تقرير - بالنظر إلى الآليات والأنظمة المالية والاقتصادية التي تطبيقها دول المنطقة والعالم، ومدى انسجام هذه المفاهيم مع الخطط والأهداف الخاصة بكل اقتصاد دون القدرة على تحديد حجم الأضرار الناتجة عن تطبيق أنظمة ومفاهيم لا تتناسب مع إمكانيات كل دولة ونقاط القوة والضعف التي يواجهها الاقتصاد المحلي، بات جلياً الاتجاه نحو تطبيق مفاهيم وأنظمة مالية واقتصادية على أساس جزئي وغير شامل، فهذا القطاع يسير وفق مفاهيم السوق المفتوحة، وهذا القطاع يسير ضمن أنظمة مراقبة ومتابعة حكومية مباشرة، وقطاع يسير ضمن قوانين وأنظمة السوق الحرة وقوانين التملك الحر، وذاك القطاع يسير ضمن آليات المشاركة بين القطاع العام والخاص.. إلخ، دون الوصول إلى نموذج موحد يضمن القيام بتطبيق مفاهيم وأنظمة تعمل على تحقيق الأهداف الاقتصادية متوسطة وطويلة الأجل ضمن منظور شامل ويتناسب مع إمكانيات الدول وخططها الاستراتيجية الحالية والمستقبلية، ذلك أن الاستمرار بالاتجاهات الحالية سوف لن يضمن تحقيق تنمية اقتصادية شاملة بالمعنى الحقيقي، بالإضافة إلى الصعوبات في استغلال الموارد وتعظيم العوائد.وأشار تقرير شركة المزايا القابضة الأسبوعي إلى أن الثقل النسبي للقطاعات الاقتصادية تتباين في مساهمتها في الناتج المحلي، وتتباين أيضاً في تأثيراتها السلبية على وتيرة النشاط الاقتصادي ككل، الأمر الذي من شأنه أن يضيف المزيد من التحديات والإشكاليات في تحقيق إنجازات اقتصادية حقيقية، ويشتت النتائج المرجوة من الخطط المالية والاقتصادية متوسطة وطويلة الأجل، ويأتي القطاع العقاري في مقدمة القطاعات التي تحظى بتركيز استثماري عام وخاص، وتحظى بمؤشرات نجاح كبيرة في كافة الظروف، ويعول عليها في إنجاز الكثير من الأهداف التنموية ضمن خطط التنمية الجاري تنفيذها لدى دول المنطقة منذ فترة والتي تمتد لسنوات طويلة قادمة، وفي الإطار يقول تقرير المزايا أن تطبيق مفاهيم وقواعد العرض والطلب على السوق العقاري بمعناه الحقيقي الواسع والشامل أمر بالغ الصعوبة وينطوي على مخاطر كثيرة من الصعب السيطرة عليها والتقليل من تأثيراتها في الوقت المناسب، ذلك أن الأراضي وهي الأساس في الاستثمار والتخطيط والإنجاز، ملك للدولة وتقوم الدول باستثمارها من خلال شركات التطوير العقاري، بالإضافة إلى منحها لمواطنيها وفق خطط وقرارات مدروسة، وبالتالي فإن آليات العرض والطلب غير مكتملة وفق هذا المنظور، بمعنى أن قوى العرض تحتاج إلى طلب، وقوى الطلب تحتاج إلى عرض، ففي حين يزداد الطلب ترتفع أسعار الأراضي ويحتاج السوق إلى المزيد من الأراضي لتلبية الطلب، ومن هنا تبدأ إشكالية الارتفاع غير المبرر على الأسعار وتفقد السوق أحد أهم قواعد التوازن لديها.وتطرق تقرير المزايا إلى وتيرة النشاط والمؤشرات الرئيسية التي يعكسها النشاط الكبير للقطاع والسوق العقاري القطري خلال الفترة الحالية، حيث تأتي الارتفاعات الكبيرة والمتواصلة على أسعار العقارات والأراضي في مقدمة الأحداث والتطورات اليومية المسجلة هناك، في حين تتفاوت آليات التقدير والتقييم والحلول المتوفرة لتتجاوز هذه التحديات، والجدير ذكره هنا أن السوق العقاري القطري يسير ضمن آليات الاقتصاد الحر وقوى العرض والطلب في تحديد أسعار الإيجارات والأراضي في ظل عدم وجود نسب عليا للزيادة السنوية على الإيجارات السكنية، حيث يتم تحديد قيم الإيجارات بالاتفاق بين المؤجر والمستأجر، في حين تتمتع العقارات التجارية بسقف زيادة سنوي يصل إلى 10% وذلك للحيلولة دون تسجيل ارتفاعات كبيرة على أسعار السلع والخدمات، وبالتالي الدخول في سقوف تضخم لا حدود لها وتأثيرات سلبية لا يمكن السيطرة عليها، يأتي ذلك في الوقت الذي تفيد فيه الأوساط العقارية صعوبة وضع حدود سعرية للعقارات والأراضي على أسس قانونية لضبط أسعار العقارات والأراضي تفادياً للتأثيرات السلبية على المستثمرين وملاك العقارات والأراضي وانعكاساته على خطط التنمية الاقتصادية الجاري تنفيذ مراحلها في الوقت الحالي.وأكد تقرير المزايا إلى أن النهضة العمرانية الشاملة والتطور الكبير الذي يشهده الاقتصاد القطري من شأنها أن ترفع من وتيرة النشاط الاقتصادي الإنتاجي والخدمي، وبالتالي من الطبيعي أن تأخذ الأسعار على كافة الأنشطة والخدمات مساراً تصاعدياً وبشكل خاص أسعار العقارات والأراضي كونها تقع في قلب خطط التطوير والتحديث الحالية، فالحديث هنا يدور عن نسب الارتفاع ومسبباته ومدة الارتفاع واتساع تأثيراته، حيث تظهر البيانات المتداولة إلى تسجيل ارتفاعات تصل إلى 300% على القيم الإيجارية على بعض العقارات والمواقع، في حين سجلت أسعار الأراضي ارتفاعاً بنسبة وصلت إلى 30% خلال الربع الأول من العام الحالي، فيما وصلت قيم الصفقات العقارية إلى 20 مليار ريال قطري خلال الفترة ذاتها، الأمر الذي يعكس ارتفاعاً كبيراً على قيم السيولة لدى السوق العقاري القطري وتحمل هذه الاتجاهات الكثير من الأضرار والانعكاسات السلبية على تكاليف البناء والإنشاء والتشغيل والسعر الواجب دفعه من قبل المستخدم النهائي للعقار.وشدد تقرير المزايا على ضرورة الإسراع في فرض المزيد من القيود والضوابط المباشر على مجمل النشاط العقاري لدى السوق القطري، لتفادي الدخول في فقاعات عقارية ومؤشرات طلب غير حقيقية على القطاع السكني والتجاري، ويأتي في مقدمة الخطوات الواجب الإسراع في تنفيذها، إدارة السيولة المتداولة لدى السوق العقاري والسيطرة على مصادرها كونها تستحوذ على الأثر الأكبر بالانحرافات المسجلة للسوق لتتجاوز آليات وقوى العرض والطلب، في حين سيكون للحلول التنظيمية أهمية مباشرة أيضا في السيطرة على الارتفاعات المتواصلة سواء كان بتوفير المزيد من الأراضي واتساع رقعة التطوير، بالإضافة إلى بناء مجمعات سكنية اقتصادية جديدة وما يتطلبه ذلك من توسيع لحدود المدن وضم مناطق جديدة، وسيكون من المجدي البحث من جديد على معايير لتقييد الارتفاعات المسموح بها على أسعار الأراضي والعقارات عند الحدود الحالية التي تضر بالنشاط أكثر من أن تجلب الفائدة له وبالتالي فإن المصلحة الاقتصادية العليا تتطلب تدخلاً مدروساً من قبل الجهات ذات الاختصاص على آليات العرض والطلب للحد من تأثيراتها السلبية، الأمر الذي لا يعتبر تدخلاً في اقتصاديات السوق المفتوح وقوانينه طالما أن الهدف من ذلك الحد من التأثيرات السلبية وتعظيم الاستفادة من الطفرة العمرانية الشاملة.وفي السياق يقول تقرير المزايا أن السوق العقاري في أبوظبي يأخذ المسار نفسه المسجل لدى السوق العقاري القطري من حيث الاتجاه والتأثيرات السلبية، ولكن بنسب أقل حدة وتأثير على النشاط الاقتصادي العام على مستوى الإمارة والدولة، كون النشاط العقاري لدى الإمارة قد خضع لمزيد من الضوابط والتشريعات والأطر التنظيمية خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى مراحل النضج الحالية والتي لا تسمح بتسجيل فقاعات عقارية تصل إلى حدود الفوضى، هذا وشهد السوق العقاري في الإمارة ارتفاعات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية وصلت إلى 200% على عقارات ومواقع كثيرة، جاء ذلك بعد إلغاء سقف الزيادة السنوية التي كان معمول بها والمحددة بـ 5%، يذكر أن السوق العقاري لدى إمارة أبوظبي يحتاج إلى المزيد من الإجراءات والقرارات ذات التأثير طويل الأجل لتجاوز كافة التحديات ذات العلاقة بارتفاع أسعار الإيجارات وانخفاض معدلات المعروض بين فترة وأخرى والتي تتسبب بالمزيد من الانحرافات والتشوهات للسوق، وسيكون من المجدي العمل وفق مؤشرات سعرية رسمية يمكن الرجوع إليها لتحديد حدود عليا ودنيا للقيم الإيجارية في كل موقع، في حين سيكون من المجدي أيضاً إيجاد حلول جذرية ودائمة لسوق السماسرة غير المنظم والذي عانت منه سوق التأجير في الإمارة كثيراً في الماضي وحتى اللحظة.وأكد تقرير المزايا على أن الأسعار المتداولة على العقارات والأراضي لدى دول المنطقة تتجاوز في قيمها الحالية ومعدلات الارتفاع المتوقع النسب الحقيقة المنسجمة مع وتيرة النشاط الاقتصادي وتتناسب مع مستويات الطلب الحقيقي، فيما يبدو أن هناك استغلال سلبي لكافة القرارات والتوجهات الحكومية بهذا الشأن، ويقول المزايا أن معدلات التضخم مع مرور الزمن لا تحدث هذه الارتفاعات في السوق ولن تجعل منها حقيقة قائمة لا تتغير مع تغير الظروف المالية والاقتصادية. يذكر أن قيم السيولة المتداولة لدى السوق العقاري في المنطقة تحتاج إلى المزيد من الضوابط للحد من تأثيراتها السلبية على أسعار الأراضي والعقارات، في حين سيكون من المفيد توسيع نطاق الفرص الاستثمارية أمام الأفراد والمؤسسات الصغيرة والتي تنحصر في الوقت الحالي في السوق العقاري والمالي، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً أمام تسجيل المزيد من المضاربات وعمليات التطوير دون نتيجة إيجابية أو قيم اقتصادية مضافة، علماً أن الاستثمار في القطاعات الإنتاجية تتسع لدى دول المنطقة وتحمل مؤشرات الاستثمار فيها الكثير من الاستقرار والنمو والعوائد نظراً لعلاقتها المباشرة بالإنتاج الحقيقي والاستثمار طويل الأجل.