عواصم - (وكالات): أعرب رئيس جهاز الاستخبارات في كردستان العراق مسرور بارزاني عن مخاوف بشأن الدور الذي تلعبه ميليشيات شيعية مدعومة من إيران في القتال إلى جانب قوات الجيش العراقي لاستعادة السيطرة على مدينة تكريت من تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، في الوقت الذي تواجه العملية العسكرية التي تشنها القوات العراقية منذ أكثر من أسبوعين لاستعادة المدينة جموداً، بعدما عمد مئات من عناصر التنظيم المتحصنين في مركز محافظة صلاح الدين، إلى تفخيخ «كل شيء» فيها.وذكر بارزاني أن استعانة الحكومة العراقية بهذه المليشيات قد تؤدي لمشكلة أكبر من التنظيم، وذلك من خلال زيادة التوتر بين المجتمعات السنية والشيعية في العراق.وتعتبر الحكومة العراقية استعادة تكريت بمثابة نقطة انطلاق هامة باتجاه مناطق أخرى يسيطر عليها التنظيم، بما في ذلك الموصل، ثاني أكبر مدن العراق.وانتقد بارزاني بشدة حكومة بغداد لاستخدام ميليشيا «الحشد الشعبي» التي غطت إلى حد بعيد على دور الجيش العراقي في المعركة لاستعادة تكريت ذات الغالبية السنية.وقال بارزاني «هذا سيخلق مشكلة أكبر من الدولة الإسلامية، يجب علينا جميعاً أن ننظر إلى الأمر باعتباره حرباً ضد «داعش». يجب علينا أن نحارب الدولة الإسلامية سوياً، لكن إذا حدث انتقام أو ثأر بين الطوائف أو الديانات أو الجماعات العرقية، فسيصبح هذا بالتأكيد مشكلة أكثر صعوبة.»ويسعى نحو 20 ألف من الميليشيا ونحو 3 آلاف جندي عراقي لإخراج «داعش» من مدينة تكريت.ويعد هذا أكبر هجوم تشنه السلطات العراقية على التنظيم.وتعهد قادة في المليشيات في وقت سابق بالثأر لمذبحة ارتكبها مسلحو «داعش» وعشائر متحالفة معهم، حيث قتلوا 700 جندي، غالبيتهم من الشيعة، في معسكر سبايكر خارج تكريت في يونيو الماضي.من جهة أخرى، اتهم المسؤول الكردي الرفيع حكومة بغداد بحجب التمويل عن الأكراد بينما تدفع أموالاً للمليشيات الشيعية.وقال بارزاني «إنهم يدفعون للموصل ويدفعون للأنبار الخاضعتين لسيطرة الدولة الإسلامية. لماذا لا يدفعون لكردستان وهي حليف؟ نحن نحارب عدواً مشتركاً. كيف لا نحصل على الدعم الملائم؟ لماذا لا يُدفع للبشمركة بينما تحصل المليشيات الشيعية - مع كل احترام - على أموال؟».ولا تموّل حكومة العراق المركزية المناطق الكردية في الشمال بسبب نزاع على إنتاج النفط. من ناحية أخرى، أعرب بارزاني عن اعتقاده بأن الحل السياسي طويل الأمد في المنطقة ينبغي أن يأخذ في الاعتبار مصالح كافة الجماعات المختلفة.وقال المسؤول الكردي «الدولة الإسلامية نتيجة أخطاء سياسية في البلد وفي المنطقة، قبل «داعش» كان هناك تنظيم القاعدة. اليوم هناك «داعش». غداً قد يكون هناك شيء آخر. هناك مشاكل تاريخية ذات جذور عميقة في المنطقة».واستطرد قائلاً «يجب أن يكون هناك تفهم وضمانات لكل هؤلاء - السنّة والشيعة والأكراد - بأنهم سيحظون بمستقبل مشرق وآمن. هذا هو السبيل الوحيد كي يرتاح كل هؤلاء في العيش سوياً».في غضون ذلك، تواجه العملية العسكرية التي تشنها القوات العراقية منذ أكثر من أسبوعين لاستعادة تكريت جموداً، بعدما عمد مئات من عناصر التنظيم المتحصنين في مركز محافظة صلاح الدين، إلى تفخيخ «كل شيء» فيها.وتمكنت القوات العراقية ومسلحون موالون لها من فصائل شيعية وأبناء بعض العشائر السنية، من استعادة مناطق محيطة بالمدينة التي يسيطر عليها الجهاديون منذ يونيو الماضي، إلا أن التقدم داخلها كان أصعب.وقال جواد الطليباوي، المتحدث باسم «عصائب أهل الحق» الشيعية التي تقاتل إلى جانب القوات الأمنية «زرعوا العبوات في جميع الشوارع والمباني والجسور، فخخوا كل شيء».أضاف «توقفت قواتنا بسبب هذه الإجراءات الدفاعية»، مشدداً على الحاجة إلى «قوات مدربة على حرب المدن».ولجأ التنظيم إلى القنص والهجمات الانتحارية والعبوات الناسفة المزروعة في المنازل وعلى جوانب الطرق لمواجهة تقدم القوات التي تفتقد للتجهيزات الآلية لتفكيك العبوات، وتعتمد حصراً على العنصر البشري.وشدد الطلباوي على أن «معركة استعادة تكريت ستكون صعبة بسبب التحضيرات التي قام بها داعش».وأشار إلى أن الجهاديين محاصرون في أحياء المدينة شمال بغداد، مقراً بأن «الشخص المحاصر يقاتل بشراسة».وانطلقت عملية تكريت في 2 مارس الجاري، بمشاركة نحو 30 ألف عنصر، في أكبر هجوم عراقي ضد التنظيم.وفشلت القوات الأمنية 3 مرات في السابق في استعادة تكريت. إلا أن العملية الأخيرة بدت أفضل تخطيطاً، ويشارك فيها عدد أكبر من السابق. وقال عدنان يونس المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر العراقية في محافظة صلاح الدين، «وفقاً لتقديراتنا لم يبق سوى 20 % من أهالي تكريت» داخل المدينة.وأضاف «لا يتجاوز عددهم 30 ألفا وربما أقل. هؤلاء الأهالي باقون لأنهم لايملكون المال الكافي للمغادرة، ليس لديهم سيارات، غير قادرين، أو لأنهم اختاروا التعاون» مع «داعش».وتمكن المقاتلون من استعادة مناطق محيطة بالمدينة، واقتحموا الأسبوع الماضي حي القادسية في الجزء الشمالي منها، دون استعادته بالكامل.إلا أن حدة المواجهات تراجعت في الأيام الماضية، لتقتصر إجمالاً على القصف المدفعي، وبعد تدخل سلاح الطيران العراقي ذي القدرة المحدودة.وكان وزير الداخلية محمد سالم الغبان الذي تتبع له قوات الشرطة، أعلن «توقف» العملية، للحد من خسائر القوات، دون أن يحدد السبل التي ستسمح باستئناف العمليات. وكان قائد عمليات صلاح الدين الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، أكد أن مشاركة التحالف الدولي بقيادة واشنطن في عملية تكريت «ضرورية»، عازياً عدم حصول ذلك إلى سبب «سياسي» وليس عسكرياً.وفي مقابل هذا الغياب، برز دور إيراني تمثل بوجود قادة عسكريين إيرانيين في محافظة صلاح الدين، ودور الفصائل الشيعية المدعومة من طهران، والمنضوية تحت مظلة «الحشد الشعبي».ولجأت الحكومة إلى الحشد لمساندة قواتها الأمنية في استعادة المناطق التي سقطت بأيدي الجهاديين، خاصة بعد انهيار العديد من قطعاتها الأمنية.ونشر التنظيم صوراً تظهر قيامه بذبح 4 أشخاص في محافظة صلاح الدين، بتهمة «تجنيد» مقاتلين للانضمام إلى الحشد الشعبي. وبدا في الصور 4 أشخاص يرتدون زياً أسود، راكعين على الأرض، وقيدت يدا كل منهم خلف ظهره، ووقف خلف كل منهم عنصر يحمل سكيناً.وأظهرت صور أخرى العناصر الأربعة وهم يقومون بقطع رؤوس الأسرى.وسبق للتنظيم أن نفذ عمليات قتل بحق العديد ممن حملوا السلاح ضده، سواء أكان في العراق، أم في سوريا المجاورة حيث يسيطر على مناطق واسعة.