمع من فقر وحاجة وأحياناً سلوك ينافي مبادئ المجتمع الصالح.إن الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها أي مجتمع نتيجة الحروب والصراعات والكساد والحصار الاقتصادي من بعض السياسات الدولية وارتفاع تكاليف المعيشة، جميعها تؤدي إلى ممارسة أنواع من الفساد الإداري والمالي ودينية من ضعف الوازع الديني والانصياع لشهوات النفس الأمارة بالسوء، حيث إذا ضعف الوازع الديني فإن الإنسان يسلك سلوكاً مفاده أن الغاية تبرر الوسيلة لأن الرادع القوي لأي عمل إنساني هو مخافة الله سبحانه وتعالى.ومن مظاهر الفساد الرشوة وإقصاء الكفاءات المؤهلة، والمحسوبية والتكسب من وراء الوظيفة العامة والمحاباة واستغلال الممتلكات العامة، والواسطة على حساب الغير وإساءة استخدام السلطة الرسمية واستغلال النفوذ وعدم المحافظة على أوقات الدوام الرسمي، والاستيلاء على المال العام، والابتزاز ووضع الشخص المناسب في غير المكان المناسب، والتهاون في تطبيق الأنظمة والتشريعات أو تطبيقها على البعض دون الآخر.وللقضاء على الفساد يجب على أفراد المجتمع محاربة الفساد بشتى صورة وأشكاله والتعاون في ذلك يحتم علينا التزامنا الديني والأخلاقي والوطني والإنساني أن نساهم جميعاً في الحد من ظاهرة الفساد التي تهدد المجتمع والتي توسعت بشكل غير مسبوق وأضرت المجتمع وروح المواطنة لدى أبنائه. ومن الطرق في معالجة هذه الآفة الاجتماعية، تطبيق الاستراتيجيات المضادة للفساد، وسن الأنظمة والتشريعات والقوانين والشفافية فيها -بما لا يدع مجالاً للشك- والوضوح في تطبيقها والجزاءات الصارمة في حق المخالفين، وتوعية الموظفين لهذه الظاهرة الخطيرة وتداعياتها وتأثيرها على المجتمع وأخلاقياتهم، ودورهم في الإخبار عن حالات الفساد في دوائرهم. وإن عقيدتنا السمحاء تحارب هذه الظاهرة وتجرمها عبر عقد ندوات دينية في الدوائر الحكومية يحاضر فيها رجال دين حول دور الدين في القضاء على الفساد الإداري، وكذلك دور العبادة والجامعات والمدارس والقنوات المسموعة والمرئية والمكتوبة في محاربة هذا الداء وخطورته على المجتمع وإيضاح القصص والعبر عبر التاريخ حول الأقوام السابقة وما حصل لهم بسبب الفساد ووضع نظام مكافأة مالية لمن يقوم بالتبليغ عن حالات الفساد بشتى صوره.نحتاج أيضاً إلى تحسين الظروف المعاشية للموظفين من خلال إيجاد كادر وظيفي مناسب لكل فئة تناسب وضعه الاجتماعي والأسري وتتناسب مع الظروف المعيشية للبلد، والإعلان عن حالات الفساد بشتى أنواعه التي تم اكتشافها والإجراءات التي تم اتخاذها حيالها وتعميمها على الدوائر الحكومية ليكونوا عبرة لغيرهم، وإتاحة الفرصة لخلق نوع من الإبداع والتطوير لدى الموظفين ومكافأتهم على ذلك، وتعليق أسمائهم في لوحة الشرف ليكون حافزاً لغيرهم من الموظفين، وتشكيل لجنة في كل دائرة حكومية للإصلاح الإداري لدراسة الواقع الإداري وتغيير سلوك واتجاهات العاملين لمحاربة الفساد وعلاج الانحراف وقت اكتشافه، وتوفير القيادات الشابة النشيطة المؤمنة بالتطوير والتغيير والتي لديها مؤهلات علمية وخبرات عملية متراكمة ودعمها وتأهيلها لقيادة العمل الوظيفي.وقد تطول الخطوات وتتعدد الطرق، ولكن كلها تؤدي إلى وضوح طريق الإصلاح والحد من هذه الآفة التي يمكن أن تفتك بالمجتمعات، والتي كلما حاربها المجتمع بشكل أسرع كلما كان أقرب إلى التطور والإصلاح المنشود.عبداللطيف بو نجيب