قال خبراء اقتصاديون إن الدعم الخليجي الذي أعلنت عنه مؤخراً السعودية والإمارات والكويت لمصر سيعوض تدني الاستثمار الأجنبي الذي شهدت معدلات تدفقه تدنياً ملحوظاً منذ أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير.وتمثل الاستثمارات العربية، وتحديدا الخليجية في مصر، مؤشرا شاملا يعكس العديد من المدلولات السياسية والاقتصادية في آن واحد.ووفقا للإحصائيات المصرية الرسمية، فإن مصر احتلت المرتبة الثالثة من حيث استقبال الاستثمارات العربية البينية بحجم استثمارات قدر بنحو 21 مليار دولار على مدار الفترة من 1995 إلى 2012، وتمثل هذه الحصة نسبة 11.2%، من إجمالي الاستثمارات العربية البينية خلال هذه الفترة.وتشير البيانات الرسمية المتاحة إلى أن حجم الاستثمارات الخليجية في مصر العام الماضي قدرت بنحو 346 مليون دولار، وهو ما يمثل 91%، من إجمالي الاستثمارات العربية في مصر، وتأتي كل من الإمارات والسعودية وقطر في المقدمة بالنسبة إلى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، بحسب صحيفة "الاقتصادية" السعودية.إلا أن شكوكا تنتاب عدداً من رجال الأعمال والاقتصاديين المصريين حول مستقبل الاستثمارات الخليجية لعدة أسباب.خالد الحسن العضو في غرفة التجارة المصرية يقول إنه ''يمكن تقسيم خسائر الاستثمارات الخليجية في مصر إلى ثلاثة أنواع، الجانب الأول يرتبط بالخسائر الناجمة عن انسحاب الاستثمارات الخليجية من الأسواق المصرية جراء حالة الإضراب السياسي وعدم الاستقرار، النوع الثاني وهي الخسائر الناجمة عن توقف عدد من الاستثمارات الخليجية عن ممارسة نشاطها بالصورة المعتادة، أما النوع الثالث والأخير وهي توقعات بأن الأسواق المصرية لن تشهد استثمارات خليجية خلال الفترة المقبلة ولكن هذا مستبعد الآن".وأكد الباحث الاقتصادي إبراهيم خليل ضرورة التفريق بين نوعين من الاستثمارات الخليجية في مصر ويقول ''هناك استثمارات يقوم بها القطاع الخاص ورجال الأعمال الخليجيين، وهناك استثمارات مباشرة من الدول الخليجية والنوع الثاني من وجهة نظره هو الأكثر أهمية بالنسبة لمصر من حيث القيمة''.ويضيف ''لكن على الرغم من رغبة البلدان الخليجية في توجيه فوائضها المالية للاستثمار في مختلف البلدان العربية ومصر في المقدمة إلا أن الاقتصاد المصري يظل عاجزا عن الاستفادة من تلك الفرصة''، ويرجع ذلك لعدد من العوامل من بينها ''حالة الاضطراب السياسي الذى يسود البلاد، إذ يصعب توقع أن تسمح تلك الاوضاع بتدفقات مالية في شكل استثمارات خليجية لمصر، لكنه يرى أن الاقتصاد المصري يعاني أيضا غياب الشفافية، وغياب محفزات اقتصادية قوية تساعد على إقناع المستثمرين بالبقاء".ويشير عدد من الاقتصاديين إلى أنه لا يجب النظر إلى الاستثمارات الخليجية سواء الخاصة أو الحكومية وفقا لمجمل قيمتها المالية، بل يجب البحث فيما تمثله من إضافة حقيقية للاقتصاد المصري في مجالات التوظيف باعتبار أن مشكلة البطالة من المشكلات الرئيسة في مصر.ويعلق الخبير الاقتصادي الدكتور سمير الأسيوطي على الوضع الراهن للاستثمارات الخليجية بالقول '' خلال الـ 19 عاما الماضية وأعني تحديدا منذ عام 1995 نجد أن معدل تدفق الاستثمارات العربية على مصر مر بمرحلتين الأولى وتمثل الفترة من 1995 -2005، وخلال تلك الفترة كانت قيمة تلك الاستثمارات محدودة، إذ بلغت قرابة نصف مليارعام 1995، لكن منذ عام 2006 بدأت معدلات التدفق الاستثماري العربي وتحديدا الخليجي تقفز بشكل ملحوظ إذ بلغت ما يزيد على ثلاثة مليارات دولار عام 2006، لكن الوضع اختلف منذ أحداث 25 يناير 2011".