بقلم - د. خالد الشنو:بعد أداء صلاة العشاء إماماً في جامع أبي بكر الصديق المطل على شارع المعارض بالمنامة، جاءني شاب خليجي، وطلب مني الجلوس معه للحديث حول موضوع هام ومستعجل وضروري! فأجبته إلى طلبه، وطلبت منه البدء في الحديث، فقال: سأقول لك شيئاً بدون مقدمات! أنا عيسى بن مريم! ما أكمل مقولته إلا وكأن أحداً صفعني على وجهي! قلت له مندهشاً ومستوثقاً: نعم؟! فقال: نعم، معك عيسى بن مريم، وربما تسارع إلى تكذيبي، وتظن أنها مزحة، لكني فعلاً عيسى بن مريم، رسول الله إليك وإلى الناس جميعاً، بعثني ربي قبل سنة من الآن، وكان عمري حينها 32 سنة، فلما بلغت سن الـ33، أرسل الله إلي جبريل عليه السلام في إحدى الطوابق «العليا» من إحدى البنايات هنا. قاطعته عند هذه النقطة، وقلت له: ماذا تعني بـ«هنا»، هل تعني شارع المعارض؟! فأجاب بكل ثقة: نعم، نعم، هنا في البحرين، في شارع المعارض! وأنزل علي جبريل عليه السلام آيتين من عند الله سأتلوها عليك، وفعلاً تلاها الرجل علي، وأنا في قمة الذهول مما أسمع!طال الحديث معه، وفي الأخير وعدني بجلسة أخرى في زيارة قادمة، ليتلو علي آيات أخر ستنزل عليه من جبريل عليه السلام!!لا تستغربوا أحبتي، فقد يكون الرجل مهلوساً، أو ممسوساً بجن، أو مصاباً بمرض الانفصام، أو متعاطياً لمسكر أو مخدر، وربما يكون سليماً معافى لكنه دجال كذاب! وكل هذا وارد!ولنا في السنة النبوية تصديق ما ذكرت من خروج من يدعي النبوة في آخر الزمان، وأنه من علامات قرب قيام الساعة، ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كل يزعم أنه رسول الله». وفي مسند أحمد بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في أمتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون، منهم أربع نسوة، وإني خاتم النبيين، لا نبي بعدي».وجاء في بعض الروايات تحديد لبعض هؤلاء الكذابين وذكر أسمائهم، فقد أخرج بن حبان بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن بين يدي الساعة كذابين، منهم صاحب اليمامة، ومنهم صاحب صنعاء العنسي، ومنهم صاحب حمير، ومنهم الدجال وهو أعظمهم فتنة».وقد وقعت هذه العلامة من علامات الساعة، فخرج كثيرٌ من أدعياء النبوة، فمنهم من خرج في زمن النبوة، ومنهم من خرج في عهد الصحابة رضي الله عنهم، ولايزالون يخرجون حتى عصرنا هذا، وآخرهم المسيح الدجال.والذين خرجوا وادعوا النبوة عددٌ كثيرٌ -وربما صاحبنا منهم- والتاريخ والواقع يشهد بذلك، لكن أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مدعي النبوة ثلاثون، وليس في ذلك أي تعارض، فهؤلاء الثلاثون الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم هم الذين يكون لهم شهرة وذيوع وأتباع ودولة وصولة، وأما غيرهم ممن ليس له كذلك، فلا يعدون من الثلاثين.