أكد المستشار القانوني لوزيرة التنمية الاجتماعية د.أسامة كامل، أن هناك أولياء أمور يشجعون أبناءهم على التخريب والتدمير باعتباره بطولة، لافتاً إلى أن وتيرة العنف بالوطن العربي ارتفعت عند خلط الدين بالسياسة واستخدام الطفل كوسيلة.ودعا كامل لدى مشاركته في ندوة «وضع الأطفال في ظل الظروف والمتغيرات الجارية في المنطقة العربية»، إلى بناء صرح معلوماتي يمهد لقرارات تحقق المصلحة الفضلى للطفل، وإعادة صياغة التشريعات الخاصة بالأطفال بحيث يكون جوهرها إعادة تأهيلهم ودمجهم بالمجتمع المحيط.وحث في ورقته المعنونة «الوضع القانونى لمسؤولية الوالدين في منظومة حماية الطفل وأثرها على تنمية المجتمع»، على إنشاء إدارات للرعاية اللاحقة للأحداث لبناء القدرات والتنشئة الصحيحة، وتعديل التشريعات بشأن تحديد مسؤولية الوالدين تجاه أبنائهم، وبناء منظومة تعليم دينية لإعداد الطفل وتنشئته بعيداً عن العنف والحقد والكراهية.وأكد كامل ضرورة بناء قاعدة معلومات متكاملة عن الأطفال، بالتنسيق بين كافة الأجهزة المعنية بالدولة، لبناء صرح معلوماتي يستفاد منه في اتخاذ قرارات تحقق المصلحة الفضلى للطفل، وإنشاء المراكز الحمائية للطفل، بحيث تكون مراكز مجمعة لكافة الخدمات المقدمة للطفل، عاداً مركز حماية الطفل بالبحرين نموذجاً يحتذى. وطالب بإعادة صياغة التشريعات الخاصة بالأطفال، على أن تكون كامل نصوصها في إطار مصلحة الطفل الفضلى، وبصفة خاصة قانون الأحداث، وتضمين جوهره الرئيس إعادة تأهيل الطفل، بما يكفل اندماجه مع المجتمع المحيط، وإنشاء إدارات للرعاية اللاحقة للأحداث، يترك لها الدور الأساس في تأهيل الطفل وبناء قدراته الشخصية تجاه المجتمع والآخرين، في إطار التنشئة الصحيحة وبعيداً عن أصدقاء السوء.وحث على تعديل التشريعات القانونية بشأن تحديد مسؤولية الوالدين في رعاية وتربية أبنائهم، ومد هذه المسؤولية إلى الجانب الجنائي، وقال «لا يكفي أن تحاط هذه المسؤولية بالنطاق المدني فقط». ونبه إلى ضرورة مشاركة الدولة في مسألة تفعيل دور مسؤولية الوالدين تجاه أبنائهم سواء في الرعاية أو التربية، بحيث تمتد هذه المسؤولية إلى خارج المنزل، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في تثقيف وتوعية أولياء أمور الأطفال. وأسند لوسائل الإعلام مسؤولية تحقيق المنظومة المتكاملة لمصلحة الطفل الفضلى، بإعداد برامج وحملات إعلامية تخاطب أولياء أمور الطلبة من ذوي الخلفية العلمية الضعيفة، لبناء صرح المنظومة في إطار التكامل المنشود.وأوصى المستشار القانوني بإعداد برامج في المؤسسات التعليمية تربط بين المادة العلمية التي يتلقاها الطلبة، وما ترمي إليه البرامج المخصصة لأولياء الأمور ومجالس الآباء بالمؤسسات التعليمية المختلفة، وتطوير منظومة التعليم الدينية في شأن الإعداد الصحيح للطفل بعيداً عن أفكار تتسم بالعنف والحقد والكراهية، من خلال رجال دين مؤهلين دينياً ووطنياً واجتماعياً، لتوصيل المعلومة الدينية في إطار المحبة والسلام للآخرين.وحذر كامل من تزايد أعمال العنف الإجرامي سواء من الطفل أو بمواجهته على المستويين الأسري والمجتمعي، حيث تبدلت الحماية بعنصر الاستغلال الفكري والجسدي للأطفال، المتوج بسهام الحقد والكراهية بمواجهة الآخرين أو منظومات محددة بعينها.وقال إن العنف ظهر على أشده عند خلط الدين بالسياسة، واستخدم الطفل كوسيلة لتنفيذ مآرب هذا العنف، ما أسقط عنصر البراءة عن الطفل، وتحول معنى الطفولة البريئة إلى حقد وغل وكراهية، فشكل أفعالاً إجرامية تستلزم التوقف والتبصر لمواجهتها سواء حيال الطفل ذاته أو بمواجهة الآخرين القائمين على إشعال نيران الحقد والكراهية.وطرح المستشار القانوني في دراسته، تساؤلات حول وجود خلل قانوني في منظومة الحماية الجنائية للطفل من عدمه، لأن الأعمال الإجرامية تجري على حكم الظاهر، والمسؤولية الجنائية للوالدين في منظومة الحماية الجنائية سواء كان الطفل جانياً أو مجنياً عليه، وسواء كان الفعل الإجرامي نتيجة لإهمال الوالدين أو أحدهما عن عمد أو غير عمد. وقال إنه لا يقصد في دراسته جرائم يرتكبها الأطفال أو ترتكب بمواجهتهم بدافع الفقر أو كنتاج طبيعي للتشرد وغياب المأوى، بل يقصد جرائم جديدة تعايشها الدول العربية الآن، والناتجة عن الفكر المعادي، وأحداث عنف مع الأشخاص وتخريب المرافق والمنشآت العامة أو الخاصة، ما ينبئ عن خلل في المنظومة الوطنية قبل المنظومة الجنائية لهؤلاء الأطفال.وأرجع أسامة كامل مسببات العنف الإجرامي في حالة إذا كان الطفل جانياً، إلى أنه يأتي كمحصلة لاكتسابه فكراً معادياً للآخرين، ما يؤدي إلى بث أفكار مسمومة تسيطر عليه، وتولد لديه عقيدة عدائية خاطئة بمواجهة الدولة أو الآخرين، وتكون هذه الأفكار جاهزة للانتقال من الكيان الفكري الداخلي إلى خارج المحيط الجسدي، لتأخذ أشكالاً إجرامية تخل بالمنظومة الجنائية للطفل.وأضاف «في حالة إذا كان الطفل مجنياً عليه، واستغلاله في الأعمال التخريبية، بموجب طرف آخر سواء كان الوالدين أو غيرهما، ما يترتب عليه تعرضه لأعمال إجرامية، مثل إشراكه في مسيرات ومظاهرات غير مرخصة، وتعرضهم لخطر فض هذه المظاهرات، وجرهم لأعمال عدائية بدافع حماية العقيدة الدينية خلافاً للواقع، واستغلالهم في أعمال منافية للآداب». وأوضح كامل أن تورط الطفل في أعمال العنف سواء كان جانياً أو مجنياً عليه، يؤشر لغياب رعاية الوالدين، أو مجرد الإهمال في الرعاية والتربية، مضيفاً «ليس من المنطق أن يسعى طفل طبيعي الرعاية والتربية، إلى طريق الأفعال الإجرامية».وفرّق المستشار القانوني بين المشاركة في تجمعات ومسيرات سلمية للتعبير عن الرأي، وممارسة أعمال تخريب للمنشآت العامة أو الخاصة، خاصة إذا كانت هذه الأعمال متكررة وتم التحذير منها، دون أن يعير الوالدان اهتماماً برقابة أطفالهم.ونبه إلى أن هناك أولياء أمور يشجعون أبناءهم على الاشتراك في الأعمال التخريبية، باعتبارها أعمالاً بطولية يزين لها من قبل أولياء أمورهم. وقال إن إهمال تربية الطفل من قبل الأم أو الأب أو كليهما، يتسبب في تعريض حياة الطفل للخطر، ما يعد مسؤولية جنائية، فمشاركة الطفل في أعمال شغب وتخريب بعلم ومباركة الأب، تقع بنطاق المسؤولية الجنائية في مواجهة أيهما أو كليهما، حتى وإن اتخذا موقفاً سلبياً دون تحريض مباشر على ارتكاب هذه الأعمال.ويستشهد أسامة كامل بالمادة الخامسة من اتفاقية حقوق الطفل وتنص على «تحترم الدول الأعضاء الأطراف مسؤوليات وحقوق وواجبات الوالدين أو عند الاقتضاء أعضاء الأسرة الموسعة أو الجماعة، حسبما ينص عليها العرف المحلي الأوصياء أو غيرهم من الأشخاص المسؤولين قانوناً عن الطفل، في أن يوفر بطريقة تتفق مع قدرات الطفل المتطورة، التوجيه والإرشاد الملائمين عند ممارسة الطفل الحقوق المعترف بها في الاتفاقية». ويستدل بالمادة 18 من الاتفاقية التي تقر بقيام هذه المسؤولية ونصها «تبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لضمان الاعتراف بالمبدأ القائل إن كلا الوالدين يتحملان مسؤوليات مشتركة عن تربية الطفل ونموه، وتقع على عاتق الوالدين أو الأوصياء القانونيين حسب الحالة، المسؤولية الأولى عن تربية الطفل ونموه، وتكون مصالح الطفل الفضلى موضع اهتمامهم الأساس».وقال إن الفقرة الثانية من المادة 13 من اتفاقية حقوق الطفل، أجازت إخضاع الطفل لبعض القيود إزاء ممارسة حرية التعبير، إذا كان القانون المحلي ينص عليها، وهي احترام حقوق الغير وسمعتهم، وحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، إضافة إلى أن مصلحة الطفل الفضلى كأساس للتعامل سواء من قبل مؤسسات الدولة أو القطاع الخاص المنصوص عليها بالمادة الثالثة، تؤكد ضرورة تجريم مؤسسات الدولة كل ما يتعارض مع مصلحة الطفل الفضلى. ورأى المستشار أن مسؤولية الوالدين ومن يحل محلهما قانوناً، تكون مفترضة تجاه الأطفال الذين تحت وصايتهم، سواء كوالدين أو غيرهم من الأوصياء القانونيين، ما يعني أن على هؤلاء مسؤولية لابد لهم من توليها حيال أطفالهم، وعند عدم قيامهم بهذا التكليف، يولد مسؤولية تستوجب الجزاء يختلف باختلاف مدى الإخلال، وما أسفر عنه من نتائج إجرامية.نظمت الندوة وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بتوجـيه مـن وزيرة التنمية الاجتماعية فائقة الصالح.