حذر علماء ودعاة من «خطر النميمة على المجتمع الإسلامي»، موضحين أن «نقل الكلام بين الناس لقصد الإفساد وإيقاع العداوة والبغضاء، خلق ذميم، لأنه باعث للفتن، وقاطع للصلات، وزارع للحقد، ومفرق للجماعات، يجعل الصديقين خصمين، والأخوين عدوين». ووصف العلماء النمام بـ «الذباب الذي ينقل الجراثيم»، مشيرين إلى أن «الشريعة الإسلامية اعتبرت النمام أو القتات، في منزلة الفاسق الذي لا يدخل الجنة». وأضافوا أن «توبة النمام بإصلاح ذات البين، ومحاولاته الجادة في الصلح بين المتخاصمين بسببه». من جهته، قال الداعية الشيخ محمد حسان إن «نقل الكلام بين الناس بقصد الإفساد وإيقاع العداوة والبغضاء، خلق ذميم، يلقي بصاحبه في النار»، مستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عن حذيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمام». مؤكداً أن «التوبة من ذلك الخلق الذميم بإصلاح ذات البين بين المتخاصمين اللذين تسبب النمام في خصامهما وعداوتهما لبعضهما».وأضاف أن «هناك آيات نزلت في مشركين كانوا يوصفون بذلك الخلق الذميم، مثل قوله تعالى «هماز مشاء بنميم»، وقال أهل التفسير إن الآية الكريمة نزلت في الوليد بن المغيرة، وفي قوله تعالى «وامرأته حمالة الحطب»، وقال العلماء إن الآية الكريمة نزلت في أم جميل بنت حرب، فكانت نمامة».وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: «إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله»، وقال بعض العلماء «وما يعذبان في كبير»، أي كبير في زعمهما وقيل كبير، تركه عليهما.وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى، قال: المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبراء العنت»، «رواه أحمد». وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس»، «رواه مسلم».من جانبه، قال الداعية الشيخ عمر عبدالكافي إن «النميمة صفة تطلق على من ينم قول الغير إلى المقول فيه، وسواء كان الكشف بالقول أو بالكتاب أو بالرمز أو بالإيماء، فكل ما رآه الإنسان من أحوال الناس مما يكره فينبغي أن يسكت عنه إلا ما في حكايته فائدة لمسلم أو دفع لمعصية، وعلى المسلم أن يقول الخير دائماً، مستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه «لا تحدثوني عن أصحابي، فأني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر»، وكما قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: «من نم إليك، نم عليك». وقال رجل لعمرو بن عبيد: إن «الأسواري لايزال يذكرك في قصصه بشر، فقال عمرو: يا هذا ما راعيت حق مجالسة الرجل، حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أديت حقي حين أعلمتني عن أخي ما أكره، ولكن أعلمه أن «الموت يعمنا، والقبر يضمنا، والقيامة تجمعنا، والله تعالى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين».وروي أن سليمان بن عبد الملك كان جالسـاً وعنده الزهري، فجاءه رجل فقال له سليمان: بلغني أنك وقعت في وقلت كذا وكذا وكذا، فقال الرجل: ما فعلت ولا قلت، فقال سليمان: إن الذي أخبرني صادق، فقال له الزهري: لا يكون النمام صادقـاً، فقال سليمان: صدقت، ثم قال للرجل: اذهب بسلام.ويروى أن الخليفة عمر بن عبد العزيز، دخل عليه رجل فذكر عنده وشاية في رجل آخر فقال عمر: إن شئت حققنا هذا الأمر الذي تقول فيه وننظر فيما نسبته إليه، فإن كنت كاذبـاً فأنت من أهل هذه الآية: «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا»، وإن كنت صادقـاً فأنت من أهل هذه الآية: «هماز مشاء بنميم»، وإن شئت عفونا عنك ، فقال: العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبداً.ونصح الشيخ عبدالكافي «المتضرر من خطر النمام، بأن يدعو الله أن ينتصر له، ويحتسب ذلك عند الله في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا، أما أن ينتصر الله له، أو يصبره فيأخذ الثواب، والله سوف يحكمه في حسناته يوم القيامة، فيأخذ منها ما يشاء». وفي هذا الصدد، قال الإمام محمد متولي الشعراوي رحمه الله إن «النمام أما أنه خائن للمجلس الذي يجلس فيه، بنقله ما يذكر فيه، أو هو آثم، لأنه ربما يزيد على ما ذكر أمامه من حديث».وقال العلماء إن «من نقلت إليه النميمة عليه بـ 6 أمور، لمعالجة تلك الآفة الخبيثة، أولها، أن لا يصدق النمام، لأن النمام فاسق، فقد قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة»، وثانيها، أن ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح عليه فعله، أما ثالثها، فان يبغضه في الله فإنه بغيض عند الله، ورابعها ألا يظن بأخيه الغائب سوءاً لقوله تعالى: «اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم»، أما خامسها، فهي ألا يحمل الشخص ما حكى على التجسس والبحث للتحقق منه لقوله عز وجل: «ولا تجسسوا»، وسادسها، لا ترض لنفسك ما نهيت النمام عنه، ولا تحك نميمته فتكون نمامـاً ومغتابـاً، فليتق الله ذوو الألسنة الحداد، ولا ينطقوا إلا بما فيه الخير لخلق الله، ويكفيهم في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» «رواه البخاري ومسلم».وفي هذا الصدد، قال الإمام الشافعي رحمه الله «إذا أراد شخص الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه فإن ظهرت المصلحة تكلم وإن شك لم يتكلم».