كتب – وليد صبري:«الصراخ والعويل على قدر الألم»، هكذا ظهر الأمين العام لـ«حزب الله» الشيعي اللبناني حسن نصرالله في خطاباته الـ3 بعد عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن «عاصفة الحزم». واللافت في الأمر أن «عاصفة الحزم» أفقدت نصرالله توازنه، وربما في أحايين كثيرة هدوءه وتماسك أعصابه، كاشفاً عن حالة الضيق الإيراني بعد انطلاق عمليات التحالف العربي، والتي تهدف إلى العودة للخيار السياسي في ظروف طبيعية. وأصبح نصرالله، يعزف اللحن الإيراني لعبدالملك الحوثي من الضاحية، مثلما تبث قناة «المسيرة» الموالية للمتمردين من منطقة نفوذ الحزب الشيعي في بيروت، مبدعاً في حياكة التحريف والتضليل وعروض الاستقواء والتعبئة المذهبية، وحشد الأتباع في حلبات التحريض على السعودية.وقبل أن تمر 24 ساعة على انطلاق «عاصفة الحزم» في 26 مارس الماضي، ألقى نصرالله خطابه الأول الذي تبنى فيه لهجة تصعيدية انفعالية، وبدا مرتبكاً من مفاجآت عمليات التحالف العربي، وقال قولته المشهورة إن «الضربات الجوية لا تحسم معركة على الأرض»، الأمر الذي عزاه محللون إلى خوف نصرالله من عزم عربي جديد يفشل مخطط الهيمنة الإيرانية في المنطقة خاصة في العراق وسوريا ولبنان وأخيراً اليمن.وما أن مرت 12 يوماً على الانتصارات العسكرية لـ«عاصفة الحزم» بقيادة السعودية، حتى عاد نصرالله من جديد، ليهدد ويتوعد المملكة مرة أخرى، من خلال قناة «الإخبارية» السورية التابعة لنظام الرئيس بشار الأسد. وأدت الانتصارات العسكرية والسياسية والدبلوماسية والإنسانية لعمليات التحالف العربي بعد 22 يوماً إلى ظهور نصرالله مرة ثالثة، الجمعة الماضي، في مؤتمر ما يسمى «التضامن مع اليمن»، والذي خرج فيه نصرالله عن حدود اللياقة، وكشف عن ضغائنه، وتناول الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- فكان الخطاب مثلما وصفه رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري «حفلة منسقة من الافتراءات التاريخية ونبش في قبور الأحقاد وانكشاف مفضوح لما في الصدور من ضغائن تجاه السعودية ومؤسسها وقيادتها».وكال الحريري لنصرالله الصاع صاعين عندما قال له «تناول الملك الراحل عبدالعزيز بالإساءة أمر يضع المتطاولين في المرمى المضاد من أكبر مقام في طهران إلى أصغرهم في الضاحية». وفي هذا الصدد، يتساءل الكاتب والمحلل السياسي خيرالله خيرالله «ما علاقة «حزب الله» باليمن وما سر اهتمامه به؟ هل يكفي أن تكون إيران متضايقة من السياسة السعودية في اليمن كي يشن الحزب هجوماً بعد الهجوم عليها، غير آبه بالعلاقة التاريخية التي تربط لبنان واللبنانيين بالمملكة؟».وربما يتناسى نصرالله أن السعودية كانت من أوائل الدول التي وقفت إلى جانب لبنان بعد حرب يوليو 2006.وكانت آخر تلك الهبات والمساعدات، إعلان توقيع المملكة العربية السعودية وفرنسا اتفاقية تسليح الجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار، يحصل من خلالها الجيش على مدرعات ورادارات وطوافات وزوارق خفر بحرية.ويضيف خيرالله «باستثناء مزيد من التصعيد مع المملكة العربية السعودية، ليس هناك، في العمق، أي جديد في الكلام الأخير لحسن نصرالله عن اليمن، وملخص الخطاب، أن هناك هجوماً على السعودية تجاوز ما ورد في الخطابات السابقة وذلك بتركيز نصرالله على الملك عبدالعزيز بن سعود» رحمه الله. ويوضح أن «لهجة خطاب نصرالله تكشف مدى التضايق الإيراني من «عاصفة الحزم» التي ستؤدي إلى الحوار السياسي، وألا يفرض طرف مرتبط بإيران شروطه على الآخرين بقوة السلاح، بحجة وجود شيء اسمه «الشرعية الثورية»». ويذهب خيرالله إلى أن «عاصفة الحزم» أدت الجانب الأساسي المطلوب منها يمنياً، وذلك بكبحها الانطلاقة الإيرانية في اليمن، وهذه الانطلاقة الإيرانية بلغت عدن، وكان يمكن أن تبلغ كل الجنوب بعدما حصل الحوثيون، على دعم واضح من القوى العسكرية التي لاتزال موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح».ويرى أنه «ما قد يكون ضايق إيران أكثر من ذلك بكثير، أن «عاصفة الحزم»، التي هي أيضاً عاصفة العزم العربي، أظهرت أن هناك قوة عربية على استعداد للمبادرة بدل التفرج على التمدد الإيراني في كل الاتجاهات، ولم يعد ممكناً الاستهانة بهذه القوة القادرة على القيام بنحو 120 طلعة جوية يومية، بل أكثر من ذلك».ويفسر غضب نصرالله بأنه «تعبير عن الضيق الإيراني من وجود مثل هذه القوة من جهة، والاستفاقة العربية من جهة أخرى، وكأنه كان مفترضاً بالعرب أن يبقوا نياماً، كي يرتاح الأمين العام لـ«حزب الله»، وكي يفرض النظام الإيراني شروطه على جيرانه العرب بدءاً بالبحرين وصولاً إلى اليمن، مروراً بالعراق وسوريا ولبنان».لكن الملفت أن اللبنانيين رفضوا حديث نصرالله بما يؤكد أن «لبنان يرفض أن يكون مستعمرة إيرانية وذيلاً لما يسمى بـ«محور الممانعة»»، بحسب خيرالله.ويخلص المحلل اللبناني إلى أن «ما هو أبعد من اليمن، والذي يحاول نصرالله التركيز عليه هو القرار العربي بعدم الاستسلام لإيران، وهذا ما يفسر، إلى حد كبير، اللهجة الاستفزازية في خطاب نصرالله». بدوره، يعتبر الكاتب والمحلل ماجد الكيالي أن «خطاب نصرالله الأخير تضمن أضاليل ومغالطات، فالجماعة الحوثية التي يدافع عنها تحاول أخذ السلطة في اليمن بطريقة أحادية واستئصالية، مستخدمة في ذلك القوة العاتية، كما أنها تشتغل، مثل «حزب الله»، باعتبارها امتداداً للنفوذ الإيراني في اليمن، ومنطقة الخليج، ناهيك عن تحالف الحوثيين مع الرئيس اليمني السابق، على الضد من مقاصد الثورة اليمنية، وبرغم كل ما أدت إليه حقبة المخلوع علي عبدالله صالح، التي أوصلت اليمن إلى الحضيض».وهنا يتساءل مراقبون، كيف جعل عبدالملك الحوثي قبل 4 سنوات من نفسه زعيماً ثورياً وارتدى عباءة المتظاهرين الذين تدفقوا على شوارع صنعاء مطالبين بوضع نهاية للفساد والحكم الديكتاتوري للرئيس السابق علي عبدالله صالح، مع الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد عام 2011، ثم فجأة يتحالف الآن مع «المخلوع» الذي ثار عليه اليمنيون؟!وربما يعتقد البعض أن زعيم الحوثيين تحركه دوافع عملية بدرجة كبيرة في عقد التحالفات السياسية أكثر منها دوافع مذهبية، ومن المعتقد على نطاق واسع أن السيطرة على صنعاء في سبتمبر الماضي تمت بقدر من التعاون مع الرئيس السابق الذي كان في السابق عدواً لدوداً للحوثيين وهذه علامة على براغماتية الحوثي، خاصة فيما يتعلق بالناحية المذهبية.ويوضح كيالي أن «اللافت أن نصرالله لا ينتبه، في ذروة تعصبه، إلى أنه يحلل لإيران، وميليشياتهــا العــراقيـة واللبنانية وحتى الأفغانية، التدخل في سوريا، البعيدة عنها مئات الكيلومترات، في حين أنه يحرّم على السعودية ودول الخليج العربي، الدفاع عما تعتبره أمنها، أو حقها في مساندة نظام عبدربه منصور هادي المعترف به دولياً الذي طلب التدخل العسكري لمواجهة خطر المتمردين وحلفائهم».