واشنطن - (الأناضول): لم يرد ببال الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الذين اعتبروها -هم ومن جاء بعدهم- مهداً للديمقراطية، أن يأتي عليها يوم تسودها فيه مخاوف من «السلالات السياسية الحاكمة»، أثارها إعلان كل من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون والشقيق الأصغر للرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، جيب بوش، مؤخراً عزمهما الترشح لرئاسيات 2016.ومع إعلان كلينتون الترشح للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، بالتزامن مع إعلان جيب بوش الترشح للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، استعداداً لرئاسيات 2016، ثار النقاش في الولايات المتحدة حول ما إذا كانت هاتان العائلتان «ستحتكران» السياسة في البلاد.وظهر في الأوساط الإعلامية الأمريكية مصطلح «السلالة الحاكمة السياسية»، في بلد تعتبر نفسها مهداً للديمقراطية، الأمر الذي دفع روس باكر مؤلف كتاب «عائلة الأسرار: سلالة بوش الحاكمة»، إلى القول إن «الديمقراطية في الولايات المتحدة دخلت غرفة الإنعاش».ولفت الكاتب إلى نوع آخر من احتكار السياسة بخلاف احتكار العائلات، هو «سيطرة أصحاب فكر معين على الساحة السياسية»، ضارباً المثل بانتخابات 2004 التي تنافس فيها جورج بوش الابن عن الحزب الجمهوري، وجون كيري عن الحزب الديمقراطي، لافتاً إلى أن كلاً منهما كان عضواً في نادي «الجمجمة والعظام» السري في جامعة ييل.ورأى باكر أن «سيطرة أفراد عائلات معينة أو أصحاب فكر معين على الساحة السياسية الأمريكية، رغم وجود أعداد كبيرة من المؤهلين، أمر يبعث على الإحباط». وأعرب عن اعتقاده أن «التأثير الكبير للمال والشركات الكبرى وقطاع الصناعات الدفاعية على الساحة السياسية الأمريكية، لا يترك كثيراً من الخيارات أمام الشعب الأمريكي».بدورها أشارت باربارا كيلرمان، عضو هيئة التدريس في جامعة هارفارد ومؤلفة كتاب «أقرباء جميع الرؤساء: الأدوار السياسية»، إلى أن ظاهرة تولي أفراد من العائلة نفسها رئاسة الولايات المتحدة «ليست جديدة»، مذكرة بأن «ابن جون آدامز الرئيس الثاني للبلاد، جون كوينسي آدامز، تم انتخابه رئيساً سادساً للولايات المتحدة».وترى كيلرمان أن من المبكر الحديث عن احتكار عائلتي بوش وكلينتون للمشهد السياسي الأمريكي، قائلة إن «وقتاً طويلاً يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية 2016، ومن الممكن أن تشهد تلك الفترة تغيرات، خاصة مع اعتراض نسبة كبيرة من المواطنين الأمريكيين على فكرة أن تصبح المنافسة في انتخابات 2016 بين تلك العائلتين».وكان من اللافت ألا يستخدم جيب بوش «62 عاماً» -الحاكم السابق لولاية فلوريدا- اسم العائلة في حملته التي أطلقها الاثنين الماضي، ليصل بذلك عدد المرشحين للانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري إلى 11 مرشحاً.أما هيلاري كلينتون «68 عاماً» زوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، ووزيرة الخارجية السابقة، والسيناتورة السابقة عن ولاية نيويورك، فقد فضلت أن تطلق حملتها من وسط ناخبيها السابقين في نيويورك، موجهة خطابها إليهم بأنها في حال فوزها بالرئاسة «ستأخذ المبادرة لصالح الفئة المتوسطة»، مضيفة أن «هناك حاجة للمزيد من العدالة والنمو».وخلال الـ35 عاماً الماضية، كان اسما بوش وكلينتون الأكثر ظهوراً في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. و لم يشهد المواطنون الأمريكيون الذين تقل أعمارهم عن 36 عاماً سوى انتخابات رئاسية واحدة عام 2012، لم يترشح فيها أي من أفراد العائلتين، فاز فيها الرئيس الحالي باراك أوباما.وكان أول ظهور لعائلة بوش في الانتخابات الرئاسية عندما ترشح جورج بوش الأب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 1980، وبعد خسارته أمام رونالد ريغان الذي فاز بترشيح الحزب ومن ثم بالرئاسة، تولى بوش الأب منصب نائب رئيس الولايات المتحدة لفترتين متتاليتين. وفي عام 1989 فاز بوش الأب في الانتخابات ليتولى رئاسة الولايات المتحدة حتى عام 1992، حيث خسر في الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح الحزب الديمقراطي بيل كلينتون.وبعد استمراره رئيساً للولايات المتحدة لفترتين، سلم كلينتون منصب الرئاسة لفرد آخر من عائلة بوش، هو بوش الابن، الذي تولى الرئاسة فترتين متتاليتين. وبذلك تكون عائلتا بوش وكلينتون حكمتا الولايات لمدة 19 عاماً متواصلة منذ عام 1989 حتى عام 2008.وكان من الممكن أن يعود منصب الرئاسة إلى عائلة كلينتون مرة أخرى مع ترشح هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 2008، إلا أن انسحابها أمام باراك أوباما منح السياسة الأمريكية راحة من العائلتين لفترتين رئاسيتين، تخللهما تولي هيلاري وزارة الخارجية في الفترة من يناير 2009 إلى فبراير 2013.