بقلم عدنان أحمد يوسف*:العلماء هم نجوم الهدى، وأقمار الدجى، ومعالم الطريق إذا أظلمت الشموس، وحارت النفوس وإن موتهم خطب جلل تتشنف له المسامع، وتذرف له المدامع لأن بموتهم تطوى صفحات لامعة، وسجلات ناصعة.فرحيل العلماء ثلمة في الدين لا تسد، ومصيبة لا تحد، وفجيعة لا تنسى، فموت العالم انهيار أمة وتهدم بنيان يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون به أهل العمى، ويهدون به من ضل إلى الهدى فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه وما قامت الأمجاد، وتحققت الانتصارات بعد الله إلا بهم، كيف لا وهم ورثة الأنبياء وحسبك بها وراثة وهم أهل خشية الله إِنما يخشى اللهَ من عباده العلماء».وما الرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعير، ولكن الرزية فقد حر يموت بموته بشر كثيـــر نقول هذا وفي الحلق غصة وفي القلب لوعة ونحن نودع طوداً أشم وجبلاً لا تهزه الأعاصير، العلامة البروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير، علم وعالم لقب بالضرير لكنه البصير بصير العلم وباقره ومنتجه وباذله، فهو العالم الثبت والحجة البيضاء التي بددت غياهب الجهل والأميةكم علم وكم ألف وكم درس وكم أفتى، كان عضداً للتجربة المصرفية الإسلامية شهد ميلادها وتعهدها بالرعاية في مهدها إلى أن بلغ بها سبقاً بعيداً وشأواً عظيماً.وهو أول من نظر للتأمين الإسلامي في العام 1964، ومازالت أبحاثه فيه وفتاواه هي المعول والاعتماد. فكم أحرز من الجوائز والأنواط التي نالها بجدارة علمه وإخلاصه. وحتى لا يضيع إرث هذا العالم الجليل والفقيه الضليع، أتمنى أن يسارع الإخوة في هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، بالتعاون مع المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية لتبني فكرة تأسيس جائز عالمية باسم العلامة البروفيسور الصديق الضرير، تسند كل عامين للأعمال المميزة التي تستحق التقدير وبصفة خاصة تلك التي تبنى وتضيف لنظرية الغرر من حيث انتهى العلامة الضرير، أو يمكن أن تضيفه لنظرية التأمين الإسلامي، ونحن على ثقة أن هذه الجائزة ستجد كل الدعم والمساندة من كافة أسرة المصرفية الإسلامية. ويعد البروفسور الصديق الضرير (1918-2015) أحد أعلام الاقتصاد الإسلامي، والمصرفية الإسلامية بالعالم العربي، والعالم الإسلامي، وقد عمل بالتدريس بكلية «غوردون» جامعة الخرطوم الآن. وقد عمل الفقيد البروفيسور الصديق الضرير، عضواً في كثيرٍ من مجامع الفقه واللغة العربية المحلية والعالمية، أسس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لبنك البركة السوداني في العام 1985 وترأس هيئتها حتى نهاية العام 2013. كما أسهم في وضع المعايير الراعية الحاكمة لمجال الصيرفة الإسلامية من خلال عضويته في مجلس المعايير الشرعية التابع لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. وهو الرئيس المؤسس للهيئة العليا للرقابة الشرعية للجهاز المصرفي والمؤسسات المالية، كأول هيئة من نوعها تتبع بشكل مباشر للمصرف المركزي. وهو أيضاً مؤسس فكرة التأمين الإسلامي في العالم الإسلامي قاطبة، حيث قام على فكرته التي برزت في العام 1964 لتخليص الأمة الإسلامية من التعامل بالتأمين المحرم. ومن أجل أعماله درته العلمية بعنوان الغرر وأثره في العقود والذي انطلقت منه فكرة التأمين الإسلامي. سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته.* خبير مصرفي دولي، والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية