كتب المسلحون الذين أطلقوا قذائف صاروخية على مركز للشرطة قرب القاهرة وذبحوا ضابطا عبارة "هذا جزاء الظالمين" على الحائط قبل أن ينصرفوا.شن المسلحون الملثمون هجومهم بعد ساعات من بدء قوات الامن فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في موقعين بالقاهرة والجيزة في عملية قتل فيها المئات يوم الاربعاء الماضي.وأبرز ارتفاع مستوى العنف المخاوف من تجذر تمرد جديد للاسلاميين على ضفاف النيل حيث حارب مسلحون متشددون الدولة في حملة فاشلة خلال التسعينات.وخارج مركز الشرطة المهجور الذي تبدو على جدرانه علامات الحريق وآثار الرصاص في كرداسة قال أحد المارة بصوت خافت "هل سبق أن شاهدت حربا على التلفزيون؟ هكذا كان الامر." ورفض أن يذكر اسمه.وقالت الحكومة إن تسعة من رجال الشرطة قتلوا في الهجوم على كرداسة التي تعد معقلا للاسلاميين.ووصف بعض سكان كرداسة كيف أنهم وفروا المأوى لرجال الشرطةالمذعورين الذين هربوا من المركز وساعدوهم على الهروب بمنحهم ملابس مدنية.وخارج المركز كانت بقايا 13 سيارة محترقة اثنتان منها من ناقلات الجنود المدرعة. ولم يكن هناك أثر لاي من رجال الشرطة.وتعرضت عشرات من مراكز الشرطة في مختلف أنحاء مصر للهجوم في ذلك اليوم فيما قد يشير إلى مزيد من القلاقل التي قد تعرقل ما ظهر من امال في تحقيق الديمقراطية بعد الاطاحة بالرئيس حسني مبارك عام2011.ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن هذه الهجمات التي استخدم فيها كلها الرصاص وفي اثنين منها قذائف صاروخية.وتشهد شبه جزيرة سيناء في شرق البلاد أعمال عنف يشنها اسلاميون متشددون كان أبرزها يوم الاثنين هجوم قتل فيه 25 من رجال الأمن المركزي.وتشير سلسلة من الهجمات في وادي النيل ومدن قناة السويس منذ عزل الجيش مرسي في الثالث من يوليو تموز إلى امكانية انتشار مثل هذه الافعال وامتدادها إلى مناطق ذات كثافة سكانية أكبر.- مناطق حرب..أصبحت بعض المدن في محافظة المنيا جنوبي القاهرة أشبه بمناطق حرب حيث استهدفت فيها مراكز شرطة وكنائس وأهداف أخرى في أعمال عنف متواصلة منذ يوم الأربعاء.وشن مسلحون هجمات في مدن القناة الثلاث فقتلوا سبعة من رجال الشرطة على الاقل. ولم تتأثر حركة الملاحة في القناة حيث انتشرت قوات الامن بكثافة وحيث يحرس الجنود محطات الوقود.وقد أصبح السلاح خاصة المهرب من ليبيا متوفرا بسهولة عما كان عليه الحال في الماضي.ومع سهولة انتشار أفكار تنظيم القاعدة عبر الانترنت أصبح من المرجح الان أن يجد التنظيم الذي يقوده المصري أيمن الظواهري اتباعا جددا في مصر.وقال خليل العناني من معهد الشرق الاوسط في واشنطن إن الصراع الدائر منذ عشرات السنين بين الدولة في ظل قيادة الجيش والاسلاميين ربما كان مقبلا على مرحلة دموية جديدة.وقال العناني "الوقت مناسب جدا كي تجند القاعدة أعضاء جددا."وتتهم الحكومة جماعة الاخوان المسلمين بالارهاب وتقول إن الاعتصامين اللذين تم فضهما كانا يمثلان تهديدا للأمن القومي. وتواجه قيادات الجماعة اتهامات بالتحريض على العنف.إلا أن الجماعة التي بنيت استراتيجتها على النشاط السياسي والاجتماعي السلمي تنفي هذه الاتهامات. ويقول بعض الاسلاميين إن الدولة تحاول استفزاز الطرف الآخر لدفعه لدائرة العنف ويقولون إن هذا حدث من قبل في التسعينات.وتشير الجماعة إلى تكرر الهجمات التي قتل فيها أعداد كبيرة من أنصارها منذ أوائل يوليو تموز وتقول إن الغرض من اتهامات الحكومة لها بالارهاب هو تبرير تشديد الحملة عليها.إلا أنه في حين أن الجماعة تواصل تكرار شعار المقاومة السلمية فقد تحدث بعض قياداتها عن تفجر مشاعر الغضب بما يتجاوز قدرتها على السيطرة عليه بين أنصارها في الشارع. وظهر مسلحون في بعض الاحتجاجات المؤيدة لمرسي في القاهرة.- مصر ولادة..مع تعرض الهيكل التنظيمي للاخوان لضغوط شديدة ازداد احتمال ظهور جماعات منشقة عن الجماعة.وقال ياسر السري الاسلامي الذي حكم عليه بالاعدام في التسعينات في مكالمة هاتفية من لندن حيث حصل على وضع لاجيء "مصر ولادة. ليس فقط تنظيم الجهاد أو التنظيمات الأخرى. خلاص هذا انتهى. ولو مات هذا سيأتي غيره."ودعا متشددون عبر الانترنت لرد مسلح وقالت مجموعة سايت انتليجنس التي تراقب مواقع المتشددين على الانترنت إن البعض طالب بتيار جهادي مسلح.وبدت ضآلة معدل القتل في الحملة العنيفة خلال التسعينات إلى جانب أعمال العنف التي شهدتها البلاد منذ يوم الاربعاء الماضي وقتل فيها حسب تصريحات المسؤولين ما يقرب من 900 شخص من بينهم نحو 100 من الجيش والشرطة.ويوم الاربعاء الماضي وحده قتل 70 شخصا في محافظة المنيا منهم 16 شرطيا.وفي بلدة ملوي أحرقت كناس وبيوت ومتاجر يملكها مسيحيون. وتحدث الناس عن ظهور ملثمين يشنون هجمات متكررة على مركز الشرطة جهارا نهارا.ويجوب رجال بملابس مدنية مسلحون ببنادق هجومية الشوارع لكن ليس من الواضح إن كانوا رجال شرطة سريين أم من اللجان الشعبية التي بدأت تملأ الفراغ الذي خلفه غياب مؤسسات الدولة.وتسد حواجز من الطوب والالواح الطريق المؤدي إلى مركز الشرطة بينما وقفت عربة مدرعة تابعة لوزارة الداخلية على مقربة. وتترددأصداء طلقات نارية بين الحين والآخر.ويسمع الصيدلي ناجي حلمي نيرانا كثيفة من الجانبين منذ يوم الاربعاء. وقال "اطلاق النار عنيف جدا من المهاجمين ومن الشرطة."ووصف القس الكاثوليكي أيوب يوسف من بلدة دلجة القريبة مشاهد مماثلة هناك. وقال إن محتجين اسلاميين أشعلوا النار في مركز الشرطةالمحلي يوم الاربعاء بعد مهاجمة بيوت مسيحية.وأضاف أن كثيرين من المتشددين كانوا مسلحين بأسلحة آلية مهربة عبر الصحراء.وقال يوسف إن أحداث العنف أسوأ من أي شيء يتذكره خلال حملة التسعينات التي قتل فيها متشددون مسيحيين وأحرقوا كنائس في المنطقة نفسها.- معركة جديدة؟..يبدو أن وزارة الداخلية التي كانت تحظى بالدعم في عهد مبارك للتصدي للاسلاميين في التسعينات تتأهب لمعركة جديدة مع عدوهاالقديم.وقال مسؤول أمني إن 35 ضابطا كانوا قد أوقفوا عن العمل أونقلوا إلى وظائف أخرى بعد سقوط مبارك أعيدوا إلى جهاز أمن الدولة منذ الثالث من يوليو تموز.ويرى العميد حسين حمودة مصطفى الضابط السابق في جهاز أمن الدولة أن المجال أكبر أمام حملة أكثر شراسة من الحملة التي شنتها في التسعينات تنظيمات اسلامية من بينها الجماعة الاسلامية التي تحالفت مع القاعدة ثم نبذت العنف ودخلت مجال العمل السياسي كأحد حلفاء الاخوان.وقال مصطفى الذي أصبح خبيرا في الشؤون الامنية "الان عندك ثلاثة الاف واحد في سوريا سيرجعون غدا. هيعملوا ايه؟"وقال مرددا وجهة النظر الرسمية إن جماعة الاخوان تنظيم ارهابي تعتنق قياداته الفكر التكفيري.لكن العميد مصطفى يرى أن حل الازمة يجب أن يأخذ في الاعتبار الابعاد السياسية والاجتماعية إلى جانب الأبعاد الأمنية.وأوضح أن الدعم الغربي للجماعة قد يشجع على العنف مرددا تصورات لدى الحكومة المصرية تنفيها واشنطن.وقال "الوضع الحالي أعنف من التسعينات" مشيرا إلى شراسةالهجمات على الكنائس كمثال على ذلك.ويستبعد آخرون على دراية بالحركات الاسلامية فكرة أن الاخوان تميل لتبني الكفاح المسلح.وقال المحامي الاسلامي منتصر الزيات الذي دافع في الماضي عن الاسلاميين المتشددين "أنا متأكد ان العنف غير مطروح بالنسبة للاخوان. الخوف من بعض أعضاء الجماعة الاسلامية الذين قد ينفصلون عنها."وقال إن قادة الجماعة الاسلامية أبلغوه أنهم يمارسون أقصى درجات السيطرة على أعضائها لكنه حذر من وجود "عناصر مستقلة تعتنق أفكارا متطرفة قد -وضع خطا تحت هذه الكلمة- تستفزها قوات الامن."