^ ما حدث للطفل عمر في مدرسة النور العالمية من قبل مدرسته “مربية الأجيال” التي جعلته يقبل قدمها ضاربة عرض الحائط براءة هذا الطفل الذي لا ذنب له إلا أن اسمه “عمر” على اسم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب “الفاروق”، وهذا يجعلنا نقف ملياً وندرك أن الحقد الطائفي والمذهبي الذي لا ندري ما مصدره وإلى ماذا يستند، قد تغلغل في المجتمع البحريني الذي عرف عنه أنه مسالم وقد وصل إلى حد لا يمكن حياله إلا بتر داء الطائفية البغيضة التي ظهرت بشكل واضح بعد الأزمة التي اختلقتها من تسمي نفسها معارضة ممثلة بجمعية الوفاق ومن يتبعها ومن يقف خلفها بالتحريض واستغلال منبر الجمعة والدعوة لسحق وقتل رجال الأمن. عندما قرأت كيف تم اكتشاف ما تقوم به تلك المدرّسة التي تجرّدت بفعلتها تلك من كل مشاعر الإنسانية التي من المفترض أن تكون مزروعة في قلبها بحكم أنها أم لأطفال قد يكبرون أو يصغرون عمر، أتدرون كيف فضح الله هذا الأمر، كان بمحض الصدفة وبراءة هذا الطفل الذي مازال قلبه أبيض، حين قام بتقبيل رجل أمه عندما ذهب إلى المنزل وهو ما جعل الأم تستغرب مما قام به ابنها عمر، وسألته لماذا تفعل ذلك؟ قال لأن المدرّسة تجعله يقبّل قدمها ولأنها تحبه أكثر من غيره من الطلبة. أعتقد أن الأم حين عرفت ذلك صعقت من هول ما قاله لها ابنها، ولو كنت مكانها لانهرت ولخارت قواي، ألهذه الدرجة وصل بنا البغض والحقد، إنها جريمة بحق الطفولة جمعاء. أتساءل لماذا يحصل كل ذلك في بلد كان الحب والاحترام بين سنته وشيعته هو السائد طوال عقود من الزمن، كان الأجداد متعايشين دون أن يتعدى أحد على الآخر أو يقدح في طائفته، بل إن الجميع حر في مذهبه له مطلق الحرية في الصلاة بالمسجد أو بالمأتم، لكننا اليوم شئنا أم أبينا نعيش مخاضاً عسيراً للخروج من عنق الطائفية التي استشرت في المجتمع بشكل مخيف، وما نراه اليوم من قضايا -كان آخرها قضية الطفل عمر- ما هو إلا دليل على ذلك، وباعتقادي بأن هذه الحالة لن تكون الأخيرة، ولكن حسناً فعلت مدرسة النور بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم حين فصلت المعلّمة نهائياً. حقيقة لا يمكنني أن أتخيل منظر الطفل عمر وهو ينحني أمام قدم مربية الأجيال ليقبّلها، وهو لا يدري أن ما يقوم به ليس حباً فيها إنما مهانة له فقط لأن اسمه مطابق لاسم الفاروق عمر الذي فرق بين الحق والباطل، وإن كانت طفلة واسمها عائشة على اسم زوجة سيد الخلق محمد بن عبدالله “ص” سيتكرر ذات الموقف معها، لا يمكننا أن نقول إلا اتقوا الله في هؤلاء الأطفال فليس لهم ذنب في ما يحدث من أحداث سياسية اختلط فيها الحابل بالنابل، أسفٌ والله ما يحدث لك يا وطني، وأسف أن يصل البحرينيون إلى هكذا تصرفات، إن قلبي يعتصر ألماً وحسرة وأسفاً على ما نسمع ونشاهده ونعيشه كل يوم، وعلينا ألا نقحم الأطفال في خلافاتنا السياسية أو المذهبية لأنهم أحباب الله. لم يأتِ فصل المعلّمة إلا بعد أن أصبحت حادثة عمر قضية رأي عام في المجتمع، فقد هب الجميع يستنكر ويطالب بمحاسبة ومعاقبة هذه المدرسة، حيث يعتزم 10 محامين رفع قضية ضد المعلّمة في المحاكم، ونرى نواباً قد انسحبوا من جلسة مجلس النواب الأخيرة احتجاجاً لعدم اتخاذ إجراء حازم ضد المعلّمة والمدرسة على حد سواء، ونرى أن الاعتصام الذي نظمه شباب صحوة الفاتح أمام وزارة التربية يدل على الحراك الشعبي الغاضب، الذي تعدى الحدود المحلية إلى العربية والعالمية في وسائل الإعلام، ونرى أن كتّاب الرأي قد تناولوا هذه القضية وبينوا مدى خطورتها على النسيج المجتمعي، وعلى وزارة التربية والتعليم ألا تتساهل حيال أي قضية فقد كانت حادثة عمر بمثابة بالون الاختبار الذي إذا ما تم التراخي فيها فإن هناك أكثر من عمر، ويجب أن يتم حرمان هذه المعلمة من مزاولة مهنة التدريس نهائياً وعدم قبولها في أي مؤسسة تعليمية، بل وإحالتها إلى النيابة العامة تمهيداً لمحاكمتها بعد ثبوت التهمة عليها بالأدلة والبراهين. ^ همسة قال الشاعر الدمشقي أبو علي الحسن بن هانئ الحكمي المعروف بـ “أبي نواس”: يـا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد عـلمت بأن عفوك أعظم إن كـان لا يرجوك إلا مـحسن فبمن يـلوذ ويستجير المجرم مــا لي إليك وسيلــة إلا الرضا وجميل عــفوك ثم أني مسلم
لأن اسمه عمر!
15 أبريل 2012