أنقرة - (الجزيرة نت): لا يزال الغموض سيد الموقف بخصوص تشكيل الحكومة التركية الجديدة، بعد تعذر تشكيل حكومة أغلبية من قبل حزب «العدالة والتنمية» لفشله في الفوز بالأصوات الكافية خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة.ويراعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التمهل في اختيار الشخص الذي سيكلفه بتشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة، معطياً بذلك الفرصة للحسابات والاتصالات الجارية خلف الكواليس بشأن طبيعة أطراف الحكومة الائتلافية المقبلة، بينما تذهب أغلب الترجيحات إلى تغليب خيار الانتخابات التشريعية المبكرة.وبحسب دراسة قامت بها «شركة إبسوس للأبحاث» حول سلوك الناخبين الأتراك في 81 محافظة تركية بعد الانتخابات، فإن 51% منهم يؤيدون الذهاب للانتخابات المبكرة، في حين يفضل 41% منهم تشكيل حكومة ائتلاف.وطبقاً لنتائج الدراسة، فإن التحالف بين العدالة والتنمية وبين الحركة القومية هو الأكثر ترجيحاً بنسبة 48% من أصوات من شملتهم الدراسة، مقابل 32% يميلون إلى حكومة تحالف للأحزاب المعارضة.ويرجح مراقبون أتراك تشكيل حكومة ائتلافية بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، لكنهم لم يستبعدوا إجراء الانتخابات المبكرة.ويرى المحلل السياسي حلمي داشدمير أن «حكومة العدالة والتنمية مع الحركة القومية هي الوحيدة التي بإمكانها الصمود لغاية الانتخابات التشريعية لعام 2019».وقال إن أي تحالف آخر للعدالة والتنمية «سيكون سبباً في فقدانه المزيد من أصوات أنصاره الذين لن يقبلوا تحالف حزبهم مع العلمانية المتشددة وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، فهم يرون أن عملية السلام بدلاً من أن تساهم في فوز حزبهم تسببت في خسارته للأصوات''.واعتبرالصحفي جعفر سولغون أن «الخيار الصحيح هو حكومة تحالف بين أحزاب المعارضة»، واتهم حزب العدالة والتنمية بـ«إعاقة تحقيق هذا الأمر، والإضرار بتركيا. وعلى الحكومة المقبلة أن تكون قادرة على إصلاح ما أفسده، أما إذا ما تابع المسؤولون في العدالة والتنمية نفس الأسلوب القديم فإن الفوضى والأزمات ستعود للبلاد».وخلص سولغون إلى أن الحكومة الائتلافية الجديدة «مهما كانت قوية، فإنها لن تستطيع إلغاء واقع أن الانتخابات المبكرة هي المخرج الوحيد للوضع الحالي».وكان زعيم العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو قد أبدى في مقابلة تلفزيونية استعداد حزبه «للتحالف مع جميع الأحزاب دون خطوط حمراء». لكنه حدد شروطاً مبدئية لذلك، يتصدرها بقاء رئاسة الوزارة بيد حزب العدالة، وعدم المساس بشخصية رئيس الدولة رجب طيب أردوغان وقبوله رئيساً شرعياً منتخباً من قبل الشعب، والاستمرار في محاربة الكيان الموازي في إشارة إلى حركة الخدمة بزعامة الداعية التركي فتح الله غولن.من جهته، دعا زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليشدار أوغلو أحزاب المعارضة للتحالف معاً، معتبراً حزب العدالة والتنمية «آخر خيار يمكن اللجوء إليه»، شرط التناوب على رئاسة الوزراء وتقاسم الوزارات بالتساوي فيما بينها، مع حصول حزبه على وزارات العدل والداخلية والتعليم.ورفض حزب الحركة القومية دعوة كيليشدار أوغلو، وقال زعيمه دولت بهشلي «من المستحيل قبول تحالف يتواجد فيه الشعوب الديمقراطي». لكنه أعلن استعداده التحالف مع العدالة والتنمية مقابل تخلي الأخير عن عملية السلام مع الأكراد، وإعادة فتح ملف الوزراء الأربعة في الحزب الحاكم سابقاً والذين تمت تبرئتهم من قضايا الرشوة والفســــاد على خلفية الاعتقــالات فـــــي 17 ديسمبر 2013.يذكر أنه في حال فشل الأحزاب التركية في تشكيل حكومة ائتلافية، يمنح القانون التركي للرئيس رجب طيب أردوغان حق الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة بعد 45 يوماً من إعلان النتائج.ويفترض أن تكون نقطة انطلاق المرحلة الرسمية لتشكيل الحكومة الجديدة اليوم، بعد مراسم القسم الدستوري للنواب الجدد في البرلمان. لكن أردوغان أعلن عن عدم رغبته في تكليف داود أوغلو بتشكيل الحكومة الجديدة قبل انتخابات رئيس البرلمان المقرر انعقادها في 28 الشهر الحالي.