إنك تريد الفرار منها بعيداً وتود الخلاص منها إلى لأبد وهذا عائقك ومشكلتك، فما من طريق متاح وما من درب أمامك مفتوح حتى تلوذ بالفرار...نعم، إنها النعمة التي إرتأت أن ترتدي ثوب المحنة لتستقبلك عند ناصية الطريق قبل أن تبدأ الرحلة، فتذكر حقاً من يختبىء في الداخل ولا يستغفلك الرداء، إنها هي تلك الآلام تقبلها ولا تحاول الهرب منها، لأنها كالقمر الذي يضيء ظلام الليل حتى يكتمل فتنمو وتسمو. إنما تولد المعاناة حينما ترغب أنت بالخلاص منها، عندما تفكر بالهرب بعيداً عنها، والسبب يكمن في أنك ما لم تجرؤ على النظر في عيونها مباشرة، أبداً لن تواجهها وجهاً لوجه، هكذا يبدأ ذلك الشيء المؤلم بالاختباء منك حيث أنك تغمض عينيك ولا تريد أن تراه، هكذا تبدأ بالدخول والجلوس بين دهاليز النفس المبهمة، هكذا تختبىء في أكثر زوايا كيانك غموضاً حيث محال أن تتضح الرؤية فلا يمكن إيجادها بتاتاً في آخر غرفة داخل ذلك الكيان، إنها في قلبك الذي هو الملجأ والملاذ. إنه حقاً من يقدر على الصبر برفقتها وهي تحاول غرس السكاكين في قلبه، لسوف يصحو ذات يوم و يلاقي أجنحه تشق طريقها متصاعدة من أعماق ذلك القلب، أجنحة مصدرها مجهول، والوجود هو ذلك المصدر المجهول. هي هديتك وهبة الوجود لك عندما قابلتها وجهاً لوجه فكشفت عن صدرك، إن كنت حزيناً بحق هي هديتك وهبة الوجود لك ولو كنت محبطاً فاقداً، ولو كنت تعساً بائساً، ولو كنت تعيش في الجحيم على الأرض، سترتفع بك من على الأرض عندها يكتمل القمر فتسمو.علي العراديأخصائي تنمية بشرية
لا تحول النعمة إلى محنة
24 مايو 2015