بكين - (الجزيرة نت): بدأت 9 قطع بحرية تابعة للصين وروسيا مناورات مشتركة في البحر الأبيض المتوسط هي الأولى من نوعها في هذه المنطقة، وستستمر المناورات نحو 10 أيام حتى 21 مايو الحالي، وتقتصر مشاركة الصين فيها على 3 قطع بحرية تضم فرقاطتي الصواريخ «لين إي» و«وي فانغ» وسفينة الدعم والإمداد «وي شان خو»، بالإضافة إلى مروحيتين، بينما تشارك روسيا بـ 6 قطع بحرية.وبقدر محدودية وصغر المناورات البحرية الصينية الروسية التي بدأت في البحر المتوسط بقدر كبر الدلالات السياسية والإستراتيجية لها، حيث تعكس رغبة بكين لتوسيع آفاقها الجيوإستراتيجية، كما تخفف من عزلة روسيا نتيجة الأزمة الأوكرانية.وأكد الجانبان - وفق ما قال الأدميرال الصيني دو جينغ تشن - أن المناورات «لا تستهدف أي طرف ثالث وأنها ستتضمن تدريبات على عمليات الإنقاذ البحري ومواجهة هجوم جوي أو بحري محتمل، وكذلك التزود بالمؤون في عرض البحر ومهام المرافقة، بالإضافة إلى بعض التدريبات على إطلاق الذخيرة الحية، كذلك تطوير القدرات العسكرية وتعزيز الثقة المتبادلة بين جيشي البلدين بعد سلسلة من المناورات المشتركة أجرياها خلال الأعوام السابقة».وكانت القطع الصينية قد أنهت للتو مهمة مرافقة في خليج عدن لإجلاء رعايا صينيين من اليمن قبل أن تتوجه إلى قاعدة نوفوروسيسك الروسية في البحر الأسود للمشاركة في الاحتفالات التي نظمتها روسيا بمناسبة ذكرى الانتصار على النازية.وعلى الرغم من الحجم الصغير للمناورات من حيث محدودية القطع البحرية المشاركة فيها فإن اختيار البحر المتوسط ساحة لها يشير إلى درجة القلق لدى موسكو حول المستقبل المجهول لآخر قلاعها في المنطقة وهي قاعدتها العسكرية في طرطوس.أما بالنسبة للصين فإن المناورات - وفق رأي المراقبين - تحمل مؤشرات تحول كبيرة في الفكر والممارسة الإستراتيجية للصين في سعيها لتوسيع آفاقها الجيوإستراتيجية والتركيز على تطوير قدراتها البحرية بما يتجاوز بكثير حدود أمنها القومي التقليدي نحو حماية مصالحها أينما وجدت.وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الشعب الصينية شي ينغ خونغ «إن الأهداف السياسية للمناورات أكثر أهمية من أهدافها العسكرية، فهي بالنسبة لموسكو تأتي في وقت تعاني فيه من عزلة دولية خانقة نتيجة الأزمة الأوكرانية وتريد من خلال هذه المناورات أن تقول إنها ليست وحيدة، أما بالنسبة للصين فإن المناورات تأتي منسجمة مع رؤية الرئيس شي جين بينغ حول تعزيز قدرات البحرية الصينية وتوسيع نطاق تواجدها».يذكر أن منطقة البحر الأبيض المتوسط لم تكن تحظى بأهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة للصين طوال العقود الماضية لكن أهميتها شهدت زيادة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة مع تنامي دور الصين الاقتصادي واتساع رقعة مصالحها الحيوية وضرورات تأمين الطرق الملاحية لتجارتها ولإمداداتها من النفط.وساهمت البحرية الصينية بفعالية في الجهود الدولية لمكافحة القرصنة في خليج عدن، كما ساهمت في إجلاء رعاياها ورعايا دول أخرى من اليمن بعد بدء عملية «عاصفة الحزم»، وسبقت ذلك عملية مماثلة لإجلاء الآلاف من مواطنيها في ليبيا عام 2011.وتشهد التبادلات العسكرية بين موسكو وبكين تقاربا واضحا، فقد شارك نحو 112 من جنود جيش التحرير الشعبي الصيني في الاستعراض الكبير الذي نظمته موسكو الأسبوع الماضي وحضره أيضا الرئيس الصيني شي جينبينغ.وكان وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو قد صرح في وقت سابق بأن قوات من جيشه ستشارك أيضا في الاستعراض العسكري الذي ستنظمه بكين بمناسبة الذكرى السبعين لانتهاء الحرب العالمية الثانية في سبتمبر المقبل، وهي المرة الأولى التي ستسمح فيها الصين لقوات أجنبية بالمشاركة في استعراض عسكري على أراضيها، ولكن على الرغم من هذا التقارب الواضح بين الجانبين فإن مراقبين يستبعدون إمكانية وصول هذا التقارب إلى نوع من التحالف العسكري بينهما.