أوصى تقرير أصدرته مجموعة حقوقيون مستقلون بعنوان «مكافحة المخدرات مسؤولية وطنية مشتركة» بضرورة تطوير المنظومة الإدارية لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، عبر تطوير إدارة مكافحة المخدرات إلى مديرية عامة لمكافحة المخدرات تتبعها إدارات مختلفة، وذلك أسوة بنظيراتها في دول مجلس التعاون كي تسهم بشكل أكثر وأكبر في جهود مكافحة المخدرات. وطالب التقرير بضرورة تفعيل المواقع الإلكترونية للوزارات ذات الصلة ببيانات عن مكافحة المخدرات، وإيصال رسائل توعوية عبر كافة حسابات التواصل الاجتماعي لجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية التي يتصل عملها بمكافحة المخدرات ومنها وزارة الصحة والمؤسسة العامة للشباب والرياضة ووزارة الداخلية ووزارة التنمية الاجتماعية والتربية والتعليم وغيرها من الوزارات. كما أكد التقرير، الذي أصدرته المجموعة بمناسبة اليوم العالمي للمخدرات، على أهمية ووضع خطة وطنية لمتابعة ونشر البرامج المعنية بمكافحة المخدرات، وتوعية المجتمع بأهمية الوقاية من سوء تعاطي المخدرات لدى الأطفال.كما أوصى التقرير بضرورة وضع خطة وطنية لمتابعة ونشر البرامج المعنية بمكافحة المخدرات، عبر إِشراك كافة المؤسسات الرسمية والمدنية ذات العلاقة وتحديداً الأندية الرياضية والمراكز الشبابية والجمعيات ذات النفع العام، كما لابد من تجسير الجهود بين الجهات الحكومية ذات الصلة والقطاع المدني، وإدماج المدارس والجامعات لترسيخ الوعي بأضرار المخدرات، والعمل على توعية المجتمع بأهمية الوقاية من سوء تعاطي المخدرات لدى الأطفال، والعمل على تأسيس قاعدة بيانات تسهم في دعم الدراسات والبحوث في مكافحة المخدرات، ودعم المصحات الأهلية للتعافي وتزويدهم ببرامج داعمة.مسؤولية مشتركة من جانبه قال رئيس اللجنة الاستشارية بالمنظمة العالمية لحماية الطفل «انسبت»، رئيس مجموعة حقوقيون مستقلون الناشط الحقوقي سلمان ناصر أن القضاء على المخدرات ليست مسؤولية وزارة الداخلية وحدها وإنما تشترك العديد من المؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية والقطاع الخاص في مسؤولية القضاء على هذه الآفة الخطيرة التي تهدد التنمية المستدامة لمملكتنا الغالية وتشكل خطراً على حاضرنا ومستقبل أبنائنا.وأشار إلى أن البحرين قطعت أشواطاً كبيرة في مجال مكافحة المخدرات، وأن نجاح البحرين في ذلك يعود إلى إدراك المسؤولين بوزارة الداخلية بضرورة المشاركة المجتمعية وتعميم المسؤولية الوطنية المشتركة بين كافة قطاعات المجتمع البحريني من مؤسسات رسمية وأخرى ذات النفع العام والجمعيات المدنية. وتضمّن التقرير التعريف بأضرار المخدرات وتأثيراتها السلبية على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والجهود التي تبذلها وزارة الداخلية وباقي المؤسسات الرسمية والمدنية في مجال مكافحة المخدرات، كما تناول التقرير سبل الوقاية من المخدرات وأبرز التحديات التي تواجه جهود مكافحة المخدرات.وخلص التقرير إلى وجود قصور في التوعية بمكافحة المخدرات، وهو القصور يرجع إلى انعدام البرامج والمشاريع المستمرة التي تساهم في خلق الوعي بأهمية وضرورة العمل معاً من أجل مكافحة المخدرات.تصدي حازم وذكر التقرير أن الجهود الحالية المبذولة في التوعية بمكافحة المخدرات لا تؤثر بصورة كبيرة بسبب ضعف إمكاناتها ومحدودية مواردها، وغالباً ما تتم بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات أو في المناسبات الخليجية والعربية المتصلة بهذا الموضوع وتنقطع بعد ذلك.وأضاف ناصر أن لوزارة الداخلية وتحديداً التوجيهات التي يصدرها الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية أكبر الأثر في التصدي الحازم لكل من يسعى في نشر أو الترويج أو الدعوة للتعاطي أو المتاجرة بالمخدرات.وأعرب عن إشادته بالجهود التي تبذلها إدارة مكافحة المخدرات وجميع منتسبيها من ضباط ومدنيين وعلى رأسهم العقيد مبارك عبدالله بن حويل المري مدير إدارة مكافحة المخدرات بالإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بوزارة الداخلية. ونوه إلى أن الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية تحتاج إلى تطوير المنظومة الإدارية لإدارة مكافحة المخدرات لتصبح مديرية عامة تتبعها عدة إدارات كما هو الحاصل في تجارب دول مجلس التعاون، موضحاً أن تطوير المنظومة الإدارية لمكافحة المخدرات من شأنه أن يساهم في خلق برامج وأنشطة مجتمعية متواصلة وموسمية تعزز من التوعية بمخاطر المخدرات وسبل الوقاية منها ومكافحتها.ولفت التقرير إلى وجود سمات أو خصائص يمكن أن تكون مفتاحاً للتعرف على شخص يتعاطى المخدرات، أو يقع تحت ضغط رفاق السوء وسلوكهم السيئ، وهذه السمات تتمثل في احتقان العينين وزوغان البصر، والضعف والخمول وشحوب الوجه، والانطواء والعزلة والاكتئاب، والسلوك العدواني، والتعب والإرهاق عند بذل أقل مجهود بدني، والعلاقات السيئة مع الأصدقاء، وكثرة التغيب عن المؤسسة التعليمية، والسرقة وكثرة التغيب عن البيت، والنوم أثناء الدروس والمحاضرات أو لفترات طويلة، والخداع والكذب.كما تناول التقرير أبرز الأسباب المباشرة للمتورطين في قضايا المخدرات، والتي تمثلت في ضعف الوازع الديني والتنشئة الاجتماعية غير السليمة، والتفكك الأسري، وصحبة السوء، والثراء الفاحش والتبذير دون حساب، وعدم وجود حوار بين أفراد الأسرة، والجهل بمدى خطورة المواد المخدرة أو المنبهات، وجهل بأخطار استعمال المخدر، والبطالة والفراغ، وعدم إدماج الأسرة للإسهام في العلاج بعد الانسحاب، ومحدودية مصحات التعافي، وأخيراً غياب إسهام المؤسسات الرسمية والأهلية في نشر التوعية اللازمة عن أهمية مكافحة المخدرات.أضرار جسيمةوتحت عنوان «مكافحة المخدرات .. مسؤولية وطنية مشتركة»، ذكر التقرير أن مشكلة المخدرات تعد حالياً من أكبر المشكلات التي تعاني منها المجتمعات بدول العالم دون استثناء، ويسعى العالم لمحاربتها لما لها من أضرار جسيمة على المجتمعات والدولة متمثلة في عدة نواحي اجتماعية وصحية واقتصادية وأمنية، كما إنها لم تعد تقتصر على فئة معينة من المجتمع بل أصبحت تشمل جميع فئات المجتمع وطبقاته، كما إن مسؤولية مكافحة هذه الآفة مسؤولية مشتركة بين القطاع العام ومؤسسات المجتمع المدني، وليس مقتصراً على وزارة الداخلية متمثلة في إدارة مكافحة المخدرات، بل إن عدداً من الدول بمنطقة الخليج العربي والمجتمع الدولي أكد على ضرورة إسهام جهات رسمية مثل وزارة الصحة والتربية والتعليم والتنمية الاجتماعية والشباب والرياضة والجامعات والمدارس الحكومية والخاصة والأندية الرياضية والمراكز الشبابية واللجنة الأولمبية وما تتبعها من اتحادات رياضية متنوعة، بجهود منسقة قائمة على توعية المجتمع والأسرة وشغل أوقات الناشئة والشباب والتعريف بمدى خطورة المواد التي تحتوي على عناصر منوّمة أو مسكّنة أو مفتّرة، والتي إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية المعدة لها فإنها تصيب الجسم بالفتور والخمول وتشلّ نشاطه كما تصيب الجهاز العصبي المركزي والجهاز التنفسي والجهاز الدوري بالأمراض المزمنة، كما تؤدي إلى حالة من التعود أو ما يسمى «الإدمان» مسببة أضرارًا بالغة بالصحة النفسية والبدنية والاجتماعية.وحول تأثير المخدرات على التنمية المجتمعية، أشار التقرير إلى أن مشكلة المخدرات تعد حاليًّا من أكبر المشكلات التي تعانيها دول العالم وتسعى جاهدة لمحاربتها؛ لما لها من أضرار جسيمة على النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ولم تعد هذه المشكلة قاصرة على نوع واحد من المخدرات أو على بلد معين أو طبقة محددة من المجتمع، بل شملت الجميع، كما ظهرت مركبات عديدة جديدة لها تأثير واضح على الجهاز العصبي والدماغ، وهنا لابد أن يعي المجتمع أن المخدرات لا تؤثر على الشخص الذي يتعاطاها فحسب، بل يمتد ليلحق ببيئة الأسرة بأكملها، حيث يمكن أن يتأثر الأطفال، والآباء، والأمهات، والأزواج، والزوجات بالسلوكيات التدميرية، والإدمانية للمتعاطين، وتشمل الآثار الثانوية للإدمان على المجتمع في تسرب الصغار من التعليم، وفقدان الأطفال للوالد أو الوالدة أو كليهما، بسبب تعاطي المخدرات وارتفاع معدلات الجريمة، وفي العديد من البلدان، تفوق نفقات مكافحة المخدرات على نفقات الحروب بل تؤثر سلباً على التنمية الاقتصادية بصورة كبيرة، ويتم إنفاق أموال طائلة على تطبيق القوانين، وعلاج المدمنين، والتعامل مع الآثار المترتبة على التعاطي والإدمان هذا بجانب ارتفاع معدلات الجريمة، والقتل والمرتبطة بتجارة وتهريب المخدرات.تنسيق دولي وفيما يتعلق بجهود وزارة الداخلية في مكافحة المخدرات، نوه التقرير إلى أنه وعلى صعيد التنسيق الدولي في مجال مكافحة المخدرات وقعت البحرين على عدد من المعاهدات الدولية في هذا المجال، أبرزها المعاهدات الدولية الثلاث لمراقبة العقاقير وهي الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 واتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971 واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988، كما نالت الإجراءات التي اتخذتها المملكة في مجال مكافحة المخدرات تقدير المنظمات الدولية في عدة تقارير بسبب التدابير والجهود المبذولة في المملكة من أجل مكافحة المخدرات وسبل وإجراءات المكافحة، كما إن جهود إدارة مكافحة المخدات قد شهدت تطوراً نوعياً في مواجهتها لهذه الآفة، حيث إن مكافحة المخدرات لا تقل عن مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، علماً أنها مازالت إدارة تابعة للإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، على خلاف نظيراتها من دول المجلس إذ أصبحت أجهزة مستقلة تابعة لمكتب وزير الداخلية بشكل مباشر، معنية بمكافحة المخدرات والاتجار غير المشروع بها والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية والجرائم المنظمة ذات الصلة، وما يحسب إيجاباً على وزارة الداخلية بالبحرين أنها من الدول القليلة التي تتبع الشفافية في الكشف عن حالات المخدرات، والإعلان عن الوفيات التي تتسبب بها والقضايا المترتبة عليها والمتهمين وتحديد جنسياتهم. كما تقوم الوزارة بنشر إحصاءات تبين عدد القضايا والمضبوطات وتصنيفها وعدد الأشخاص المتورطين. ففي إحصائيات العام 2014 يتبيّن لنا أن عدد القضايا التي ضبطت نتيجة المخدرات بلغت 878 منها قضايا تعاطي بلغت 550، وقضايا تجارة بلغت قضيتين، وقضايا تهريب بلغت 9 قضايا، وقضايا ترويج بلغت 261 ، وأخرى مجهولة المصدر بلغت 56 قضية، وفيما يتعلق بمنافذ ضبط المخدرات، فإن وزارة الداخلية أشارت في إحصائياتها إلى ضبط 501 قضية في المنفذ البري و58 في المنافذ الجوية، وقضية واحدة في المنافذ البحرية، إلى جانب 318 قضية تم ضبطها داخل حدود المملكة. الجدير بالذكر أنه لا توجد قضايا مخدرات بين طلبة المدارس حسب مصدر النيابة العامة وإدارة مكافحة المخدرات. وبلغت الوفيات جراء تعاطي المخدرات ما مجموعه 26 حالة وفاة مباشرة بين المتعاطين في 2014، و10 وفيات حتى شهر مايو من سنة 2015، ويذكر أن قضايا المخدرات تسهم في ارتكاب قضايا أخرى تمثلت في السرقة، والخداع والكذب، والسلوك العدواني والاتجار بالبشر، وغسيل الأموال. جهود مجتمعية وحول الجهود المجتمعية في مكافحة المخدرات، كشف التقرير عن أنه وبعد قياس مدى تفاعل وإسهام الجهات الرسمية لمكافحة المخدرات وحماية الناشئة والشباب والمجتمع من هذه الآفة، وتمثلت هذه الجهات في وزارة التربية والتعليم والتنمية الاجتماعية والشباب والرياضة والصحة، إلى جانب الجهات المعنية بالمرأة والطفل، إذ خلت مصادر المعلومات والنشر لدى هذه الجهات من أقسام رئيسة تتضمن تعريف الإدمان، والمخدرات وعلامات الشخص المدمن، وأعراض المدمنين، وأسباب تعرض المدمنين للإدمان، ويضاف إلى ذلك محدودية الأنشطة والحملات التوعوية المعنية بمكافحة المخدرات. وهنا نؤكد أن مسؤولية مكافحة المخدرات ليست منوطة على إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية وحدها بل إنها مسؤولية وطنية مشتركة، أما ما يتعلق بالقطاعين المدني والخاص فإنه رغم كثرة الجمعيات والمنظمات الحقوقية والمدنية العاملة في البحرين إلا أن نشاطها يعتبر محدوداً جداً في توعية الشباب بخطر المخدرات، كما تخلو مصادر معلوماتها كالمواقع الإلكترونية التابعة لها من الحملات التوعوية المعنية لمواجهة هذه الآفة وإن وجدت فإنها تقتصر على مناسبات محدودة التأثير وفقاً للمناسبات الدولية كاليوم العالمي لمكافحة المخدرات ولا تتعدى إصدار البيانات والنشرات الصحافية، وهنا لابد من التأكيد على الدور الرئيس الذي يجب أن تضطلع به غرفة تجارة وصناعة البحرين «بيت التجار» للإسهام في الاستثمار لصالح توعية المجتمع وتشجيعه على مكافحة المخدرات، حيث من المؤكد أن استقرار المجتمعات يعد أحد الركائز الداعمة للتنمية الاقتصادية. كما لابد من تنوع سبل مواجهة المخدرات تبعاً للمستوى الذي يتم فيه العمل. فحيث إن مشكلة المخدرات هي مشكلة متعددة المستويات وتكاد تكون نموذجاً للمشكلات التي تشغل جميع مستويات النظام الاجتماعي الإنساني فهي تمثل ظاهرة عالمية محلية مجتمعية فردية في آن واحد. لهذا لا بد من مواجهتها في جميع هذه المستويات المترتبة على البعد الرسمي والمدني.