دعا الشيخ خالد السعدون المسلمين إلى «نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم بالبيان واللسان والقلم من خلال اتباع سنته المطهرة والدعوة إلى الدين الحق»، موضحاً أن «هناك 4 قواعد في منهج نصرة النبي الكريم».وأضاف أن «أولى تلك القواعد: «أن الكفار آذوا الملك الجبار قبل أن يؤذوا رسوله»: فقد آذوا الله ربهم، وهو الذي خلقهم فسواهم فعدلهم في أي صورة ما شاء ركبهم، فقالوا أن له ولداً: «وقالوا اتخذ الرحمن ولداً * لقد جئتم شيئاً إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولداً». وروى البخاري أن رسول الله قال: «قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني، ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي، فقوله لي ولدٌ، فسبحاني أن أتخذ صاحبةً أو ولداً». وذكر الشيخ السعدون أن «القاعدة الثانية هي «أن السخرية من الرسول ليست جديدة» فقد كان الأذى يلحقه ممن ينتسب إلى الأمة نفاقاً، أو ممن ينتسب إليها حقاً ولكنه جاهل في تعظيمه، وكما قال الله: «ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذنٌ قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمةٌ للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذابٌ أليمٌ». وفي غزوة حنين لما قال قائل في قسمة الغنائم: «والله إن هذه القسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله»!! فما كان جوابه بأبي هو وأمي؟ قال: «فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله، رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر»، فما الجديد، إن لم يكن ذا جديداً؟ الجديد: أن يشهر وينشر، والجديد: «قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر»، بل قد أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن هذه السخرية والاستهزاء لا بد من وقوعهما، وهي سنة لله في أصفيائه وأحبائه فقال: «لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذًى كثيراً» وهذا لهم داء؟ فما دواؤه عندنا؟ وكيف الشفاء؟ هو في تتمة الآية: «وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور». وقال الله مثبتاً لنبيه ومواسياً: «ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم» فالله أكبر لسعة رحمة الله، فمع عظيم ذنبهم فهو يغفر لهم لو تابوا، وإلا فيمحقهم لو أصروا على غيهم أو ازدادوا، وهذا يؤخذ من ختم الآية: «إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم».وتحدث الشيخ السعدون عن القاعدة الثالثة موضحاً أن «ديننا كامل، ومن كماله نصرة النبي»: فليس بعقولنا ننصره، ولكن بالوحي الذي يوحى، وبقوله حين لم ينطق عن الهوى، قال الله تعالى: «اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين»، فالإعراض عن المشركين هو الدواء، وإلا فلو قابلناه بسفه وجفاء لصارت غيرتنا من الداء، فالله يقول: «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين»، وقد يتأتى من جهل الجاهلين غضبٌ وسخطة! فما العمل؟ هو كما أرشد العزيز الحكيم، عقب أمره بالإعراض عنهم فقال: «وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه سميعٌ عليمٌ».أما القاعدة الرابعة، بحسب الشيخ السعدون، فهي أن «حساب أولئك وجزاؤهم على الله وحده»: وهو اللعنة في الدنيا والآخرة كما حكم بها ربنا تبارك وتعالى، فقال: «إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً».وفي رد على سؤال حول السبيل في نصرة النبي، أفاد الشيخ السعدون بأن «المنهج هو رباني لا عقلاني في التعامل مع أولئك الكفار والأشرار، فالله يعلم نبيه ويربيه، ويقول: «فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين»، فما عليك يا محمد إلا دعوتهم ودعوة غيرهم من الناس، ولو سخروا منك! فما المنهج حينذاك؟ هو كما قال الله: «وأعرض عن المشركين»، ولو قال قائلٌ أيعقل أن يمر هذا بغير حساب ولا عقاب؟! وجوابه في الآية التي تلتها: «إنا كفيناك المستهزئين»، ثم يواسي الله رسوله فيخبره بأنهم آذوا الله العزيز الجبار بشركهم وكفرهم، فقال متبعاً ما مضى: «الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون»، ثم أتبعها بما يعلمه من ضيق صدر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من هذه السخرية! فما الدواء؟ «ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين»، فكان الداء السخرية، وأما طبيبه فنفسه هو الملك الجبار، وهو المتكفل به دون خلقه الأغيار، وأما المسلمون فليس لهم إلا عبادة الله حتى اليقين وهو الموت».وقال الشيخ السعدون إنه «يجب ألا نقف مكتوفي الأيدي، إزاء الإساءة للرسول الكريم، فلابد من نصرته بالبيان واللسان والقلم والدعوة إلى دينه الحق، ورفع الغبش عن بصيرة أولئك، بما يفعله جهالهم وكبراؤهم، ومن يعينهم عليه من جهلة المسلمين، وإن كانوا صادقين ومخلصين! فعليكم يا مسلمون بنصرة نبيكم، كما أراد الله لا كما تريدون، فالدين ليس بالرأي والعقل، وإنما بالاتباع والنقل، قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم»، فبنصرة الله واتباع سنة نبيه سيتحصل لنا نصر الله، وسيكون حينذاك حال المستهزئين كما أتبع الله به ما سبق فقال: «والذين كفروا فتعسًا لهم وأضل أعمالهم»، فليس لهم إلا التعاسة في الدنيا والآخرة إن لم يتوبوا، وليس لأعمالهم مآل إلا الخسران والضلال».وذكر أن «نتيجة هذا المنهج الرباني في الدفاع عن نبي الأمة، ثمرته معلومةٌ نقلاً وعقلاً، وشرعاً، وواقعاً، فأبو لهب الذي آذى الله ورسوله، وسخر بهما فأفنى ماله وعمره فما بقي له ولزوجته إلا التباب، قال الله تعالى «تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى نارًا ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبلٌ من مسد»، وأما التهور والرعونة في الرد على هؤلاء الساخرين، فقد تكون ذريعة لهم في التمادي والتغابي، ومن ثم فقد نعينهم في إيذاء الملك الجبار، كما قال الحق تعالى: «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم» فمع أن سب آلهتهم وتسفيهها، هو من الغيرة لله، وعلى رسوله إلا أن الله حرمه! ليس حباً للأوثان وإنما توقيراً للملك الديان».وأشار الشيخ السعدون إلى أنه «يؤيد هذا الواقع أن الكفار ما برحوا بالله وكتابه ورسوله يسخرون ويستهزئون، فما حفظ لنا التاريخ بفضل الله شيئا من ذاك ومما قالوا، وما ذاك إلا لإعراض سلفنا الصالح عن نباحهم وعوائهم: «إذا الكلب لا يضرك إلا نباحه فذره إلى يوم القيامة ينبح». وما أصدق القائل:لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بديناروخلص الشيخ السعدون إلى أن «ما نشهده اليوم من سخرية برسولنا ما تأتى إلا لكوننا أشعناه وأذعناه، ولو أكثرنا الصراخ والعويل لبحت أصواتنا، ولو أردنا حجراً لإلقام أولئك (....) لصار الحجر لكثرة العاوين والنابحين بالذهب والفضة، ولعل الأمر قد دبر بليل، فيراد من هذه السخرية والمسرحية التي ما تنقص من رسولنا شيئاً يراد منها ما هو أكبر، وللأمة على ضعفها ما هو أسوأ وأوعر، وإنا لله وإنا إليه راجعون».