«إلا قطوة» عبارة بمثابة معول هدمٍ لكل قيم الرفق والعطف والحنو الجميلة التي تجعل من الإنسان إنساناً أولاً وفريداً عن باقي مخلوقات الله بعقله ثانياً إذ إنه الكائن الوحيد الذي كرمه الله لخلافة وإعمار الأرض ولا يمكن تعمير الأرض ورعاية ما فيها وما عليها بقلب قاسٍ خالٍ من كل معاني الإنسانية.بهذه العبارة التي زاد تداولها في الحياة اليومية بين آباء وأمهات ومربين ومربيات أفاضل والذين يفترض بهم أن يكونوا قدوة للأبناء والأجيال ومثال على رقي الأخلاق والإنسانية دمروا بقصد أو دون قصد هذه القيم في نفوس الأجيال التي لحقتهم حتى نشأت في مجتمعاتنا نفوس مريضة تتلذذ بتعذيب الحيوانات البريئة الضعيفة وتتقصد مسارها وأماكنها وتنصب المكائد فقط للنيل منها.فكيف لمجتمع أباح لنفسه انتهاك حرمة الله في مخلوقاته التي لا تقدر على شيء أمام هذا الجبروت والطغيان البشري أن يأمن من عقاب الله وسخطه؟ كيف يمكن لذلك المتغطرس المتكبر أن يخلد مرتاحاً في فراشه بعد ما اقترفته يداه من جرائم شنيعة وفظيعة في تلك المخلوقات البريئة؟قال صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» الرعاية والمسؤولية المقصودة في هذا الحديث الشريف ليست مادية فقط كما يظن البعض بل الأمر أشد بكثير من ذلك. فالوالدان مسؤولان عن دين وأخلاق ومستقبل أبنائهم في الآخرة، لذلك وجب على الوالدين حث أبنائهم على الرفق بهذه الحيوانات واحترام حياتها ونهرهم وتوبيخهم بشدة عندما يؤذون تلك الحيوانات بالحجارة أو الركل أو جذب أطرافهم أو تخويفهم وترويعهم أو إجبارهم على خوض قتال مع حيوانات وأمثلة كثيرة أخرى على تعذيب الحيوانات لا يسعني ذكرها هنا. إن السلوكيات اللاإنسانية تجاه تلك المخلوقات الضعيفة والمتنافية مع ما حث عليه ديننا الحنيف تستوجب النار وقد ورد في الأثر: أن الابن إذا لم يعتن أبوه به واستوجب النار، يقول: يا رب لا أدخل النار حتى أُدخل أبي. فماذا لو كانت درجة المسؤولية حسب الحديث الشريف تتعدى إلى أكبر من مسؤولية الوالدين لتصل للحد الأعلى وهي مسؤولية الحاكم، فالرعية بالنسبة للحاكم هم الظالم والمظلوم على حد سواء فإلى متى يتم السكوت والتغافل عن هذه الجرائم البشعة ضد الحيوانات البريئة من دهس وحرق وضرب حتى الموت دون أي قانون يحمي تلك المخلوقات البريئة ويردع الظالم عن حده ولا يتيح له التمادي في ظلمه؟ وأخيراً أوجه كلامي إلى من نصب نفسه محامياً عن حقوق الطيور وقاضياً يحاكم القطط بالحرق في قفص حتى الموت بتهمة أن الله سبحانه وتعالى قد خلقها تصطاد الطيور لتأكلها متناسياً أن الله قد خلقه أيضاً آكلاً للحوم السمك والطير والمواشي، وأذكره هو ومن هم على شاكلته بأن الظلم ظلمات يوم القيامة واكتفي بقول: «حسبي الله عليكم الله ينتقم منكم شر انتقام في الدنيا والآخرة». فاطمة . ج
إلا قطوة!
02 أبريل 2015