ما يزال خطر وصول الجماعات الإرهابية وتأثيرها المدمر من العراق إلى دول مجلس التعاون الخليجي يؤثر بشكل كبير على طبيعة رسم ملامح العلاقة ما بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي، إذ إن تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في العراق وسوريا ودول الربيع العربي أدى إلى تبلور قناعات جديدة لدى دول الخليج بشكل مغاير عما كان سابقاً خاصة بعد أن تم الكشف عن تشكيل شبكات متخصصة لتجنيد الشباب ضمن صفوف داعش الإرهابية خصوصاً بعد تزايد تأثير الدعاة الذين دأبوا على دعوة الشباب للقتال في صفوف هذه الجماعات الإرهابية.إن دول مجلس التعاون الخليجي ظلت تواجه تهديدات اتسمت بالتنوع من حيث طبيعتها، إلا أنها في المرحلة الحالية تواجه تهديداً من نوع آخر وهذا يعود لعدة أسباب أهمها:-التهديد من قبل الجماعات الإسلامية الراديكالية وعلى رأسها ما يعرف بـ (الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش) ووجود حواضن فكرية وإيديولوجية لهذه الجماعات في بعض الدول، وتجدد عوامل عدم الاستقرار والأسباب الدافعة لها، وتراجع في مستوى الالتزام الأمريكي اتجاه أمن الدول الخليجية في إطار تراجع على مستوى كوني في أفغانستان والمغرب العربي وتحول الاهتمام إلى فضاءات أخرى مثل الأزمة الأوكرانية، إضافة إلى مظاهر التوتر الطائفي الواضح في المنطقة وإرهاصات حرب طائفية راحت تتنامى في سوريا ولبنان.وما يزال القلق في دول مجلس التعاون الخليجي من تفاقم وانتقال التهديد الإرهابي لما يعرف ب (داعش) إلى بلدانهم بعد أن دخل العراق وسيطر على أكبر ثاني مدينة فيه وعاث فيها فساداً، إضافة إلى بعض المدن الأخرى، في ظل وجود عدد من القضايا الشائكة والعالقة ما بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي وتعتبر دول الخليج هذه القضايا مهددة لأمنها وبدرجات متفاوتة ومن أهم هذه القضايا الاهتمام الخليجي بمستقبل السنة السياسي في العراق خصوصاً بعد سياسات التهميش ضدهم ما يمثل توتراً مستمراً ما بين العراق وبعض الدول الخليجية والقلق الذي تعيشه هذه الدول بسبب العلاقة الرابطة ما بين العراق وإيران واعتقادها بأن العراق متصل بإيران ومرتبط بها ارتباطا قويا، وهذا يعد متغيرا مهما في العلاقات بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي وخاصة السعودية التي تفضل أن يكون هناك سياسة مستقلة للعراق عن إيران.ويبدو أن احتمالية امتداد تأثير ما يجري في العراق بات مصدر قلق كبير لأمن دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال المؤشرات التالية:- الخطر الطائفي الذي تكرسه هذه الأزمة ليس فقط في العراق وإنما في منطقة الخليج ككل، و أن تنظيم داعش الإرهابي لا يستهدف دولة دون أخرى ولا يقتصر على الداخل العراقي فقط وإنما مخططه يشمل جميع دول المنطقة.في ضوء ما تقدم يتضح لنا، أن مواجهة خطر التطرف يمثل مصلحة إقليمية، لذلك على دول الخليج عدم الاكتفاء بالإجراءات الأمنية الاحترازية في التعامل مع انخراط مواطنين خليجيين في أعمال قتالية في الخارج لأن الاكتفاء بمثل هذه الإجراءات يبدو أمراً غير كاف في التعامل مع هكذا أزمة تهدد أمن دول المنطقة ككل ومن ضمنها دول مجلس التعاون الخليجي، وأن تجاهل ما يحدث في العراق سيترك تأثيراته السلبية على دول الخليج، وعليه فإن التعاون والتنسيق العراقي - الخليجي بات أمراً ضرورياً من أجل الخروج من هذا الوضع الحرج بأقل خسائر ممكنة.عبداللطيف بن نجيب بن أحمدمتطوع بدار يوكو لرعاية الوالدين وناشط اجتماعي
«داعش» والعلاقة بين «التعاون» والعراق
07 فبراير 2015