كتب ـ حذيفة إبراهيم:قال رئيس قسم العلاقات الدولية والدراسات الأوروبية بجامعة ميتروبوليتان براغ رئيس تحرير مجلة المركز الأوروبي للدراسات الدولية والأمنية د.ميتشل بيلفر، إن البحرين باقية بحكمة قادتها وإيران ستتغير بتغير قادتها، عاداً أحداث البحرين مثالاً واضحاً على التدخل الخارجي بشؤون المملكة.وأضاف بيلفر في كتابه «دولة صغيرة في منطقة خطيرة»، أن البحرين دولة تقدمية ومثال حي للمملكة الإصلاحية، واصفاً النفاق الدولي حولها بـ»المذهل».وأكد خلال ندوة نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية لمناقشة الكتاب أمس وأدارتها نائب رئيس مجلس الشورى نانسي خضوري، أن داعمي البحرين الغربيين تخلوا عنها للانضمام للمخربين، واصطفوا مع قوى العنف طمعاً لتقديم أفضل اتفاق جيو ـ إستراتيجي بالنسبة لهم.وأوضح بيلفر في كتابه، أن تجاوزات الحكومة وممارساتها القمعية مجرد ادعاءات ومزاعم، لافتاً إلى أن البحرين حققت تقدماً كبيراً بقدرتها على إصلاح الخطأ بمجرد وقوعه.وأعرب عن اعتقاده أن استقرار البحرين يحقق رفاهية جميع مواطنيها، مضيفاً «بقاؤها واستقرارها كانا رغم الاضطرابات المندلعة خلال العامين الأخيرين، من قبل جماعات سياسية تعتقد في نفسها ثورية، ولكنها ليست كذلك، وهي لا تسعى لتحقيق تغيير وإصلاح في النظام السياسي في البلاد، بل على العكس من ذلك تماماً».وبيّن أن سلسلة المظاهرات بين عامي 2011 - 2013 تصدرها مواطنون من طائفة واحدة، وعدها مثالاً واضحاً للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية البحرينية، وتماثل المحاولات السابقة للتأثير على استقرار الدولة البحرينية.وعدّ الأحداث الأخيرة في البحرين، فصلاً جديداً في البحوث والدراسات، حول أساليب تسعى من خلالها الدول القوية للهيمنة على الدول الصغيرة والضعيفة نسبياً.وقال «من المذهل أن نشهد هذا النفاق الدولي حول البحرين، فسياسات الدولة تتركز جميعها على مبدأ حفظ الكيان الوطني بمواجهة تحديات تفرضها إيران، بعد أن زادت درجة حدتها منذ عام 2011». وأضاف «في السابق اعتبرت البحرين مثالاً حياً للمملكة الإصلاحية، بشهادة أوروبا والولايات المتحدة، ليس فقط من أجل قيمتها الأدائية الوظيفية للمصالح الإقليمية، بل لأنها فعلاً كانت ولا تزال دولة تقدمية».ونبه بيلفر إلى أن هؤلاء الداعمين للبحرين، لم يتوانوا عن التخلي عنها والانضمام لداعمي المخربين في استهداف قوى الأمن البحرينية، والادعاء بوجود تجاوزات من جانب الحكومة وممارسات قمعية مزعومة.ولفت إلى أن هذه المزاعم هدفها ترك الفرصة لهؤلاء للدعاية لأكاذيبهم بوجود نزعات طائفية في البلاد، مستدركاً «هذه الدول تحاول أن تخفي أهدافها الحقيقية من الاصطفاف مع قوى العنف، طمعاً لتقديم أفضل اتفاق جيو- إستراتيجي بالنسبة لهم مستقبلاً في حال نجحت مخططاتهم».وركز المؤلف على جزئية اعتبرها «غاية في الأهمية»، تناولت الأوضاع الداخلية البحرينية، مستعرضاً التقدم الحاصل في البلاد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.وأرجع بيلفر سبب نجاح البحرين إلى قيادة استطاعت تحقيق معدلات تقدم كبيرة بحكمتها وقدرتها على تحسس آراء الناس، مستدركاً «هذا لا يعني أنهم لا يخطئون، ولكن لديهم القدرة على إصلاح الخطأ بمجرد وقوعه».ورد هذه السياسة إلى حساسية القيادة الشديدة تجاه أي شيء طائفي أو يتعلق بالهوية الدينية، ووضع الشعب في موقع المسؤولية وتحقيق التوازن بين حقوقه وواجباته، والإيمان بالترابط القدري بين الماضي والحاضر والمستقبل.وأكد أن القيادة البحرينية استطاعت أن تنهض بشعبها، ولم تجعل من البحرين موقعاً جغرافياً فقط، بل فكرة تحض على التسامح والتلاقي بين الشرق والغرب، ما يجعل البحرين الدولة الصغيرة هي الباقية بحكمة قادتها، وإيران تتغير بتغير قادتها.واعتبر بيلفر إيران أكبر تحد تواجهه البحرين وبقية دول الخليج العربية، في إطار سعي إيران للسيطرة على المنطقة بكاملها، لافتاً إلى أن المفاوضات الجارية بين مجموعة 5 + 1 وإيران «ليست حقيقية»، لأن الأخيرة لن ترضى بالانكماش من منطقة الشرق الأوسط، بعد أن كان لديها حلم توسعي كبير.وأشار بيلفر إلى تلقيه العديد من التهديدات عند تأليفه الكتاب، على اعتبار وجود الكثيرين ممن لا يريدون كشف أوراق إيران بالمنطقة، إلا أنه لم يهتم بها.وأكد بيلفر أن الشعب البحريني قرر أن يتكاتف ضد الثيوقراطية المتمثلة في الحكم الإيراني، مشيراً إلى أن البحرين تظل دوماً مجتمعاً مفتوحاً ويعيش شعبها بمختلف أطيافه وانتماءاته بكل تسامح وسلام.وقال إنه أوضح في كتابه المكون من 400 صفحة، أن أحداث 2011 وما رافقها من عنف، كان بمثابة جولة متأخرة من تاريخ طويل من التدخلات الخارجية بالشأن البحريني لتقويض استقرار البلد.وذكر أن ما أورده الإعلام الدولي إبان تلك الفترة كان مغلوطاً، وأنه لمس هذا من خلال معايشته للشعب البحريني، وإلمامه بكافة الأمور من خلال زياراته المتكررة للمملكة.في ثنايا الكتابويتحدث المؤلَّف عن ثبات البحرين، وصمودها وحفظها لاستقلاليتها في منطقة تعتبر من أكثر مناطق العالم خطورة، وهو ما يشكل لغزاً غريباً في البيئة المحيطة بها.ويقارب بيلفر في كتابه الأسباب الواضحة وراء المطامع الدولية في الخليج العربي والبحرين خاصة، إذ يرجعها إلى المخزون الأحفوري الهائل في منطقة الخليج العربي.ويوضح الكاتب أن البحرين كنظيراتها من الدول الصغيرة تواجه تحديات جمة، إلا أنها يمكن أن تقدم دروساً مناسبة لدول تمر بمشكلات مماثلة في مناطق أخرى من العالم.ووضع بيلفر كتابه استناداً لدراسة أخذت بعين الاعتبار الإمكانات الوطنية للمملكة، واقتصادها المتطور المتنوع، والقوة الدفاعية، ومجتمعها المدني، وغيرها من المؤسسات الفعالة.ويرجع الكاتب الدعم الأوروبي الأمريكي للجماعات المتطرفة، إلى الجبن والخنوع تجاه إيران، بينما اعتبر الأخيرة المهندس الأساسي لحالة العنف التي تشهدها البحرين وعموم منطقة الخليج العربي، من حين لآخر منذ عقود.ويقول بيلفر في مؤلفه إن الولايات المتحدة وبسبب غزواتها الفاشلة على الإرهاب، تولد لديها شعور بالانهزام، فضلاً عن افتراضها أن إيران قوة إقليمية مهيمنة.ويبين أن البحرين ستجد نفسها في مواجهة إشكالية الأمن المزدوجة بصفة مستمرة نظراً لموقعها، وحجم وقواعد القوة في البلاد، وإصرار إيران على الهيمنة عليها، ووضعها تحت مظلة سلطتها.مضاعفة الجهود الحقوقيةوقدم نائب رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي، شرحاً لتحديات واجهت البحرين في سعيها لحفاظ أعلى مستوى لحقوق الإنسان، عندما ضرب العنف السياسي شوارعها عام 2011، مشيراً إلى أن الأمور هدأت بالمملكة، ما يسمح بمضاعفة الجهود الوطنية في الجانب الحقوقي.واعتبر الدرازي أن الكتاب يعكس رأياً متوازناً وحيادياً لما يحدث في البحرين، والكثير من الحقائق التي حدثت خلال السنوات الأربع الماضية، ويغطي الأبعاد الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية.وأكد أن الكتاب تحدث عن تاريخ البحرين وتسامح شعبها، لافتاً أن مؤلف الكتاب زار البحرين 26 مرة قبل وضع كتابه، وبالتالي فإن المؤلَّف عمل ميداني ومنظور علمي ومرجع أكاديمي. وطالب الدرازي بضرورة ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية، بعد أن ترجم للغتين الألمانية والفرنسية، لافتاً إلى أن البحرين لديها 4 مؤسسات مهمة في مجال حقوق الإنسان، بدأت بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ومؤسسة التظلمات، ومفوضية حقوق السجناء والمعتقلين، ووحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة. من جانبه أكد المدير التنفيذي لمعهد البحرين للتنمية السياسية د.ياسر العلوي، أهمية الندوة في تعزيز الوعي المجتمعي بمجريات الأحداث السياسية، والارتقاء بالحس الوطني لمواجهة التحديات الراهنة.وقال إن ما تشهده المنطقة حالياً من أحداث متسارعة ومخاطر متعددة الاتجاهات، يستدعى حواراً مكثفاً على أكثر من مستوى، لتبادل الرؤى والأفكار، وبحث الأسباب والتداعيات ووضع الحلول والبدائل.وأشاد العلوي بالحضور الكبير والنوعي وتفاعله مع موضوع الندوة بالنقاش الثري والبناء والمداخلات، ما يؤكد حرص الجميع على أمن البحرين واستقرارها، واستدامة التطور السياسي والاقتصادي في البلاد.واعتبر الندوة بحد ذاتها وبما طرحته من أفكار ورؤى لمراقبين من خارج البحرين، أحد الأوجه المهمة للممارسة الديمقراطية في المملكة، يسعى معهد البحرين للتنمية السياسية لترسيخها في المجتمع.من جانبه، علق رئيس معهد الأبحاث الروسي ومقره إسطنبول د.جومير إيزاييف، أن الكتاب أظهر الموقع الجغرافي الإستراتيجي المميز والمهم للبحرين، لافتاً إلى أن البحرين تملك مؤسسات ديمقراطية متطورة مقارنة بدول عربية أخرى.وقال إيزاييف إن المجتمع البحريني منفتح ومحافظ على تقاليده في نفس الوقت، مشيداً بمدى التسامح والتعايش السلمي بين أطياف المجتمع البحريني، وهو ما تفتقده العديد من دول الشرق الأوسط.ورأى أخطر تحد يواجه البحرين، في قربها من دول كبيرة لديها طموحات استعمارية وإمبراطورية، وهي مطالبة بحماية نفسها من هذه الطموحات السيئة.بدوره، دعا الخبير والمحلل الاقتصادي كيث بويفلد، البحرين إلى استغلال سفاراتها في الخارج للترويج لصورتها، ولما يحدث بالداخل من عملية نهضة وتنمية وغيرها، مشيراً إلى أن هذا الجانب ليس مفعلاً كثيراً رغم أهميته.وأكد أهمية استمرار العلاقات البحرينية البريطانية، إذ قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، إن المملكة المتحدة ملتزمة بالعمل مع البحرين لحفظ أمنها واستقرارها.وأضاف أن أمريكا لديها الأسطول الخامس في البحرين، مستدركاً «لكن بعد حرب العراق وأفغانستان لم تعد أمريكا بتلك القوة، وميزان القوى لصالح بريطانيا».وأوضح أن البحرين ترتكز على 5 مبادئ أساسية متطورة ومهمة جداً، وهي تشبه النموذج السنغافوري في الاقتصاد الناجح، باعتبارها جزيرة صغيرة وتدبر أمورها بصورة جيدة.وقال إن النقطة الأولى تتمثل في النقاشات والمداخلات داخل أروقة مجلسي النواب والشورى مع الحكومة، وهو أمر غير موجود في كثير من الدول، لافتاً إلى أن ما شاهده من مناقشات وتشريعات شبيه بالنموذج البريطاني.وأكد بويفلد أن البحرين لديها احترام متبادل وثقافة تسامح ديني وهو ما «أدهشه»، مشيراً إلى أن العديد من الأديان والمذاهب تعيش بسلام في البحرين ودون معوقات.وذكر أن العالم يثق بالبحرين كمركز مالي مهم يمكن الاعتماد عليه، لافتاً إلى أن البحرين لديها رؤية واضحة وتسير نحوها.وأردف «البحرين من وجهة نظري هي فينيس القرن الـ21 التي تحدثت عنها الأساطير، وهي بندقية القرن الحالي، إنها جميلة»، مؤكداً أهمية أن ترتبط البحرين بعلاقات تجارية وسياسية واسعة مع العديد من الدول.ونبه إلى أن البرلمانيين الأوروبيين والبريطانيين تابعوا أحداث البحرين عبر BBC، وهي لم تنقل الأحداث كما يجب لأنها «كسولة» على حد وصفه، فضلاً عن تقليص العديد من الميزانيات الإعلامية سواء التابعة للقنوات أو الصحف وغيرها من وسائل الإعلام.وقدم بويفلد نصيحة للبحرين، لدعوة الوفود الإعلامية والشخصيات المهمة والمؤثرة في المجتمعات الغربية لزيارة المملكة، لرؤية الأمور على أرض الواقع.وقال إن البحرين في مركز متقدم اقتصادياً، إذ تتبوأ المرتبة 13 عالمياً في الحرية الاقتصادية، فضلاً عن استقطابها للمؤسسات المالية الإسلامية، مؤكداً أن الصيرفة الإسلامية مهمة جداً، والنظام العالمي يتجه لها، وهناك بنوك ترفض دعم التجارة، وعلى البحرين انتهاز الفرص العظيمة المتاحة أمامها.