صباح دامِ حزين .. استيقظت عليه مصر على صوت الرصاص وانفجار القنابل .. المشهد ينقلك في ثوانِ إلى ساحة الحرب وأصوات الرشاشات والطلقات المتعددة ودويها يشعرك بأنك أمام عدو صهيوني غاشم لا يملك أدني إحساس آدمي ليرحم أحد من مجزرة دموية والقتلى يتساقطون بالمئات والأشلاء تتطاير في مشهد لم تعهده ولم تشهده من قبل العيون. هذه فتاة تصادف أنها تمر من أمام كاميرا إحدى المحطات الفضائية تتصل بذويها تليفونيا لتروي لهم الخبر فيتم قنصها في الرأس من الخلف فتهوى في الحال صريعة لتسجل الكاميرا هذا الحدث الذي شهد جريمة بشعة لن ينساها التاريخ للقتلة الذين تجردوا من معانِ الإنسانية، وهذه فتاة أخرى ترفع كتاب الله المجيد مكبرة باسم الله العظيم فتصيبها رصاصة لتسقط مضرجة وسط بركة من الدماء الساخنة، ولم تنقطع أصوات المدافع عن قنص المعتصمين السلميين العُزل وليسجل التاريخ صوت رجل غير بعيد يستعصم بالله ويرفع الآذان في غير موعدِ بصوت متقطع وفوق رأسه يصبون حميم الرصاص الملتهب والمؤذن يبكِ ولم ترحمه المدافع والقناصة وحينما يبكِ المؤذن قطعاً تنخلع له القلوب المؤمنة.كأننا نشاهد فيلماً تاريخياً لمعركة (صدر الإسلام) بين فئة مُسلِمة وأخرى من كفار قريش يحيطون بهم عن أيمانهم وعن شمائلهم ومن أمامهم ومن خلفهم مع اختلاف عُدتهم وعتادهم الحديث أسلحة وقنابل ومروحيات ترصد وتتابع تطبيق خُطة الطريق وجرافات تقوم بهدم الخيام على من بداخلها وتجرفهم أحياء، وطائفة أخرى تحرق الخيام بمن فيها من الحرائر الصائمات المعتصمات .. قمة العبث والإرهاب والأجرام أن نشاهد هذه المجازر تحت سمع وبصر العالم أجمع لنُصرة طائفة أرادت حُكم مصر بالقمع والوحشية والقتل والإبادة الجماعية.هي ساحة حرب ضروس شرسة بكل المعانِ لم تعرف معنى الرحمة على أرض رابعة العدوية لمهمة إجرامية وحمام من الدماء الساخنة وجثث تتهاوى في لحظاتِ وحرائر يتم قنصهن بدم بارد وأطفال رُضع وآخر في عمر الزهور كالولدان المخلدون يحرقون ويقتلون برصاص حي دون ذنبِ اقترفوه .. نعم هي حرب بدأت رحاها منذ الساعة السادسة صباح هذا اليوم الأسود الحزين ولم تضع أوزارها حتى كتابة هذه السطور وقد توقف العقل عن سرد الحدث وجف مداد القلم أمام هذه المشاهد المرعبة.ومن هنا أنقل لكم الخبر بصفتي فالإعلامي صاحب موقف قبل أن يكون ناقل خبر .. القذائف تتوالى كالمطر والجرحى بالآلاف والجثث بالمئات وتعذر حصرها بعضها فوق بعضِ بالمستشفى الميداني برابعة العدوية والأشلاء متراكمة .. لكن بأي ذنب قَتَل المجرمون وأبادوا هذه الأرواح البريئة التي اعتصمت بسلميتها وسلاحها الصيام والقيام والتهليل والتكبير وكانت رسالتها واضحة للعالم أجمع أنها رفضت الانقلاب على الشرعية .. بأي ذنب قَتلوا الأبرياء وكأنهم في شرع قاتليهم جرذان أو خرفان كما نعتوهم من قبل بها .. بأي ذنب أصبح دم المسلم مستباح وأرخص من تراب الأرض التي تشربته ؟ اليوم أطاح قادة الانقلاب بآخر أحجار الديمقراطية .. وفقدت مصر خير أجناد الأرض