دوما - (وكالات): لاتزال القذائف تنهال على مدينة دوما عاصمة الغوطة الشرقية، فطائرات نظام الرئيس بشار الأسد التي لا تغادر سماءها حولت شتاء دوما القارس إلى لهيب مشتعل.وطبقاً لإحصائيات المكتب الطبي الموحد في مدينة دوما، فإن عدد القتلى الذين سقطوا في دوما وحدها خلال الـ11 يوماً الماضية بلغ 109 أشخاص ثلثهم من الأطفال، وقد وثق المكتب أسماءهم وسط ترجيحات بارتفاع العدد نظراً لوجود الكثير من الضحايا تحت الأنقاض، إضافة للحالات الخطرة بين المصابين الذين تجاوز عددهم ألف جريح.كما غير الدمار الناجم عن القصف معالم المدينة خلال الأسبوع الماضي، وقال عضو اتحاد تنسيقيات الثورة السورية فراس العبد الله إن عدد الغارات التي شنتها طائرات النظام على المدينة بلغ 56 غارة خلال 6 أيام فقط، أسفرت عن تدمير 500 منزل وتفاوتت نسبة الدمار الذي لحق بها بين دمار كلي وجزئي، مضيفاً أن عشرات الأسر فقدت بيوتها وباتت بلا مأوى. وحتى المكتب الطبي الموحد لم يسلم من القصف الذي شمل معظم نقاطه الطبية وغرف عملياته، وأوضح الطبيب الميداني فارس دوما أن الطيران الحربي استهدف النقطة الطبية الرئيسية مرتين خلال 4 أيام فقط.كما استهدف سيارات الإسعاف والمسعفين حيث قتل ممرض يعمل في مجال العناية المشددة، وأصيب عدد من الأطباء الاختصاصين مما أجبرهم على التوقف عن العمل رغم الحاجة الماسة إليهم في هذه الظروف.ونبه فارس إلى أن النظام «يتعمد استهداف الكوادر الطبية وهو ما ينطلق من تفكير متخلف ويعبر عن عقيدته العسكرية التي لا يوجد فيها أي أخلاق أو مبادئ أو قيم أو دين ناهيك عن أي ذرة إنسانية».أما المصور الصحافي محمد أبو عدنان -أحد أبناء دوما الذي يعمل مصورا لوكالة أنباء عالمية- فيؤكد أن الحياة «متوقفة الآن في المدينة المنكوبة»، وأن مشاهد الدمار لن تمحى من ذاكرته مدى الحياة.وقال «العالم يتابع آلاف الصور، والرسالة وصلت لكن لا يوجد أدنى ضغط لإيقاف القصف، فالصور ومقاطع الفيديو لن توقف القصف ولن تفك الحصار».ويضيف متسائلاً «هل من المعقول أن 7 مليارات من البشر لا يستطيعون أن يوقفوا القصف المتواصل على رقعة أرض بمساحة 4 كيلومترات مربع؟ الحل ليس معقداً وأزمة هذا البلد لها حل واحد هو إيقاف إطلاق النار المباشر والفوري من كافة الجوانب، وما تبقى هو تفاصيل، ونريد من العالم الضغط للحصول على قرار أممي يقضي بإيقاف كافة جبهات القتال في الغوطة الشرقية وما حولها».وحذرت منظمة «أطباء بلا حدود» غير الحكومية من وضع صحي خطير في الغوطة الشرقية لدمشق جراء القصف الكثيف الذي تتعرض له من جانب طيران الأسد.وقال مدير العمليات في المنظمة الطبيب بارت يانسنز في بيان إنه في الأسابيع الأخيرة، «تجاوز عدد المرضى الذين يتلقون العلاج في المستشفيات التي ندعمها السقف المسموح به، وازداد عدد طلبات الحصول على التجهيزات الطبية في شكل كبير».وتحاصر القوات النظامية السورية الغوطة الشرقية منذ عام ونصف عام، وتتعرض منذ أيام لقصف جوي كثيف خلف عشرات القتلى والجرحى وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.وأضافت المنظمة أن مركزين طبيين أصيبا ما أجبر الطواقم الطبية والمرضى على مغادرتهما.وتابعت أن «ممرضاً قتل فيما كان يتوجه إلى عمله» وتمت معالجة مئات من الجرحى في الأسابيع الأخيرة في المراكز التي تحظى بدعم المنظمة في الغوطة.ونقلت المنظمة في بيانها شهادة مدير مستشفى وصف الساعات التي أعقبت قصف حي حمورية والذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة.وأفاد المرصد السوري أن القصف أسفر عن مقتل العشرات بينهم أطفال.وقال الطبيب «هرع المسعفون وكانوا ينقلون مزيداً من الجرحى، عندها أدركت أن كارثة حلت».وأضاف ان «مستشفانا كما غالبية مستشفيات المنطقة يفتقر إلى المعدات الأساسية ولدينا قدرة استقبال محدودة بالنسبة إلى حالات طارئة مماثلة».وتابع الطبيب «من بين أصعب الحالات بالنسبة إلينا الأطفال حين نضطر إلى بتر عضو أحدهم لإنقاذ حياته. إن اتخاذ قرار مماثل هو اختبار حقيقي لأطباء خياراتهم محدودة جداً».وأكد أن «الوضع الصحي في الغوطة الشرقية وظروف الحياة عموماً تجاوزت كل الخطوط الحمراء».وقال شهود عيان وسكان إن «من حق أهالي مدينة دوما السورية أن يخاصموا العالم أجمع بشأن مسلسل المجازر المتواصل الذي تشنه طائرات قوات النظام وأوقع مئات الضحايا، فضلاً عن الدمار الذي غير معالم المدينة التي أصبحت دامية خلال أيام العدوان الوحشي».