كتب - جعفر الديري: كان مشهد الفنان العالمي عمر الشريف، مؤثراً وهو يؤدي دور فنان الأراجوز محمد جادالكريم، يغني بصحبة ابنه، من تأليف سيد حجاب وألحان الموسيقار عمار الشريعي «أراجوز.. أراجوز.. إنما فنان. فنان.. أيوه.. إنما أراجوز»، بعد انقطاع أمله في ابنه البكر، وذلك في الفيلم الذي أنتج العام 1989 باسم «الأراجوز»، من إخراج هاني لاشين، وتمثيل ميرفت أمين، هشام سليم، أحمد خليل، وسلوى خطاب. الفيلم الذي كتبه عصام الشماع، وكما عرضه الناقد السينمائي البحريني حسن حداد؛ يحكي عن محمد جادالكريم (عمر الشريف)، ذلك الرجل الريفي الأصيل، أراجوز القرية المتمسك بالقيم والمبادئ والتقاليد. والذي يحاول من خلال عمله البسيط وأدائه لدور الأراجوز، أن يكشف عن أصحاب الفساد في قريته، وانتقاد السلبيات الموجودة فيها. وهو ينجح غالباً في مسعاه هذا، لكنه رغم ذلك لم ينجح في أن يعلم ابنه بهلول (هشام سليم) دروس القيم والمبادئ لذلك يصبح الابن فيما بعد على طرفي النقيض من والده، حيث يبيع المبادئ والتقاليد، بل ويبيع أهله أيضاً.في هذا الفيلم نجح المؤلف في الاحتفاظ بالفكرة الشائعة عن فنان الأراجوز، «فالأراجوز إنسان بسيط لا يريد سوى أن يعيش كما يهوى، ويكره التعالي والكذب -وإن اضطر إلي ذلك أحياناً-، حاد الطباع، ساخر، عنيد. إنه نموذج لابن البلد في مصر»، كما يشير إلى ذلك أحد الباحثين. ورغم أن أصل كلمة «أراجوز» غير مؤكد، كما تذكر الباحثة المصرية أسماء مصطفى، مشيرة إلى أن هناك رأياً يرجع كلمة أراجوز إلى اللغة الفرعونية «أورو جوز» أي صانع الحكايات، وآخر يرجعها إلى كلمة «القرة قوز» باللغة التركية، التي تعني العين السوداء، وآخرون يقولون إنها تحريف لقراقوش نسبة إلى بهاء الدين قراقوش أحد حكام مصر في العهد العثماني. إلا أن الأراجوز «لم يكن مجرد وسيلة للتسلية والمرح، لكنه كان منبراً مباشراً لنقد الأوضاع الاجتماعية وعرض أهم القضايا التي تدور في بال الناس في ذلك الوقت. كان المصري يجد حياته اليومية متجسدة في عرض كوميدي ظريف أبطاله عرائس خشبية، مما كان يهون عليه معاناته، وأيضاً يساعده على تقبل مواجهة أخطائه عن طريق نقدها بشكل لطيف».«أما النصوص الدرامية الخاصة بمسرح الأراجوز فتكون ما بين النصية والارتجال، حيث هناك مجموعة من النصوص الدرامية تظل في ذاكرة اللاعبين، فهم يتوارثون هذه النصوص المسرحية جيلاً وراء جيل، ولاعباً وراء لاعب، وقد يتم هذا النقل الشفاهي من أب إلى ابنه، أو من معلم إلى أحد الصبية المساعدين. وهذا النقل يمكن أن يكون مجهول المصدر بمعنى لا يعرف اللاعب من هو مؤلف هذا النص حتى وإن تناقله مع غيره من اللاعبين. لكن هذا الحفظ الشفهي لا يخلو من الأداء الخاص حيث يقدم اللاعب ما حفظه عن طريق الارتجال العفوي الفوري».