كتبت - إيمان الحسن وفرح الفرح:تسللت ظاهرة تدخين الفتيات للشيشة الي المجتمع البحريني طيلة الأعوام الماضية، وبعدما كنا نرى الفتيات المدخنات على استحياء وفي المقاهي البعيدة، أصبحنا نراهن على مرأى ومسمع الأعين بمعظم المقاهي والكوفي شوب. وفي حين قالت فتيات لـ”الوطن”، إن تدخين الشيشة بالنسبة لهن ممارسة نوع من الحرية، وأن على الآباء منح الثقة لبناتهن وعدم فرض المراقبة والقيود على حياتهن، إلا أن فتيات أخريات رفضن الظاهرة، وأكدن أن التدخين للفتيات ظاهرة سيئة على كافة أطراف المجتمع وجهاته التدخل لمحاربتها. ومن جانبها، قالت أم منال، كنت أدخن الشيشة مع صديقاتي بالمقاهي، إلى أن فكرت ذات يوم باصطحاب ابنتي منال معي للمقهى، وتركتها تجرب الشيشة من باب الفضول، حتى أصبحت ضيفاً شبه يومي في حياتنا، وأشعر أنها أمر عادي جداً وليس له علاقة بالأخلاق والتربية وغير ذلك.في حين قالت، أم طلال، أن تدخين الشيشة مضر لكلا الجنسين، ولا يحتكر على الفتيات فقط، وأنا ضد مقولة "أنا رجل أفعل ما أريد وأي شيء أفعله ليس عيباً”، فما الفرق بين الفتاة عندما تدخن الشيشة وبين الشاب، برأيي أنها مرفوضة من الجميع بغض النظر عن جنس الفاعل.وبالنسبة لرحاب التي تبلغ من العمر 40 عاماً، فذكرت، أن الحرية شيء في غاية الأهمية، ويجب منح الثقة للأبناء وعدم مراقبتهم بشكل دائم، وتركهم يعيشون الحياة وما فيها من تجارب مختلفة، وإذا قمنا بالمراقبة والشك فسينعكس ذلك سلباً على تصرفاتهم وشخصيتهم، فالشيشة حرية شخصية.بدورها، أشارت أم سارة، إلى أنها راضية وسعيدة جداً بأن بناتها يقمن بتدخين الشيشة أمامها بشكل علني، لافتة إلى، لا أحب أن يفعلوا أي شيء بالسر عني، أحب أن أعرف جميع ما يقمن به، وسعدت كثيراً عندما صارحنني بذلك، والآن بدوري احترم رغبتهن وقرارهن وتاركة لهن حرية الأمر.وعن تجربتها تقول لولوة، من وجهة نظري لا أرى أن الشيشة أمر سيء للغاية كما يرى المجتمع بأكمله، فكانت ردة فعلي جداً عادية عندما عرفت أن ابنتي سحر تذهب للمقاهي مع صديقاتها لتدخين الشيشة لأنني أعتبرها تسلية فقط وليست إدماناً، كما أن أغلب الفتيات يلجأن للشيشة للتفريغ ونسيان الهموم والمشاكل.وأوضحت فاتن، 30 عاماً، أن تدخين الفتيات للسيجارة أو الشيشة ليس جديداً، وانتشارها بشكل علني موضة تحمل معاني كثيرة، فأنا أذكر جدتي التي توفيت عن عمر يناهز الثمانين كانت تدخن الشيشة، فالأمر ليس بجديد وأراه طبيعياً.أكدت الشابة "راء”، أن الشيشة لم تعطها أي إيجابية سوى أنها تعمل على تهدئة أعصابها، أما بالنسبة لمضار الشيشة فهي على حسب مدى كثرة استعمالها، فالذين يدخنون الشيشة دائماً سواء كانت امرأة أم رجلاً تتسبب لهم بضيق التنفس والكحة وتغير لون الأسنان والفم.وأشارت "راء”، إلى أنها تحرص على الذهاب إلى كوفي شوب يكون بعيداً عما يتردد إليه أقاربها وأهلها لكي لا يرونها.وأضافت، حدث معها موقف عن امرأة جاءت لتنصحها عن عدم تدخين الشيشة لأنها مازالت شابة بينما هي نفسها تتردد على الكوفي شوب لتدخين الشيشة.من جانبها، أوضحت نورة التي تجلس في وسط مجموعة من قريباتها وصديقاتها "المشيشات”، أن الشيشة لا إيجابيات لها ما عدا ما يدعونه أنها تعدل نفسيتهم وتعتبر متنفساً لهم، وسبباً من أسباب جمعتهن.وأكدت، أن المقاهي التي توجد بها كبائن مغلقة جذبت الكثير من الفتيات اللاتي لا يعلمن أهلهن عن ترددهن على المقاهي وتدخينهن للشيشة، وبوجود هذه الكبائن أصبح الأمر يفوق الشيشة وإنما يصل إلى ما خل بالآداب والأخلاق فلا توجد أي رقابة على ما خلف الستائر، في السابق وبسبب العادات والتقاليد كانت الفتاة تجلس في الكبائن المغلقة ولذلك نرى كثرة تلك الكبائن في الكوفي شوبات، أما الآن فأصبح من الطبيعي أن نرى الفتيات يجلسن في الخارج ويشيشن من دون أي خجل، وتناست المرأة أن يجب عليها أن تكون أنثى ذات حياء وعفة ولكن للأسف يسقط حياؤها وتسقط أخلاقها عندما تمسك بالشيشة.وأضافت، أن بعض الكوفي شوبات يبتكرون زينة أنثوية ذات ألوان جميلة ونكهات مميزة خاصة للبنات، حيث أصبح من أساسيات نجاح الكوفي شوب توفير شيشة وجو ملائم للبنات لأنهن أصبحن مصدر دخل للكوفي شوبات، وللأسف صارت العادة دخيلة على مجتمعنا البحريني، بل وتجاوزتها لفتيات من دول الخليج يأتين للبحرين من أجل ذلك.وأكدت فتاة رفضت ذكر اسمها، أن هناك عدداً من الشباب يمتنعون منعاً باتاً من الزواج بفتاة كانت مشيشة، فالرجل لا يقبل المرأة المشيشة في منزله سواء كانت زوجته أو أخته، فكثير من المواقف التي تحدث عن ضرب الأهالي لابنتهم المشيشة في المقهى أمام الجميع عندما يعلمون بأنها تدخن الشيشة.ورغم، إدراك البنت لرفض أهلها تدخينها الشيشة إلا أن الكثير من البنات يتوقفن بعد زواجهن ولكن بعدها يعدن لتدخين الشيشة من وراء الزوج، ما يسبب الكثير من الخلافات والمشاكل في حين اكتشف الزوج بالأمر.في إطار زيادة الوعي هناك بعض الأهالي لا يمتلكن الوعي الكافي بكيفية التصرف مع البنت المشيشة، كما نقلت لنا فتاة موقفاً حدث لأم علمت أن ابنتها تدخن الشيشة وحاولت منعها بشتى الطرق إلا أن البنت لم تمتنع، فما كان للأم إلا أن تعمل ركناً في المنزل مجهزاً كاملاً بكل ما تحتاجه بنتها لكي تدخن الشيشة بالمنزل عوضاً عن ذهابها للمقهى.وأشارت، إلى دور صديقات السوء في تشجيعها على الأمر، فعندما يذهبن مجموعة من الفتيات للمقهى ويدخن جميعاً الشيشة لا يوجد من هو ناصح لهن، فلذلك يجب على الفتاة أن تحرص على أن تصاحب فتيات لا يترددن على المقاهي لكي لا تكسب هذه العادة منهن.وأضافت، أن الفتاة عندما تعتاد على الشيشة تتغير طباعها وصفاتها، فيعلى صوتها وتصبح الحياة سهلة وكل شيء جائز بالنسبة لها، فالفتاة عندما تذهب لمقهى ممتلئ بالشباب يسقط حياؤها قبل دخولها للمقهى.من جانبها، أكدت أخصائية في علم النفس الاجتماعي د.راوية زماري، أن الظاهرة انتشرت لغياب رقابة الأهل وإهمالهم لأبنائهم ويعود ذلك لانشغالهم بالحياة اليومية والعملية.وقالت، إن الظاهرة أصبحت نوعاً من البريستيج الاجتماعي، حيث تعتبر الشيشة ملتقى الأصدقاء بالمقاهي لكثرة انتشارها بالمقابل عدم توفر الأندية الثقافية الشبابية. وأضافت زماري، أن الظروف الحياتية الصعبة والرغبة في التقليد الأعمى والفهم الخاطئ لمفهوم الحرية من أهم أسباب تدخين النساء للشيشة، والظهور العلني للمدخنات بلا حرج هو من النتائج الطبيعية للمجتمعات التي نشأت مع العولمة والتي أفقدت خصوصية كل مجتمع وخصوصية أخلاقياته ومبادئه. وكان أطباء وأخصائيون تحدثوا مؤخرا لـ «الوطن»، أكدوا في دراسات طبية عدة أن مادة النيكوتين في الشيشة، تؤدي لتجاعيد مبكرة، وتقلل من خصوبة المرأة وربما تسببت بالعقم، مشيرين إلى أن مادة النيكوتين في الشيشة، لها تأثير على الأوعية الدموية وتجعلها تتقلص وهذا يؤدي إلى شحوبة الوجه ويجعل وجه المرأة رمادياً، كما إنه يؤدي إلى حدوث تجاعيد مبكرة ويؤثر على الشعر والأظافر، إضافة إلى أصفرار الأسنان هذا التأثير الخارجي، وللشيشة تأثير على الدورة الشهرية وتقلل من خصوبة المرأة وتسبب العقم أحياناً، والمرأة الحامل يسبب تدخين الشيشة لها نقصاً في نمو الجنين وصعوبة في تنفسه، إضافة إلى الإجهاد المتكرر لها وهذا ما أثبتته الدراسات. وطبقا لأطباء فإن تدخين الشيشة يؤدّي إلى الإصابة بسرطانات كثيرة مثل الرّئة والفم والمريء والمعدة، ويؤدّي التدخين بشكل عام والشيشة بشكل خاص إلى ارتفاع تركيز غاز أوّل أكسيد الكربون في الدم، ويؤدي تدخين الشيشة ومثيلاتها إلى تناقص الخصوبة عند الذّكور والإناث، ويساعد أيضاً على ازدياد نسبة انتشار التدرّن الرئوي عند الأشخاص الّذين يستنشقون الشيشة، وتؤثّر الشيشة على النساء في مرحلة الحمل؛ حيث يؤدّي استنشاق الدخان إلى تناقص وزن الجنين، كما أنّه سبب قويّ لإصابة الأجنّة بأمراض تنفسيّة مستقبلاً أو قد يؤدي إلى حدوث الموت السريريّ المفاجئ للطّفل المولود حديثا.