انطلقت جائزة الشيخ عيسى لخدمة الإنسانية في مسيرتها التي لم تبلغ العقد من الزمان، بعد أن حجزت لنفسها مكانة بين أرفع الجوائز العالمية التي تخدم البشرية جمعاء، انطلقت بأمر ملكي سام من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، العام 2009، وذلك تأكيداً على دور مملكة البحرين في مشاركة العالم المتحضر صناعة الحياة مع الأمم المتطلعة دوماً لخير الإنسان والارتقاء به في المجالات كافة مصداقاً لقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم (الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة). وكان الملك أطلق اسم المغفور له بإذن الله تعالى أمير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة على الجائزة، تخليداً لذكرى باني دولة البحرين الحديثة، وترسيخاً لكل معاني العطاء والقيم الإنسانية النبيلة التي كانت نبراساً في حياة الفقيد العزيز، ووفاء وعرفاناً لما بذله سموه في ميادين الخير والبر والإحسان وفي شتى ميادين العمل الإنساني بكل قارات العالم دون اعتبار لدين أو لون أو ثقافة أو جهة.وتغطي الجائزة أحد عشر مجالاً في خدمة الإنسانية يأتي في مقدمتها برامج الإغاثة والتصدي للكوارث، والتعليم والصحة والتسامح الإنساني، وتمنح تكريماً للذين تميزوا في خدمة الإنسانية جمعاء بغض النظر عن انتماءاتهم أو معتقداتهم، كما تعبر عن دور المملكة في تعزيز المبادرات الإنسانية في عالم اليوم، وجهودها الرامية لتطوير العمل الإنساني، والانتقال به من العمل التقليدي إلى آفاق أكثر رحابة من أجل تكريم الأفراد والمنظمات التي تقدم خدمات متميزة للبشرية وتثمين جهودهم في جميع أنحاء العالم.وأحاط العاهل الجائزة بعناية واهتمام بالغين، وذلك بالنظر إلى سلسلة الإجراءات الدقيقة والمحكّمة التي تُتبع قبل منحها للشخصيات والمؤسسات التي تنطبق عليهم الشروط، وهو ما رسخ لها كل معاني الشفافية والنزاهة حتى تمضي إلى غاياتها التي وضعت من أجلها، كما إن لجنة تحكيم الجائزة تتكون من الخبراء والمختصين وأصحاب الخبرات الكبيرة في المجالات القانونية والإنسانية المختلفة، ويمثلون مختلف مناطق العالم الجغرافية والسياسية، وهو ما أكسبها المكانة الدولية المرموقة التي تتمتع بها الآن.وتمنح الجائزة هذا العام إلى «أشيوتا سامنتا» من ولاية أوديسا بجمهورية الهند الصديقة، وذلك عن دوره في مجالي الرعاية الاجتماعية ومحاربة الفقر والعوز، وقد عمل بعد جهود مضنية من أجل إتاحة الفرصة للفقراء للحصول على تعليم نوعي متميز وتحريرهم من الفقر، وأسس مؤسسات تعليمية عالمية ورائدة كان بمقدورها توفير التعليم المجاني من الحضانة إلى الجامعة والرعاية الطبية والاجتماعية والإقامة والإعاشة لأكثر من 22500 طالب وطالبة من فقراء وأيتام الهند والأطفال المهملين والمحرومين المهمشين، فضلاً عن الأثرياء القادرين، مما حقق تفاعلاً واندماجًا بين طبقات المجتمع المختلفة وقرب بين أبناء المجتمع الواحد.إن الاحتفال التاريخي الذي سيقام يوم الـ3 من يونيو الجاري، برعاية العاهل لتسليم جائزة عيسى لخدمة الإنسانية في دورتها الثانية، يعتبر بمثابة إعلان عالمي للمكانة الكبيرة التي حظيت بها هذه الجائزة برغم قصر سنوات عملها، ورسالة بحرينية واضحة في لفت أنظار العالم لما تعانيه البشرية من نقص في العمل الإنساني، وترجمة واقعية تبرز أن هناك العديد من الأعمال الخيرة والنيرة التي تخدم البشرية في صمت قد استطاعت الجائزة الوصول إليها برغم بعد المسافات.يذكر أنه في يوم 26 مايو العام 2013 تفضل الملك، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، بتسليم جائزة عيسى لخدمة الإنسانية في دورتها الأولى 2011-2012 للدكتورة «جميلة محمود» من ماليزيا، وذلك عن دورها في مجال الإغاثة من الكوارث والخدمة الإنسانية الشاملة، ومساهمتها في التأسيس لآلية التنسيق بين المنظمات الدولية الرسمية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، وذلك بصفتها عضواً في برنامج الأمم المتحدة لتقييم الكوارث والتنسيق.وتضم لجنة تحكيم أعمال الجائزة يتقدمهم: البروفيسور يان بولسون (أوروبا الغربية) محكم قانوني دولي، أستاذ القانون بجامعة ميامي رئيس لجنة التحكيم بجائزة عيسى لخدمة الإنسانية، محمد بن عيسى الأمين العام لمنتدى أصيلة وزير خارجية المغرب سابقاً، كريستوفام بوركيو سيناتور من جمهورية البرازيل، د.جاك ضيوف (أفريقيا - السنغال) المدير العام لمنظمة الفاو (سابقاً) ومن مملكة البحرين الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة مستشار قانوني رئيسة مجلس الأمناء بغرفة البحرين لتسوية المنازعات الاستثمارية والمالية والاقتصادية، ومن الهند شبانه عزمي سفيرة النوايا الحسنة لصندوق الأمم المتحدة للإسكان، وعين لها جلالته الأديب علــي عبدالله خليفـة أميـــناً عاماً.