تراجع أسعار العملة الوطنية والبورصة في تركياإسطنبول - (وكالات): دخلت تركيا مرحلة اضطرابات غير مسبوقة غداة الضربة القاسية التي تلقاها حزب العدالة والتنمية الحاكم حزب الرئيس المحافظ رجب طيب أردوغان وأدت إلى تراجع أسعار العملة الوطنية والبورصة في البلاد. ودعا أردوغان الأحزاب السياسية في بلاده إلى التصرف «بمسؤولية» للحفاظ على «استقرار» البلاد غداة الانتخابات التي تلقى حزبه فيها ضربة قاسية. وصرح في بيان «في العملية الجديدة، من المهم جداً أن تتصرف الأحزاب السياسية كافة بالحساسية الضرورية، وتتحلى بالمسؤولية لحماية مناخ الاستقرار والثقة إلى جانب مكتسباتنا الديمقراطية». ودعا إلى تشكيل حكومة ائتلافية قائلاً إن «النتائج الحالية لا تعطي الفرصة لأي حزب لتشكيل حكومة بمفرده».وفي ختام استحقاق تحول إلى استفتاء حول شعبية أردوغان أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، خسر الرئيس الأكثرية المطلقة في البرلمان التي كانت بحوزته منذ 13 عاماً، ما يجبره للمرة الأولى على تشكيل ائتلاف أو حكومة أقلية. وانعكس ذلك على الأسواق حيث سجلت بورصة إسطنبول هبوطاً بنسبة 6%.أما الليرة التركية، فتدنت إلى مستوى قياسي إزاء الدولار واليورو إذ خسرت 4% بالنسبة إلى العملتين وتم تداولها بعد الظهر بـ2.75 ليرة مقابل الدولار و3.07 مقابل اليورو.وسارع البنك المركزي التركي إلى التدخل حيال الانهيار معلناً خفض نسب الفوائد على الودائع القصيرة الأمد بالعملات الأجنبية لمدة أسبوع.واعتبر المحلل أوزغور التوغ من بي جي سي بارتنرز أنه «سيستمر الغموض إلى حين تشكيل حكومة جديدة». وسعى أردوغان، الضحية الرئيسة لاستحقاق الأحد، إلى تهدئة المخاوف. وبعيداً عن نبرة التحدي التي اعتمدها في أثناء الحملة، دعا الرئيس الأحزاب السياسية إلى التصرف «بمسؤولية» للحفاظ على «استقرار» البلاد. كما دعا إلى تشكيل حكومة ائتلافية قائلاً إن «النتائج الحالية لا تعطي الفرصة لأي حزب لتشكيل حكومة بمفرده».وأشارت النتائج الرسمية إلى تصدر حزب العدالة والتنمية بحصوله على 40.8% من الأصوات، ما يشكل تراجعاً بحجم 10 نقاط تقريباً مقارنة بنتيجته قبل 4 سنوات.ونتيجة للتباطؤ الاقتصادي الأخير والاتهامات إلى أردوغان بالنزعة التسلطية، خسر الحزب الغالبية المطلقة في البرلمان ولم يحصل سوى على 258 مقعداً من أصل 550، أي أقل بكثير من الغالبية المطلقة البالغة 276. لكن ما أسقط الحزب الحاكم فعلاً هو حزب الشعب الديمقراطي المناصر للأكراد الذي تمكن من تجاوز نسبة 10% الإلزامية لدخول البرلمان. ونال الحزب الذي يعتبر الفائز الأكبر في الاستحقاق برئاسة صلاح الدين دميرتاش، 13.1% مع 80 مقعداً. وحل حزب الشعب الجمهوري ثانياً بحصوله على 25% من الأصوات و135 مقعداً فيما نال حزب العمل القومي 16.3% وأصبح يشغل 80 مقعداً.وهذه النتيجة قضت على مشاريع أردوغان بتعديل الدستور لإقامة نظام رئاسي قوي في تركيا. وكان يلزمه من أجل تمرير الإصلاحات التي نددت بها كل الأحزاب الأخرى باعتبارها «ديكتاتورية دستورية»، الفوز بـ 330 مقعداً لكي يمكن لحزبه اعتماده بمفرده.واعتبرت صحيفة «حرييت» أن «الأتراك قالوا له إنهم لا يقدرون حكمه شخصياً».ورحب خصوم أردوغان بأول خسارة سياسية له منذ 13 عاماً. وعلق دميرتاش «نحن الشعب الذي يعاني من القمع في تركيا ويريد العدالة والسلام والحرية قد حققنا انتصاراً كبيراً»، متعهداً «تشكيل معارضة قوية وصادقة»، فيما صرح زعيم حزب العمل القومي داوود بهجلي أن نتائج الانتخابات تشكل «بداية النهاية لحزب العدالة والتنمية».وبدا السياسيون والمحللون التكهنات اعتباراً بخصوص تركيبة حكومة ائتلاف محتملة. فعلى الورق، تملك الأحزاب المعارضة الثلاثة الأكثرية الكافية لذلك. لكن رئيس الوزراء وزعيم الحزب الحاكم أحمد داود أوغلو الذي سيلتقي أردوغان في وقت لاحق، استبعد هذا الخيار معبراً عن إرادة الاحتفاظ بالسلطة. وصرح أن «هذه الانتخابات أثبتت أن حزب العدالة والتنمية هو العمود الفقري لهذه البلاد».وأعرب عدد من أعضاء الحكومة عن تأييدهم تشكيل ائتلاف. وصرح نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش «أنه السيناريو الأكثر ترجيحاً». في حال فشل المشاورات التي تجري في الأيام الـ45 المقبلة، يحق لأردوغان حل البرلمان ودعوة الناخبين مجدداً إلى صناديق الاقتراع.
تركيا تعيش اضطراباً بعد نكسة «العدالة والتنمية» في الانتخابات
09 يونيو 2015