قال السفير الأمريكي لدى البحرين ويليام روباك إن إصلاحات صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في تعزيز الإصلاحات بالمملكة «تستحق الثناء العظيم»، واصفا البحرين بـ«الشرك الأمني والاستراتيجي للولايات المتحدة».ونقلت وكالة أنباء البحرين «بنا» عن السفير الأمريكي قوله إن «الشعب البحريني قادر وحده على رسم مستقبله، وأن حلول القضايا التي تواجهها المملكة لن تأتي من الخارج، وإنما من الداخل»، معرباً عن تطلعه لـ«تعزيز علاقات الصداقة التي تربط الولايات المتحدة بالبحرين، والاستمرار في بناء وتقوية الشراكة التاريخية بينهما».وأشاد السفير روباك بمقال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بصحيفة التلغراف، مشيراً إلى أنه «تضمن تشخيصاً كاملاً لكيفية مواجهة الأيديولوجيات الثيوقراطية».وأبدى إعجابه بـ«العديد من المبادرات التي أطلقها سمو ولي العهد وبتوجيه وقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتشجيع وتعزيز الإصلاح في البحرين».وأكد سفير واشنطن أن بلاده «تقدر عالياً علاقتها مع البحرين، وملتزمة بالبناء على شراكتنا الحيوية وتعزيز علاقات الصداقة الخاصة المبنية على أساس الاحترام المتبادل والتاريخ الطويل من التشاور والتعاون المشتركين».وقال «إن الصداقة بين البحرين والولايات المتحدة تمتد إلى أكثر من قرن من الزمن مع وصول المبشرين الأمريكيين إلى المنطقة، وكذلك مع افتتاح مستشفى الإرسالية الأمريكية، كما ازدادت علاقات الصداقة متانة مع وصول البحرية الأمريكية في الأربعينات من القرن الماضي».وتابع: «تعززت صداقتنا منذ ذلك اليوم حتى الوقت الحاضر في شكل تعاون في مجال الدفاع وشراكات أمنية، واتفاقية التجارة الحرة، والعلاقات التي ربطت مئات البحرينيين والأمريكيين ببعضهم البعض على المستوى الشخصي والإنساني»، متطلعاً إلى تعزيز الصداقة المشتركة «أكثر فأكثر خلال فترة وجودي في البحرين والاستمرار في بناء وتقوية شراكاتنا التاريخية الكبيرة».وذكر السفير الأمريكي أن «الناس الطيبين الذين التقيتهم هنا شجعوني كثيراً على العمل في البحرين، ليس فقط بسبب الانفتاح والدفء اللذين استقبلوني بهما ورحبوا بي، وإنما بسبب لطف وحفاوة أفراد هذا الشعب الذين التقيتهم، ونحن نقول دائماً إن العلاقات المباشرة بين الناس والتواصل معهم هما أهم الأدوات لدينا لتعزيز العلاقات بين بلدينا»، مشيراً إلى أنه يتطلع إلى «الالتقاء والعمل مع المزيد من أصدقائنا وزملائنا البحرينيين في المستقبل القريب».وحول أولوياته في الفترة القادمة، قال «يتصدرها مواصلة البناء على العلاقات الثنائية القوية، وفهم أفضل للمجالات التي يمكننا أن نساعد بعضنا البعض في تحقيق أهدافنا المشتركة»، معتبراً أن «هناك الكثير من المجالات التي نعمل فيها معاً بشكل وثيق، مثل الأمن الإقليمي والتبادل الثقافي والتعليمي»، وقال: «كرست الأسابيع الأولى لي في المملكة للاستماع للناس في محاولة لفهم أفضل لكل من هذه القضايا شديدة الأهمية».وأضاف السفير الأمريكي أن «توسيع العلاقات التجارية القوية بين البلدين هو مجال واعد، ونأمل توسيع استثمارات القطاع الخاص الأمريكي في البحرين، وتعظيم قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البحرينية على الاستفادة من المزايا التي توفرها اتفاقية التجارة الحرة بيننا»، مؤكداً أن «النجاح في هذين المجالين سيساعد في تنويع وتقوية الاقتصاد البحريني، فضلاً عن تعميق العلاقات التجارية الراسخة فعلاً بين بلدينا».وفيما يتعلق بسبل رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، أكد السفير أن «تعزيز العلاقات التجارية الثنائية هو واحد من أهم أولوياتنا، والفريق التجاري لدينا يتحدث مع الشركات الأمريكية المهتمة بممارسة الأعمال التجارية في البحرين كل يوم، وندرس بشكل وثيق البيانات التجارية في كلا البلدين لتحديد مجالات النمو لكي نضمن أن الشركات الأمريكية والبحرينية تحقق الاستفادة القصوى من اتفاقية التجارة الحرة».وأشار إلى أن البحرين تتمتع بالعديد من الميزات التنافسية، حيث بـ«الإضافة إلى ما يقرب من الصفر في المائة من الضرائب، وحق الملكية للأجانب بنسبة 100%، وموقعها المتميز كبوابة للوصول إلى سوق دول مجلس التعاون الخليجي، فإن البحرين لاتزال لديها أفضل بيئة قانونية للأعمال التجارية في منطقة الخليج، ونعمل بشكل مستمر مع كل من وزارة الصناعة والتجارة ومجلس التنمية الاقتصادية لجلب المزيد من الأعمال التجارية الأمريكية إلى المملكة حتى يتمكنوا من الاطلاع مباشرة على المزايا التي توفرها البحرين في هذا الصدد»، مؤكداً أن «وزارة الخارجية الأمريكية تواصل العمل سوياً مع البحرين للحد من الحواجز القانونية أمام التجارة، وتوفير فرص لتسوية النزاعات الدولية، مثل غرفة البحرين لتسوية المنازعات، الأولى من نوعها في المنطقة».وتابع أن «الولايات المتحدة لديها اتفاقات تجارة حرة مع 20 دولة فقط في جميع أنحاء العالم، وكانت البحرين أول دولة خليجية توقع على هذه الاتفاقية مع الولايات المتحدة (دخلــت حيـــز التنفيـــذ أغســـطس 2006)، واستغرق الأمر عدة سنوات، وتطلب مئات من الناس للتفاوض وتنفيذ الاتفاقية، ونحن نرى أنها واحدة من الأدوات الرئيسة لدينا في بناء الشراكة الاقتصادية بين البلدين، حيث ارتفعت السلع المتبادلة بنسبة تفوق 54% منذ أن دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ».وعن موجة الإرهاب التي تواجهها البحرين والمنطقة قال السفير الأمريكي: «نفهم التهديدات الحقيقية التي تواجه البحرين من جميع الجهات، وتضع الولايات المتحدة فرقاً واضحاً بين من يمارس العنف والجماعات المتطرفة التي تعمل على زعزعة استقرار البحرين، وغيرها من الجماعات التي تمارس حقها سلمياً في النقد والتعبير عن وجهات نظر مختلفة والتي لها دور مهم في مختلف المجتمعات والدول».وأضاف: «نحن ملتزمون تماماً، كما كان الحال دائماً، بالعمل مع جميع شركائنا، بما في ذلك البحرين، للحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج»، مشيداً بـ«مساهمات البحرين الكبيرة في حملة التحالف الدولي المتواصلة لهزيمة (داعش)».ورأى أن «وجود الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين هو رمز دائم لالتزامنا بالعمل مع شركائنا الإقليميين للحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، وأن البحرين عضو حيوي في قواتنا البحرية المشتركة التي تؤمن الأمن البحري والاستقرار في المنطقة، وأن اعتبار البحرين كحليف رئيس خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 2002 هو دليل آخر لالتزامنا المشترك بالأمن الإقليمي».وحول المقال الذي نشره صاحب السمو الملكي ولي العهد في صحيفة ديلي تلغراف، وتضمن تشخيصاً كاملاً للأزمة العالمية المعاصرة في التعامل مع الأيديولوجيات الثيوقراطية، أبدى السفير الأمريكي «إعجابه بالعديد من المبادرات التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وبتوجيه وقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتشجيع وتعزيز الإصلاح في البحرين»، مؤكداً أن «عمل سموه مع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فضلاً عن مقالته في صحيفة التلغراف، دليل واضح على بعد نظره والتزامه بمعالجة القضايا التي نواجهها في مكافحة التطرف العنيف».وحول الخطوات التي اتخذتها البحرين لتعزيز عملية الإصلاح، أكد السفير أن المشاركة الواسعة في الانتخابات البرلمانية في البحرين «شجعته كثيراً باعتبارها وسيلة هامة وعامة تدل على المشاركة الجماعية»، واصفاً الانتخابات بأنها «وسيلة هامة لمعالجة التطلعات المشروعة للشعب البحريني، مشيـراً إلى أن «صاحب الجلالة الملك حمد يستحق الثناء العظيم لدوره في تعزيز الإصلاح في البلاد، ودعمه ميثاق العمل الوطني سنة 2002، وتأييده توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، ودعمه الحوار الوطني 2013-2014، وأن حكومة البحرين اتخذت العديد من الخطوات الهامة نحو تنفيذ الإصلاحات المحددة في تقرير لجنة تقصي الحقائق».واعتبر أنه «مازال هناك عمل ينبغي القيام به، ونحن على استعداد للمساعدة بأي طريقة متى ما دعينا للقيام بذلك، وأنه لا يوجد مجتمع أو بلد مثالي، وأن الولايات المتحدة استفادت بشكل كبير من الانتقادات والتوصيات التي قدمها المراقبون والناشطون حول حقوق الإنسان والتجاوزات التي حدثت في الولايات المتحدة، ونفس الشيء بالنسبة للبحرين، أعتقد أنها ستستفيد من البقاء منفتحة على مواصلة الحوار مع المواطنين الذين يدعمون سلمياً جهود الإصلاح وتعزيز حماية حقوق الإنسان». وفيما يتعلق بلقاءاته الأخيرة، أشار السفير إلى أنه «التقى مع البحرينيين من جميع الخلفيات ومناحي الحياة، من كبار المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال والنساء والطلاب والفنانين والأساتذة، إلى قادة المجتمع، وأبهرت بالدفء والترحاب الذي ميز كل من التقيتهم، وتأثرت كثيرا بالضيافة التي يتم استقبالي بها من قبل أفراد الشعب البحريني وانفتاحهم على العادات والتقاليد والأشخاص ووجهات النظر المختلفة، وكان هدفي الأول الحقيقي هو الاستماع ومحاولة فهم أفضل للقضايا التي تهم جميع البحرينيين».وأضاف: «نحن نعمل بشكل وثيق مع جميع شركائنا في المملكة حول مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية والسياسية والاجتماعية، لذلك كان من المهم بالنسبة لي أن أسمع من البحرينيين مباشرة عن تأثير هذه القضايا عليهم، وكانت النتيجة الهامة بالنسبة لي هو فهم أفضل لجوانب مختلفة من علاقاتنا الثنائية القوية وتحديد الطرق المشجعة التي سوف تساعدنا على تطوير تعاوننا الوثيق في المستقبل». ولفت السفير الانتباه إلى إدراكه أن «البحرين حققت العديد من الخطوات الهامة في معالجة بعض الأسباب الكامنة وراء الأحداث التي حدثت سنة 2011، وندعم المبادرات الحكومية الجارية للبناء على هذه الجهود، بما في ذلك الجهود الحقيقية التي تبذلها الأمانة العامة للتظلمات»، مشيراً كذلك إلى «الجهود الرامية لتقوية البرلمان الجديد بعد الانتخابات الناجحة العام الماضي، وإنشاء وحدة التحقيق الخاصة، والجهود التي تبذلها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وهي إنجازات إيجابية تعكس جهود الإصلاح الجارية في البحرين».وقال إن «الولايات المتحدة أعربت مراراً عن دعمها لجهود صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الإصلاحية لتعزيز الحقوق الأساسية لجميع المواطنين البحرينيين والتي تشمل وجهات نظر جميع البحرينيين في صياغة القرارات التي تؤثر عليهم»، وهذه الجهود والمبادرات المشار لها أمثلة مشجعة على تدابير بناء الثقة وبناء المؤسسات التي يمكن أن تؤدي إلى المزيد من الفرص للحوار وحماية أفضل للحقوق الأساسية».وحول حجم التهديدات والتحديات التي تواجهها المنطقة، وكيف يمكن التعاون مع المملكة لمواجهتها، أكد السفير أن البحرين «تعد شريكاً أمنياً مهماً في هذه المنطقة التي تواجه تحديات وتعقيدات هائلة»، موضحاً أن «الحفاظ على قدرتنا وقدرة شركائنا على التعامل مع هذه التحديات هو عنصر هام من التزامنا بأمن الخليج».وأضاف أن «لدينا علاقات دفاعية وأمنية قوية مع دول مجلس التعاون الخليجي الست، وإننا نعتمد على ستة علاقات ثنائية قوية جداً. ونحن نبحث باستمرار عن طرق للبناء على هذه العلاقات الثنائية الستة في إطار متعدد الأطراف يمكننا من مناقشة المصالح المشتركة، كما نبحث دائما عن طرق تمكننا من مناقشة المخاوف الأمنية المشتركة، والمجالات التي يمكن التعاون من خـــلال مجموعات العمل التي تتناول قضايا محددة». وقال إن «الأمن البحري، على سبيل المثال، هو القضية الرئيسة التي نعالجها في المنطقة من خلال سلسلة من التدريبات المشتركة، وتبادل المعلومات بشكل مستمر ومقارنة الملاحظات حول كيفية معالجة هذه التحديات المعقدة وغيرها التي نواجهها في المنطقة».وضمن إجابته على سؤال حول تجربة البحرين مع تدخلات بعض السفراء في شؤونها الداخلية، نبه السفير إلى أن «رسالتنا الأساسية في هذا المجال هي: الأمر متروك للبحرينيين لرسم مستقبلهم، وتتمتع الولايات المتحدة والبحرين بعلاقات ثنائية قوية تمتد على مدى سبعة عقود، ونحن واضحون جداً أن البحرينيين يجب عليهم تحديد مصيرهم بأنفسهم»، مشيراً إلى أن «هذه العلاقة أكبر بكثير من سفير واحد أو كيان واحد، إنها علاقة قوية متعددة الأوجه، وسوف تزداد بالعمل معاً لدعمها باستمرار والبناء عليها».وقال السفير: «نعتقد أن المستقبل السياسي لهذا البلد يقع على عاتق الناس فيه، وحلول القضايا التي تواجهها البحرين لن تأتي من الخارج، ولكن من الداخل». وختم السفير تصريحاته بالقول «أدرك أنه من واجبي أن أمثل بلدي وأعبر عن وجهات نظر حكومتي وقيم بلدي بطريقة مسؤولة بعيداً عن وسائل الإعلام»، مؤكداً أن «هذه المهمة يجب أن تكون متوازنة، بطبيعة الحال، من خلال الحاجة إلى احترام واجب الضيافة من الحكومة المضيفة والمجتمع الذي تمثله». وأعرب عن أمله «تحقيق التوازن بين تلك الالتزامات بمسؤولية -مع الاعتراف بأن جميع المجتمعات لها أصوات ووجهات نظر متنوعة- وهو ما سوف يشجع على حوار مثمر يفيد كلا البلدين».