دمشق: «داعش» يعدم المئات في تدمرالأزهر: الدفاع عن المناطق الأثرية في تدمر معركة الإنسانية بأكملهاعواصم - (وكالات): رأى دبلوماسيون ومحللون أن نظام الرئيس بشار الأسد قد يجد نفسه مضطراً للاكتفاء بتعزيز سيطرته على المناطق الممتدة من دمشق إلى الساحل السوري غرباً حيث يتمتع بنفوذ قوي، وذلك بعد 4 أعوام من حرب أضعفت قواته ومؤسساته.ويعزز انسحاب قوات النظام الخميس الماضي من مدينة تدمر الأثرية وسط سوريا التي باتت تحت سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة «داعش» هذه الفرضية، خاصة أن هذا التطور أتاح للتنظيم الجهادي توسيع رقعة سيطرته على المعابر الحدودية مع العراق، على حساب النظام. وقال الأستاذ الجامعي والخبير في الشؤون السورية توماس بييريه «على الأرجح، يحتفظ النظام عسكرياً بوسائل تمكنه من السيطرة طويلاً على النصف الجنوبي الغربي من البلاد، لكن من شأن سلسلة خسائر متلاحقة أن تضعفه من الداخل».وأضاف «حتى يتمكن النظام من الاستمرار، عليه أن يخفض سقف توقعاته ويركز على محور دمشق حمص الساحل».وقال رئيس تحرير صحيفة «الوطن» القريبة من السلطة وضاح عبد ربه «من المفهوم تماماً أن يتراجع الجيش السوري لحماية المدن الكبرى حيث يوجد القسم الأكبر من السكان الذين فر بعضهم من مقاتلي الدولة وجبهة النصرة». واعتبر أنه «على العالم أن يتحمل مسؤولياته ضد الإرهاب ولم يعد على الجيش السوري أن يفعل ذلك لوحده».وأضاف عبد ربه «على العالم أن يفكر إذا كان إنشاء دولة أو دولتين إرهابيتين يصب في مصلحته أم لا، وأن يتخذ بعدها القرار المناسب»، في إشارة إلى «دولة الخلافة» التي أعلنها تنظيم الدولة في سوريا والعراق قبل عام و«الإمارة الإسلامية» التي تطمح جبهة النصرة إلى تأسيسها شمال سوريا.ومنذ اندلاع الاحتجاجات ضد الأسد منتصف مارس 2011، تقلصت تدريجياً مساحة الأراضي الخاضعة لسيطرة قوات النظام على الرغم من أن الغالبية السكانية لا تزال تعيش في كنفها.وبحسب الخبير الفرنسي في الشؤون السورية فابريس بالانش، يعيش ما بين 10 و15 % من السكان في مناطق تحت سيطرة تنظيم الدولة، وما بين 20 و25% تحت سيطرة جبهة النصرة، وما بين 5 إلى 10% تحت سيطرة الأكراد، فيما لايزال نحو 50 إلى 60% من السكان يعيشون في مناطق تحت سيطرة النظام».وقال مصدر سياسي قريب من دمشق «بات تقسيم سوريا خياراً لا مفر منه، يريد النظام السيطرة على الشريط الساحلي ومدينتي حمص وحماة وسط البلاد والعاصمة».وتحدث عن «خطوط حمر وضعها النظام ولا يمكن تجاوزها وتتمثل بطريق دمشق بيروت الدولي وطريق دمشق حمص الدولي بالإضافة إلى مناطق الساحل كمدينتي طرطوس واللاذقية». وبات شمال البلاد وشرقها وجنوبها في الواقع تحت سيطرة الجهاديين وكتائب المعارضة. ومنذ فشل الهجوم الأخير الذي شنته قوات النظام في فبراير الماضي لقطع خطوط إمداد كتائب المعارضة إلى حلب شمالاً، يبدو الجيش في وضع دفاعي في كل أنحاء البلاد تقريباً، باستثناء منطقة القلمون الجبلية على الحدود مع لبنان. لكن مقاتلي «حزب الله» الشيعي اللبناني هم من يقودون الهجوم ضد مسلحي جبهة النصرة وفصائل إسلامية معارضة في المنطقة. ورأى دبلوماسي أجنبي يتردد بانتظام إلى دمشق أن «الجيش السوري بات أشبه بحرس إمبراطوري مهمته حماية النظام». وأوضح أن «أركان النظام قلقون بالتأكيد لكنهم ليسوا في وضع حرج لاقتناعهم بأن إيران وروسيا لن تتخليا عنهم».وقال الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أرام نرغيزيان «يبدو أن النظام قد بدأ الاستعداد لفكرة حماية مناطقه الأساسية وجعلها آمنة في ظل وجود 175 ألف عنصر تحت إمرته، ينضوون في صفوف الجيش والمليشيات ومقاتلي حزب الله والمقاتلين الشيعة الأفغان».وأضاف «على كل حال لا شيء يشير إلى انهيار قريب للنظام، خصوصاً إذا غير استراتيجيته. وحتى لو قد يبدو ذلك محبطاً للبعض، لكن من شان استراتيجية أقل هجومية أن تخفف الضغط على خطوط إمداداته وتعطي قيادته هامشاً أكبر للمناورة».وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل أكثر من 68 ألف عنصر من قوات النظام والمسلحين الموالين منذ بدء النزاع في سوريا منتصف مارس 2011.وخلص بالانش إلى القول «لايزال لدى الحكومة السورية جيش ودعم قسم من السكان، نذهب باتجاه تقسيم غير رسمي في ظل جبهات قابلة للتحرك».من ناحية أخرى، قالت وسائل إعلام سورية إن مقاتلي «داعش» أعدموا 400 شخص في تدمر منذ أن سيطروا على المدينة الأثرية قبل 4 أيام. في موازاة ذلك، اعتبر الأظهر الشريف الدفاع عن المناطق الأثرية في مدينة تدمر السورية «معركة الإنسانية بأكملها»، محذراً من أن يلحق بها نفس التدمير الذي ارتكبه «داعش» في مدينة الموصل العراقية.