كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:قال رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين د.عيسى أمين إن المواجهات مع الأساطيل الهولندية، دفع الإنجليز للتركيز على الهند، وأضاف أن في عام 1611 تم العمل على تأسيس أول مركز تجاري في الهند، حتى جاء تأسيس شركة الهند الشرقية بمرسوم من الملكة إليزابيث الأولى، فكانت بداية العلاقات الإنجليزية الهندية وبين الإنجليز والخليج وفارس. أكد ذلك د.عيسى أمين، مواصلاً الحديث حول تاريخ دخول الإنجليز إلى الخليج العربي، والاتفاقات التي وقعتها بريطانيا مع شيوخ الخليج، والنظام الإداري المؤسس بعد اتفاقية 1820 للأمن البحري، وكذلك ما قبل دخول الإنجليز مع دول الخليج في تلك الاتفاقات والتي تشترط نقل البضائع من وإلى الهند البريطانية.وتابع د.أمين: في 12 أبريل 1763 وقعت شركة الهند الشرقية اتفاقية مع شيخ بوشهر، يعطيها كافة الصلاحيات في تأسيس مركز تجاري لها في بوشهر، بعد ثلاثة أشهر من التوقيع المبدئي وقام بالتصديق على هذه الاتفاقية الحاكم الفارسي كريم خان زند «وكيل الأمة»، الذي أعطى صلاحيات أوسع لشركة الهند الشرقية، وأعفاها من دفع الضرائب على الصادرات، والواردات من مركزها التجاري، وحماية الأفراد والممتلكات التابعة لها، وأصبحت بعد هذه الصلاحيات الشركة الوحيدة التي تمتلك احتكار استيراد الصوف إلى الأراضي الفارسية.كانت مبادرة كريم خان زند ناتجة عن تدهور التجارة الفارسية بعد انسحاب الإنجليز من مركزهم التجاري في بندر عباس «جامبرون»، في فترة ماضية واتجاههم لفتح مركز بديل في البصرة – الذي بقى في الميناء بعد اتفاقية مع السلطات العثمانية – وفي مرتبة أعلى من المركز الجديد في بوشهروالذي أصبح تابعاً لمركز البصرة.إغلاق مركز بوشهربعد ستة أعوام « فبراير 1769» أغلق مركز بوشهر بواسطة الإنجليز بعد خلافات تركية عثمانية وفارسية وتأثر مركز وإدارة المقيم في بوشهربها، وفي العام 1775، افتتح هذا المركز للمرة الثانية برغم تدهور التجارة بصورة عامة في الخليج، وبعد الافتتاح الثاني تكبدت شركة الهند الشرقية خسائر مالية نتيجة لتدهور التجارة وازدياد مصاريف إدامة المراكز التجارية لذلك قرر مجلس إدارة الشركة إلحاق كل العاملين في مركز البصرة في المقيمية في بوشهر الأمر الذي لم ينفذ بسبب ظروف الحرب الإنجلوفرنسية، ولذلك بقى كل من مركز بوشهر والآخر في البصرة على سابق عهدهما.في العام نفسه « 1778» كان المقيم في بوشهر تابعاً للوكيل والقنصل في البصرة ومن خلالهما كان يرسل كل مراسلاته إلى بومبي مع صلاحية استخدامه أية سفينة مغادرة من بوشهر إلى بومبي مباشرة لإرسال هذه المراسلات دون اللجوء إلى البصرة، بشرط إرسال رسائل إلى البصرة كل أسبوعين وإرسال ثلاثة نسخ من مراسلاته المباشرة مع بومبي إلى الوكيل والقنصل في البصرة.من دار اعتماد إلى مقيميةبعد العام 1778 وبعد أن تحول مركز البصرة من دار اعتماد « وكالة»، إلى مقيمية طلب من المقيم في بوشهر التخاطب مع حكومة بومبي، وذلك لغاية 1873 مع استثناءات قليلة سمح له بالتخاطب مع الحكومة المركزية في كلكتا أو حتى الحكومة في لندن، هذا التخاطب المباشر مع الحكومة المركزية بدأ بالفعل في يونيو 1807 عندما بدأ المقيم بالتخاطب والمراسلة مع حكومة البنغال، وذلك للأهمية الدبلوماسية التي تمتعت بها الأراضي الفارسية خصوصاً بعد انتشار النفوذ الفرنسي فيها، ولأهمية فارس وموقعها الاستراتيجي والتنافس الأوروبي بالحصول على علاقة دبلوماسية متميزة مع حكومتها، أرسلت حكومة الهند الجنرال مالكولم في 1808، ومرة ثالثة في 1811 للاتفاق مع الحكومة الفارسية، وقد تم تعيين السير جور أوسيلي مبعوثاً إنجليزياً، وبصورة دائمة في طهران بعد هذا التعيين ولتحول العلاقة الدبلوماسية إلى التاج البريطاني مباشرة ارتأت حكومة بومبي تحويل مقيمية بوشهر إلى مركز تجاري ، وبعد نقاش بين شركة الهند وحكومة بريطانيا في لندن تم الاتفاق على بقاء دار المقيمية على سابق عهدها مع عودة الارتباط بحكومة بومبي والتي سوف تكون مسؤولة مالياً عن إدارة المقيمية.العلاقات الإنجليزية الهندية وبما أننا ذكرنا شركة الهند الشرقية الإنجليزية أصبح لابد من ذكر بعض المعلومات الهامة عنها إذ كانت هذه الشركة بداية العلاقات الإنجليزية الهندية وبعدها العلاقات مع دول الخليج العربي وفارس نفسها، ومن ثم تحولها من شركة تجارية إلى إدارة سياسية في الهند والخليج، شركة الهند الشرقية شركة تجارية تأسست بمرسوم من الملكة إليزابيث الأولى العام 1600، من أجل التجارة في جزر الهند الشرقية، وذلك للقضاء على احتكار الهولنديين للتجارة في هذه المناطق، وبالفعل كانت هناك مواجهات بين الأساطيل التجارية الإنجليزية والهولندية، مما أدى إلى انسحاب الإنجليز منها والتركيز على الهند وتجارتها، ولذلك أسست أول مركز تجاري لها في الهند العام 1611 وذلك بعد توقيع المعاهدات التجارية مع الحكام المغول.ونظراً للمردود المالي الكبير من تجارة الهند قررت شركة تجارية إنجليزية أخرى تأسيس مراكز لها في الهند «1698»، تنافس من خلاله الشركة الأصلية، لكن اتحاد الشركتين أعطى شركة الهند الشرقية صلاحيات كبيرة العام 1708، تم من خلالها تأسيس مراكز تجارية لها في مدراس، بومبي وكلكتا.تصفية شركة الهند بعد سقوط حكم المغول تعرضت هذه المراكز التجارية لتحديات وتدخلات من قبل أمراء المناطق، ما أدى إلى مواجهات انتهت بتدخل الشركة في أمور الهند الداخلية، هذا إلى جانب التحديات التجارية الكبرى من قبل شركة الهند الشرقية الفرنسية ورئيسها وجوزيف فرانسوا دوبلكس. على إثر ذلك أخطرت شركة الهند الشرقية بالدخول في معارك ضد هذه الشركة المنافسة بقيادة روبرت كليف، والذي حقق بعد تسعة أعوام «1751 – 1760» النصر لشركة الهند الشرقية الإنجليزية، والتي قامت بتوقيع اتفاقية مع الشركة الفرنسية في 1765، أصبحت بموجبها القوة الوحيدة في البنغال.كان لتجاوزات شركة الهند الشرقية صدى وردود فعل لدى الحكومة الإنجليزية في إنجلترا، والتي قررت العام 1773 أهمية تزكيتها لأي حاكم عام للبنغال تقوم شركة الهند الشرقية بتعيينه، وكان وارن هيستنج أول رئيس معين من قبل الشركة بموافقة الحكومة في لندن، لكن تحول الأمر إلى إدارة مباشرة من قبل هذه الحكومة ففي 1784 قررت حكومة بريطانيا في لندن استلام إدارة شركة الهند الشرقية في الهند مع بقاء الشركة كمؤسسة تجارة، وحكومة لندن إدارة سياسية العام 1833 قرر البرلمان البريطاني إنهاء احتكار الشركة لتجارة الهند، وبعد العام 1858 قررت حكومة لندن تصفية شركة الهند الشرقية وبقاء حكومة لندن المسؤولة الوحيدة عن أمور الهند الداخلية والخارجية إلى 11 يوم الاستقلال في 1947.