بقلم – عادل الحلبي من منا لم يتمنى أن يقبض الله روحه أثناء ترديد اسمه العظيم في تسبيح واستغفار، من منا لم يتمنى أن يقبض الله روحه على وضوء وصلاة ومناجاة لله، من منا لم يتمنى أن يقبض الله روحه على صبر واحتساب وآخر كلماته أشهد أن لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله، من منا لم يتمنى أن يقبض الله روحه داخل مسجد عامر من بيوت الله في ساعة الصبح إذا تنفس، من منا لم يتمنى أن ينال الشهادة في سبيل الله. تلك هي أغلى وأسمى وأعلى المراتب وأجلها التي نالتها بالأمس القريب السيدة هبه أحمد عبد الفتاح (ابنة محافظة البحيرة) شهيدة مسجد الفتح برمسيس التي صعدت روحها الرقراقة الطاهرة الزكية بعد أن استنشقت دخان القنابل الكثيف الذي خيم على أجواء المسجد وباحته وظلت تصارع الموت ولم يستطع أحداً ممن حوصروا معها إنقاذها لانعدام الإمكانيات وبعد لحظات من الصراع فارقت الحياة .. لتبدأ رحلة جديدة لا فيها سيف ولا خوف ولا قناع ولا خداع .. رحلة إلى الملكوت الأعلى حيث بياض السحاب ودفئ الرحاب والنعيم والخلود في عُصمة الله وإلى جوار حبله المتين. لقد أرتقت الشهيدة هبه أحمد عبد الفتاح جميع الدرجات العُلى بعضها فوق بعض من وضوء وصلاة وتسبيح واستغفار لله وصبر وتوحيد ببيت الله حتى مرتبة الشهادة جميع النفحات والهبات الربانية تنزلت عليها ويالها من ألف محظوظة، والله إنها لميتة غاظت بها أعداء الإسلام، ولو علموا أن فعلتهم النكراء ستحصد عليها هذه الـ ’’هبة‘‘ جميع هذه الهبات وكل هذه الأوسمة الربانية لما أقدموا على قمع أبناء الشعب المصري ومحاربته بما أوتوا من عُدة وعتاد، ولكن هكذا ستظل منازل الجبناء، وكذلك حقاً منازل الشهداء.لاشك أنكِ ’’ياشهيدة مسجد الفتح‘‘ سليلة بيت جودٍ صالحِ .. تربيتِ في ظلال القرآن الكريم، وحب الشهادة في سبيل الله .. ليتكِ أخبرتينا أيتها الشهيدة العفيفة ماذا قدمتِ في حياتكِ لتنالين كل هذه المِنح عند مماتُكِ، ولنتبع ما ألفيناكِ عليه لنحظى ولو بأقل منزلة مما حصدتيه في ختام مشواركِ الدنُيوي ؟ليتكِ أخبرتينا عما كان بينكِ وبين رب العزة في عُلاه حينما تختلين بنفسكِ بعيداً عن همجيات البشر وبماذا كنتِ تناجين الله وبماذا كنتِ تبتغين وبماذا كنتِ تقدمين من طيب الخيراتِ فتقبلها الله منكِ بقبول حسنِ وأنبتكِ نباتاً حسناً ؟ ليتكِ أخبرتينا عن حياتكِ عن صيامكِ وقيامكِ وصلواتكِ وصبركِ وجَلدُكِ واحتمالكِ وعطفكِ واحتسابكِ وعن ليلة القدر الماضية التي حققت لكِ كل هذه الأمنيات من لدُن حكيم خبير ؟ليتكِ تخبرينا عن أول ليلة في منازل يوم القيامة كيف وجدتِ قبركِ وكيف رأيتِ منزلتكِ وبمن ستشفعين من أهل بيتكِ والأحبة الذين تعلقوا بسيرتكِ الطيبة فاق الملايين ؟ياله من لقاء مع الله شهدناه بأم أعيننا في بيت عامر من بيوته، وقد فُتِحت لكِ أبواب السماء والرضوان والجنات والنعيم المُقِيم .. وقد وقفنا جميعاً أمام جثمانكِ الطاهر المُسجى بالمسجد لنصلي عليكِ صلاة الوداع، وقد فتنتِ أنفسنا وأرواحنا إلى حب الشهادة، ولو دار الزمن بعجلته مرة أخرى لاعتصمنا بداخل المسجد وما فارقتِ أعيننا لحظة واحدة .. هنيئاً لأهل منزلكِ الذي غرس في قلبكِ الإيمان واليقين والقيم والأخلاق والعطف والتواضع والجهاد في سبيل الله، وهنيئاً لمن سيصاحبكِ في شُفعتكِ لاشك أنهم جميعاً متأهبون شوقاً لكِ والجميع في انتظار الموت ليحظوا بشرف الشُفعة الحسنة ومرافقتكِ في الفردوس الأعلى من الجنة وليستظلوا تحت عرش الرحمن ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. طيبتي أيتها الشهيدة هبه أحمد عبد الفتاح ’’شهيدة مسجد الفتح برمسيس‘‘ طيبتي حيةً وميتة ومستورة لا تعب ولا صخب ولا نصب، وصدق رب العزة إذ يقول في محكم كتابه العزيز المجيد ( وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ).خالص العزاء لأهل الشهيدة وعظم الله أجركم
International
عادل الحلبي يكتب: الشهيدة هبه أحمد عبد الفتاح حصدت أعلى المراتب
18 أغسطس 2013