أنقرة - (وكالات): توفي الرئيس التركي الأسبق ورئيس الوزراء سليمان ديميريل إحدى أبرز شخصيات الحياة السياسية التركية، أمس عن 90 عاماً في أحد مستشفيات أنقرة. ويعد ديميريل واحداً من عمالقة الحياة السياسية التركية، وقد مارس السياسة طوال نصف قرن تقريباً وتخطى رغم الاضطرابات جميع الأخطار بما فيها انقلابان عسكريان. وستحمل قدرة ديميريل على البقاء في المعترك السياسي وليس إنجازاته، الناس على تذكر السياسي المحافظ المعتدل الذي يتميز ببراغماتية كبيرة. وعلى رغم الظروف، تمكن من التعامل مع الإسلاميين والاشتراكيين - الديمقراطيين أو اليمين المتطرف من أجل البقاء في الحكم.ويوجز أحد تعابيره المشهورة شخصيته ومسيرته السياسية «أمس هو أمس، واليوم هو اليوم».وابتداء من 1965، حكم ديميريل تركيا أكثر من 11 عاماً، إذ تولى رئاسة الوزراء 7 مرات، وهي ثاني أطول ولاية لرئيس وزراء بعد ولاية الرئيس الحالي ورئيس الوزراء السابق رجب طيب أردوغان.وفي مايو 1993، انتخب الرئيس التاسع لتركيا منذ تأسيس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية في 1923، فتوج بذلك مسيرة شخصية استثنائية، بدأت بعد الانقلاب العسكري الأول في 27 مايو 1960.وكان نفوذ الجيش واضحاً طوال هذه المسيرة، لكنه لم يتوان عن انتقاد التأثير الذي يمارسه على الحياة السياسية للبلاد. وقطع انقلابان عسكريان في 1971 و1980 اثنتين من ولاياته السبع.وقد دخل سليمان ديميريل المولود في نوفمبر 1924 في إسلام كوي قرب اسبرطة، جنوب غرب أنقرة، والملقب «كوبان سولو»، أو «سليمان الراعي» بسبب أصوله الفلاحية، الحياة السياسية في 1964، بعد انتخابه رئيساً لحزب العدالة المحافظ.وسرعان ما أطلق أنصار ديميريل، المهندس في الأشغال العامة، والمتـــــــزوج من دون أن يرزق بأولاد، لقب «بابا»، بسبب أصوله الشعبية. وإذاك أعلن أنه «وريث» الحزب الديمقراطي الذي تم حله بعد الانقلاب العسكري في 1960، والذي صدر قرار بشنق رئيسه، رئيس الوزراء عدنان مندريس مع اثنين من وزرائه.وفي 1965، كان ديميريل أصغر رئيس للوزراء في الأربعين من عمره، وأرغمه العسكريون على الاستقالة في 1971، فكان ذلك السقوط الأول والعودة الأولى.وفي 1977، ترأس حكومة ائتلافية مع إسلاميي نجم الدين أربكان والقوميين المتشددين، ثم في 1979 حكومة أقلية مدعومة من الأحزاب السابقة لائتلاف اليمين. وفي سبتمبر 1980، أبعده العسكريون مجدداً عن الحكم.وفي 1982، منع ديميريل مع مسؤولين آخرين من حزب العدالة من ممارسة السياسة طوال 10 سنوات، بعد حل حزبه. ورفع هذا المنع بعد 5 سنوات، في 1987 باستفتاء، ودخل مجدداً الحياة السياسية.وأصبح رئيساً لحزب الطريق القويم الذي تأسس في 1983 بإيحاء منه.وفي يناير 1991، عاد سليمان ديميريل رئيساً للوزراء، في إطار ائتلاف بين اليمين واليسار هذه المرة. ثم أصبح رئيساً للدولة بعد وفاة تورغوت أوزال في 1993.وإبان رئاسته، أبعد أربكان، أول رئيس حكومة إسلامية في تركيا، عن الحكم بضغط من الجيش، في يونيو 1997، في ما يصفه المحللون الأتراك اليوم بأنه «انقلاب ما بعد الحداثة».وقد منحه الدستور ولاية واحدة من 7 سنوات، لكن رئيس الوزراء بولنت أجاويد، الذي كان مع ذلك خصمه السياسي، حاول تعديله في اللحظة الأخيرة، في أبريل من نفس العام، حتى يتمكن من الحكم ولاية ثانية. لكن النواب الأتراك رفضوا ذلك.إذاك ألمح ديميريل الذي لم يتراجع، إلى أنه لن ينسحب مع ذلك من الحياة السياسية. وقال «إذا ما عدت إلى بيتي، فلن يكون ذلك من أجل أن اهتم بالحديقة».وحتى بعد اضطراره إلى التقاعد، كان يظهر من وقت إلى آخر لإسداء نصائحه إلى الطبقة السياسية، لكنه لم يتنكر لشعاره: «أنا فوق الأحزاب السياسية».وفي تصريح أصدره مكتبه، أشاد الرئيس المحافظ رجب طيب أردوغان بشخصية سلفه وبالفترة الطويلة التي أمضاها في الحكم.وقال أردوغان إن «سليمان ديميريل الذي ساهم في تطور البلد، ترك أثراً عميقاً في التاريخ السياسي لتركيا وسيبقى بين كبار رجال السياسة ورجال الدولة في بلادنا».وعلى غرار الرئيس، قدم رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو تعازيه إلى عائلة ديميريل و«محبيه» وإلى «الشعب التركي».