عواصم - (وكالات): دعا القادة العرب في ختام القمة التي استضافتها بغداد أمس للمرة الأولى منذ 22 عاماً، إلى حوار بين السلطات السورية والمعارضة، مسلمين بتدويل الأزمة ومطالبين دمشق بالتطبيق الفوري لخطة كوفي أنان. كما أدانوا "الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في حق المدنيين السوريين”، واعتبروا في القرار الذي حظي بإجماع المشاركين أن "مجزرة بابا عمرو المقترفة من الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية ضد المدنيين جريمة ترقى إلى الجرائم الإنسانية”. ودعا القرار "الحكومة السورية وكافة أطياف المعارضة إلى التعامل الايجابي مع المبعوث المشترك كوفي أنان لبدء حوار وطني جاد يقوم على خطة الحل التي طرحتها الجامعة وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة” الخاص بذلك. وطالب "القادة العرب المعارضة السورية بكافة أطيافها بتوحيد صفوفها وإعداد مرئياتها من أجل الدخول في حوار جدي يقود إلى تحقيق الحياة الديمقراطية التي يطالب بها الشعب السوري”.ويؤكد "إعلان بغداد” "التمسك بالحل السياسي والحوار الوطني ورفض التدخل الأجنبي في الأزمة السورية حفاظاً على وحدة سوريا وسلامة شعبها”.وطالب "القادة والملوك والرؤساء العرب الحكومة السورية بالوقف الفوري لكافة أعمال العنف والقتل”، ودعوا "إلى سحب القوات العسكرية والمظاهر المسلحة من المدن والقرى السورية وإعادة القوات إلى ثكناتها دون أي تأخير”. كما أكدوا على "موقفهم الثابت في الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية وتجنيبها أي تدخل عسكري”.إلى ذلك، أكد "إعلان بغداد” على الالتزام بالتضامن العربي، والتمسك بالقيم والتقاليد العربية، والحفاظ على سلامة الدول العربية كافة، واحترام سيادتها وحقها المشروع في الدفاع عن استقلالها الوطني ومواردها وبناء قدراتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والتشديد على تسوية الخلافات العربية بالحوار والوسائل السلمية، والحفاظ على المصالح القومية العليا للأمة العربية.كما أشاد الإعلان بالمبادرات والجهود الرامية لحل الأزمات في الإطار العربي، والدعوة لمواصلة الجهود الرامية لتطوير وإصلاح منظومة العمل العربي المشترك وتفعيل آلياتها والارتقاء بأدائها بما في ذلك الدور الذي سيضطلع به البرلمان العربي ومجلس السلم والأمن العربي، بالشكل الذي يساهم في إيجاد سياسات فاعلة لإعادة بناء المجتمع العربي المتكامل في موارده وقدراته لتحقيق العدالة الاجتماعية ومواجهة تحديات المرحلة ومواكبة التطورات السياسية التي تشهدها المنطقة وتبني رؤية الإصلاح السياسي والاقتصادي بما يضمن صون كرامة المواطن العربي وتعزيز حقوقه في ظل عالم يشهد تطوراً متسارعاً في وسائل الاتصال واعتبار المصالحة الفلسطينية ركيزة أساسية ومصلحة عليا للشعب، والإعراب عن الدعم الكامل لمدينة القدس، والتأكيد على حل الصراع العربي الإسرائيلي، وتقديم الدعم اللازم لليمن والصومال وجزر القمر في مختلف المجالات، والتضامن مع السودان في كل ما يستهدف النيل من سيادته وأمنه واستقراره، والتأكيد على إدانة الإرهاب بكافة أشكاله وأياً كان مصدره، وأهمية الإعلام بكافة وسائله، والاندماج والتكامل بين الاقتصادات العربية عن طريق حرية التجارة والاستثمار والدعوة إلى تكثيف الحوار بين الأديان والحضارات والشعوب.وأكدت القرارات الصادرة عن القمة على "تسوية الخلافات العربية بالحوار”، وأدانت الإرهاب، وأشادت بالتغييرات في العالم العربي، وأعادت التأكيد على مبادرة السلام العربية كل للصراع العربي الإسرائيلي.وخيم التباين حول الأزمة السورية على أعمال القمة العربية وترافق افتتاحها مع انفجار وقع قرب المنطقة الخضراء حيث مقر انعقادها. وانعكس التباين على الحضور حيث شارك 9 زعماء دول عربية فقط، أبرزهم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي قام بزيارة تاريخية هي الأولى من نوعها منذ اجتياح العراق للكويت إبان نظام صدام حسين العام 1990.وفي كلمته إمام الزعماء والمسؤولين العرب، حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من أن "خيار تزويد طرفي الصراع بالسلاح سيؤدي إلى حروب بالإنابة إقليمية ودولية على الساحة السورية”. وأضاف أن "الخيار سيجهز الأرضية المناسبة للتدخل العسكري الأجنبي في سوريا ما يؤدي إلى انتهاك سيادة دولة عربية شقيقة”. في موازاة ذلك، حذر المالكي من إمكانية أن يحصل تنظيم القاعدة على "أوكار جديدة” في دول عربية تشهد تغيرات. وحذر أيضاً من إمكانية "أن تركب القاعدة موجة الانتفاضات العربية”. وفيما أعلن غالبية المتحدثين عن دعمهم لمهمة المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا كوفي عنان، وحده الرئيس التونسي منصف المرزوقي دعا نظيره السوري بشار الأسد إلى التنحي، مطالباً بإرسال قوة سلام عربية "تحت راية الأمم المتحدة” إلى سوريا.من جهته، رأى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن "النزاع في سوريا قد يشكل خطراً على المنطقة، والحكومة فشلت في حماية شعبها، وقد وضعت الشعب تحت ضغط القوة”. وأضاف "أدعو الحكومة السورية إلى قبول المبادرة الدولية، وأدعو المعارضة إلى التعاون مع الممثل الدولي”. كما دعا أمير الكويت "الحكومة السورية إلى الإصغاء إلى لغة العقل والحكمة ووقف كل أشكال العنف ضد شعبها”، في إشارة إلى قمع الحركة الاحتجاجية المستمرة منذ أكثر من عام والتي قتل فيها الآلاف.من جهته، رأى رئيس الوفد السعودي إلى القمة العربية في بغداد أحمد بن عبد العزيز قطان، أن المرحلة الحالية بالغة الدقة مما يتطلب الوقوف وقفة جادة تتناسب مع حجم التحديات على الساحتين العربية والدولية.وقال رئيس وفد السعودية وسفيرها لدى جامعة الدول العربية، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، إن المرحلة الحالية بالغة الدقة مما يتطلب الارتقاء إلى مستوى الطموحات والوقوف وقفة جادة تتناسب مع حجم التحديات على الساحتين العربية والدولية بما يحفّز الدفع بالتنمية الشاملة.ولفت إلى أن "أبرز التحديات في العالم العربي هو التحدي الاقتصادي الذي تأثر به العالم بسبب الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على جميع دول العالم والدول العربية منها. ونقل السفير قطان تهنئة خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز للرئيس العراقي جلال الطالباني لترؤسه القمة العربية، مؤكداً أن خبرة الرئيس العراقي الطويلة وحكمته ستساهم في إدارة القمة باقتدار. كما عبّر عن شكره لحكومة العراق وشعبه على حسن الاستقبال والإعداد والتنظيم لمؤتمر القمة العربية، متمنياً للعراق "العزة والازدهار” من جهته، أعلن الرئيس السوداني عمر البشير لدى مخاطبته القمة العربية أن السودان يتطلع لعلاقات حسن جوار مع دولة جنوب السودان على الرغم من المواجهات التي دارت هذا الأسبوع على حدود الدولتين. وقال البشير "عزمنا أن نمضي قدماً في تسوية الملفات العالقة عبر التفاهمات مع جارتنا الجنوب وصولاً لعلاقات حسن جوار”.وافتتح رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل الجلسة الأولى أمس التي استمرت لنحو 4 ساعات ونصف الساعة وانعقدت بعدها جلسة مغلقة لاقرار جدول الاعمال، وسلم رئاسة الدورة العادية الـ 23 للعراق.وقدم العالم العربي في قمته اليوم شكلا مختلفا تماما عن اجتماع قادته الخير قبل سنتين بعدماً أطاح "تسونامي” الثورات وحركات الاحتجاج العربية بزعماء حكموا بيد من حديد لعقود طويلة. وعقدت القمة السابقة في سرت بليبيا في 2010، وقادها العقيد الليبي معمر القذافي الذي قتل العام الماضي في ثورة شعبية مسلحة أطاحت بنظامه الذي استمر لعقود. وتمثل القمة خطوة للعراق على طريق استعادة دوره الإقليمي والعربي بعد سنوات طويلة من العزلة. واعتبر زيباري في وقت سابق أن استضافة بغداد لأعمال القمة للمرة الأولى منذ 1990 "رسالة لعودة العراق إلى محيطه العربي والإقليمي واندماجه في منظومة العمل العربي بعد سنوات طويلة من العزلة”. وقال أمير الكويت "إن العراق استعاد حريته وكرامته وديمقراطيته إثر حقبة مظلمة ليبدأ بعدها بمعاودة دوره المعهود في العمل العربي المشترك”.من جانبه، قال وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي في كلمته إن "اليمن قدمت نموذجاً للدول في التغلب على صعوباتها بسبب ظروف المعيشة والبطالة التي كانت سبباً لزعزعة الأمن والاستقرار”.وأشار إلى أن الفترة الانتقالية في اليمن ستمتد لعامين، شاكراً كل من ساهم من الأشقاء العرب في حل الأزمة اليمنية، مؤكداً دعم بلاده لطموحات الشعب السوري في التغيير ومتمنياً "وضع نهاية لنهر الدم السوري العزيز واعتماد الحوار الذي يحفظ لسوريا أمنها واستقرارها وصياغة مستقبلها الذي تريد”.واعتبر وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني انعقاد القمة العربية في بغداد فرصة جيدة، داعياً إلى جعل حماية حقوق الإنسان من ضمن توجهات العمل العربي المشترك .وأضاف في كلمته "لا بد من عقد قمة مغاربية في تونس” ، مشيراً إلى أن المغرب الذي انخرط منذ عقود في الجامعة العربية ارتكز على الانفتاح السياسي والاقتصادي وترسيخ دعائم الحق والقانون.وجدد موقف المغرب الرافض لكل مظاهر التخلف في المنطقة العربية والسعي لبناء نظام فعال ومتجدد وتشجيع الاستثمار ومراعاة خصوصيات ومقومات كل بلد.