قال وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف د.فريد المفتاح، إن ما تمر به الأمة الإسلامية اليوم من أحداث، وما تواجهه من تحديات ومتغيرات، يستلزم وقفة اعتبار مع أحداث السيرة العطرة لاستلهام الدروس والعبر، مؤكداً دعمه لكل ما يعزز أمن المنطقة والعالم، وتحقيق السلم والاستقرار للناس جميعاً.وأضاف المفتاح خلال الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج بجامع أحمد الفاتح، تحت رعاية رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، أن «في رحلة الإسراء والمعراج من العبر ما لو تأملناه لاتخذناه سبيلاً لتقوية إيماننا، وترسيخ وحدتنا، وتحقيق ألفتنا، لنجتاز المصاعب والمحن، ولننطلق إلى فضاء مفعم بالإيمان واليقين والأمل، مستبشرين بغد ومستقبل مشرق يعود بالخير على الأمة العربية والإسلامية».وأردف «في ظل الأحداث المتلاحقة نؤكد أننا دعاة سلام»، مستدركاً «لكننا أيضاً أصحاب رسالة مضمونها وغايتها نشر الحق والعدل والمحبة والسلام في العالم أجمع».وسأل المفتاح، الله تعالى أن «يوفق قادتنا وولاة أمورنا في دفاعهم عن أوطانهم ودفع عدوان المعتدين، وتأكيد الأمن والاستقرار لدولنا وشعوبنا»، متابعاً «نحن إذ نؤكد التفافنا حول قيادتنا ودعم قراراتهم الهادفة لحفظ أمن المنطقة وإعادة الحقوق المغتصبة لأصحابها، نؤكد دعمنا لتوجه قادتنا نحو كل ما يعزز استقرار المنطقة والعالم، وتحقيق السلم والأمن والاستقرار لكل الناس».وذكر أن لكل مجتمع أولوياته وأهدافه ورؤيته، ومجتمع المسلمين معلومة أولوياته وأهدافه، ورؤيته واضحة، فرضاء الله تعالى واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم أولى أولويات كل مسلم، ثم العمل على تحقيق أمن المجتمع، وتأكيد أواصر الأخوة والنظر بإيجابية وتفاؤل لكل ما يحدث، والوقوف على كل ما يحقق للأمة والمجتمع والوطن أمناً وسلاماً ورخاءً واستقراراً.وأوضح المفتاح أن هذا اللقاء الإيماني جاء لاستذكار حدث تاريخي معجز، كان ولا زال منعطفاً فارقاً في تاريخ الأمة الإسلامية والعالم بأسره، إذ أنه حدث غير وجه الأرض، وتحول به خط الزمن ليتجه نحو بناء حضارة إنسانية عالمية جديدة، قاعدتها الإيمان بالله تبارك وتعالى، ومنهجها القيم الأخلاقية الراقية، وأعمدتها العدل والحق والمساواة، وأغصانها وثمراتها أخوة بشرية ولحمة إنسانية تتخطى حدود الزمان والمكان.وواصل «وقفتنا مع دروس الإسراء والمعراج، تأخذنا إلى مزيد من الثقة فيما عند الله تعالى من توفيق وتأييد وتمكين، وتثبت فينا اليقين بأن مع العسر يسراً، وأن الفرج رديف الشدة، وأن قادم الأيام أفضل بإذن الله تعالى لجميع البشرية والإنسانية، وأن ما تمر به الأمة الإسلامية اليوم من محن لهو اختبار وابتلاء ليضعها على بداية طريق تحضرها ومجدها، وأنه لا يأس ما دام الله تعالى مالك الملك ومدبر أمر الكون».واعتبر مشهد اجتماع الأنبياء بالأقصى وصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم جميعاً والتقائه بهم في السموات، دلالة واضحة المعالم على وحدة ما جاء به الأنبياء وقرب شرائعهم، ما يؤكد للإنسانية وحدتها وأخوتها وتقاربها، وأن دين الله تعالى للخلق إنما هو رسالة أخوة ومحبة وسماحة وسلام.ودعا المفتاح إلى الأخذ من سيرة وهدي النبي الأعظم سراجاً يضيء الطريق نحو غد أفضل مشرق، نحو عالم يظله السلام وينعم بالأمن والأمان والتسامح والاستقرار، نحو أسرة بشرية تتعايش بالقيم الإنسانية الحضارية السامية، في ظل أخوة إنسانية تتخطى حدود الزمان والمكان.من جانبه أكد رئيس محكمة الاستئناف العليا الشرعية السنية الشيخ القاضي راشد البوعينين، أنه من الواجب على الأمة الإسلامية وهي تعيش ذكرى هذه المعجزة الغالية، أن تستحضر أموراً مهمة في حياة الإسلام والمسلمين، تستخلصها من مجريات ما وقع ليلة الإسراء والمعراج. واعتبر البوعينين، الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس، دليلاً قاطعاً على أحقية المسلمين بالقدس الشريف مهد الأنبياء والأولين، ومبعث كثير من الرسل السابقين، ودليل أيضاً على ما لهذا البيت من مكانة سامية عند الله عز وجل.وقال «هذه المكانة خص بها المسجد الأقصى، ويجب على المسلمين اليوم أكثر من أي وقت مضى استحضارها في رحاب الإسراء والمعراج، ليزيلوا عنهم غبار الوهن، وليتخلصوا من داء الغثائية، وليجمعوا أمرهم على كلمة سواء، تكون بداية لتحرير القدس الشريف من قبضة الصهاينة الغاصبين».وتساءل البوعينين «هل نستحضر ذكرى الإسراء والمعراج دون استحضار فطرة إسلامية فسدت بالزيغ والانحراف عما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لأمته؟ حيث إن كل روايات الإسراء والمعراج تؤكد اختيار النبي شرب اللبن بدل الخمر والماء والعسل المقدم له من لدن أمين الوحي جبريل عليه السلام، وكل الروايات تدل على اختياره الفطرة السليمة الصحيحة لأمته».وأضاف أن من جملة ما ينبغي استحضاره في هذه المناسبة، أنه في فلسطين وتحديداً بالمسجد الأقصى، أم رسول الله ليلة أسري به من سبقه في حقل النبوة والدعوة وحمل مشعل الرسالة الربانية، فكان بذلك أخيرهم وإن كان آخرهم، وكان أفضلهم على الإطلاق وإن كان خاتمهم في البعثة والرسالة، وفي إمامته للأنبياء والمرسلين إمامته لأمته على باقي الأمم وفي خيريته وأفضليته، خيرية وأفضلية لأمته بين الأمم والشعوب.وذكر أن استحضار ذكرى الإسراء والمعراج وغيرها من المعجزات الربانية أبهرت العقل وأخضعته لمنطق التسليم الواجب، وينبغي ألا يتخذ طابع الاحتفال بها أو الاحتفاظ بها في مكنون الصدور، بل يجب أن يتعداها إلى الذكر والتذكر والاعتبار والتبصر في كل الجوانب الخاصة والعامة المتعلقة بها في سياقها ولحاقها في دلائلها وعبرها وإشاراتها الخفية ومراداتها ومقاصدها، لافتاً إلى أن أمة لا تذكر ما فيها ولا تعتبر بما جرى فيها من معجزات ولا تبصر في الذكرى غير رسم الذكرى، حري بها أن تبقى لصيقة بركب المتأخرين المتخلفين.بدوره أوضح الواعظ بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ فاضل فتيل، أن حادثة الإسراء والمعراج نزل فيها قرآن يتلى مادامت الأرض والسماء، حيث قال الله عز وجل «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير».وبين فتيل أن الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى يبين الرابط القوي بينهما، وأنهما مسجدان لملةٍ واحدة ومكانان لمعنى واحد فكلاهما دار عبادة لرب واحد، وليؤكد تعالى على استحقاق النبي الأعظم صلى اللهُ عليه وآله وسلم وأمته لهذين المسجدين الشريفين.وقال «نحن إذ نحتفل بمعجزة من معجزات نبينا الكريم، ينبغي لنا الاقتداء والتأسي بهذا النبي العظيم في خلقه وتواضعه وحلمه وتفانيه، في رفع الأذى عن الناس وإبعادهم عن طريق الشيطان، وتزهدهم في حطام هذه الدنيا الفانية».وتساءل «ماذا يريد منا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ يريد منا أن نرص صفوفنا وننبذ خلافاتنا وراء ظهورنا، ونقف صفاً ضد من يريد تمزيق وحدتنا وتضييع مكتسباتنا، والزج ببلدنا الآمن في خضم المشكلات والفتن».نظم الحفل إدارة الشؤون الدينية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، وحضره عدد من رجال الدين والقضاة والسفراء ورجال السلك الدبلوماسي، وجمع من المواطنين والمقيمين.