بكلمات دافئة كالقلوب، جارحة كورود الياسمين، لاذعة كالعطور الباريسية، أوقدت فنانة العرب ماجدة الرومي شعلة انطلاق فعاليات صيف البحرين 2013، وغردت دون مواربة في مؤتمر صحافي سبق الحفل الكبير «للبحرين قيادة حكيمة نصرتها على الشر، واستطاعت أن تحارب بسلاح الحب والفن».حمامة السلام أعلنت انحيازها للفن، للمحبة بتجلياتها الصوفية، للشعب المتآلف المتحاب المنسجم مع ذاته ومع الآخرين «الفن رسالة واضحة المضمون لمواجهة الشر بالخير والعتمة بالنور والحرب بالسلام»، فقط من عميت أبصارهم، وصمت آذانهم، وجدوا في العبارة اصطفافاً ضد الشعب، فأي حكم وأي تقدير! هي قالت وابتسامة تعلو وجهاً لا يشيخ ولا يهرم «الفن رسالة للتعبير عن الإرادة والاستمرار في الحياة والحب»، فأي معنى آخر ينشده الفن، أي رسالة سوى ما يعتمل بالنفوس وتختلج به القلوب وتهفو، بالمقابل رسالة راديكالية، تقطر سماً على الرحيق، تحاول تسويد صفحة ملأها الحب بألوان العيد والفرحة. غنت ماجدة قبل أن تغني «كلمات ليست كالكلمات»، جاءت برسالة سلام ومودة، بمصباح ينير درب الظلام، أوقدت شمعة في ليل نأمل يوماً أن ينبلج عن صباح ربيعي مشرق «جئنا نحييكم شعباً وقيادة ونشد على أيديكم.. أنتم السالكون دروب النور.. المتصدين للعتمة وقوات الظلام.. بكل الخير بكل الأمل بكل الطموح، لا شك أن الله معكم لأن الحق إلى جانبكم.. جئنا لنقول المستقبل لكم، فمن كان مثلكم لا يستسلم، والله معكم لأنه لا يتخلى إلا عن النفس الجبانة»، وبعد كل هذا يدعي من يدعي أنها ناهضت الشعب.الرسالة واضحة، والمضامين جلية، والمعاني لا تغيب إلا عن أعمى قلب وبصيرة، لا يتوانى عن وصفها بعبارات سوقية تعبر عن مستوى بعض «المتثاقفين»، ويصف بلاداً يدعي الدفاع عنها والانتماء إليها بـ»ماخور العربدة والنجاسة». حديث ماجدة المفعم بالمحبة، بالتراحم والتواد والتلاحم، ليس بكلام سياسي مخضرم، بل كلام فنانة عشقت الحلم، غنت لطوق الياسمين، لفناجين القهوة على أرصفة بيروت، لجرح لبنان الغائر، لوجع العرب وانتصاراتهم وانكساراتهم «لست سياسية بل مواطنة أعبر عن نفسي بحرية وشرف وأرفع راية الحرية أينما كانت، وأعتبر السكوت عن الحق مشاركة في تدمير الأوطان».اختارت غادة الفن العربي أن توجه سكاكين نقدها وروداً وياسمين، أن تغدقنا بفيض حب وحنان اعتدناه في حكايا الجدات قبل النوم، أن تقول لنا بوجه باسم «غداً صباحاً سأقول لشعب البحرين صباح السلام والحب، صباح المودة بين الناس، صباح أنفس تخاف على وطنها وتحب الخير له»، طبيعي هنا أن ينزعج الظلاميون، وتقوم قائمتهم ولا تقعد، هؤلاء لم يألفوا حباً يجمع ولا يفرق، لم يجربوا ضحكة على امتداد الوطن، لم يختبروا حنيناً لشعب وبلد لا تحده الحدود ولا تقيده القيود. الموتورون والمتثاقفون حاولوا النيل من أسطورة الغناء العربي، وبين يدي التاريخ نترك الخصومة وحكمها، وصفوها بعبارات لا تليق بنجمة ولا تصدر عن مثقف، وللتاريخ أن يقول كلمته، حملوا طاقات وردها غلاً وكرهاً وسواداً، وللتاريخ أن يحسم من هي ومن هؤلاء، أرادوا أن ينزلوا برسالة الفن إلى دركهم وجحورهم، والتاريخ يحكم أين الثرى من الثريا؟!قالت ومازالت تقول «يجب أن نستمر بالحياة، ليس هناك ما يعرقل مسيرات الخير، ومهما حدث يجب أن تكون النظرة المستقبلية هي الأفضل، الجميع مستعد للموت فداء أوطانهم ورفع راية الحرية على امتداد الوطن العربي».