دعا المشاركون بإحياء ليلة القدر في جامع الفاتح، إلى اتخاذ «السلام» منهاج حياة بمواجهة التطرف والغلو والإرهاب، لافتين إلى أن الإرهابيين والمتطرفين لن يجدوا مكاناً بين أهل البحرين بصفائهم ونقائهم ووسطيتهم. أكد وكيل الشؤون الإسلامية د.فريد المفتاح، أن إيمان أهل البحرين بالوسطية والانفتاح وسيرهم على نهجها وتمسكهم بها كمنهاج حياة يجعلهم دوماً محاطين بسد منيع يحميهم من الإرهاب ويحصنهم من التطرف.وقال المفتاح خلال الاحتفال السنوي بمناسبة ليلة القدر تحت رعاية رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة بجامع الفاتح أمس، إن الإرهابيين والمتطرفين والطائفيين لن يجدوا مكاناً بين أهل البحرين بصفائهم ونقائهم ووسطيتهم ووعيهم وتحضرهم، لأن التطرف والنفس الطائفي لا يجد نفسه إلا في بيئة بعيدة عن بركة القرآن بوسطيته ومبادئه وقيمه الإنسانية الأخلاقية السامية المنفتحة.وأضاف أن أهل البحرين نشأوا على هدي القرآن وتوارثوا أخلاقه السامية جيلاً بعد جيل، لافتاً إلى أن البحرين تبقى بفضل تمسكها بنهج الكتاب العزيز وولاة أمرها وقيادتها الحكيمة وشعبها، واحة للأمن وأرضاً خصبة للعيش بسلام في ظل قيادة حريصة على تكريس نهج الوسطية والوحدة الوطنية والحوار الحضاري والتعايش السلمي. وأردف «تأتي ليلة القدر علينا، وعدد من بلدان المسلمين تعاني أحداثاً ومصائب تبعث على القلق، وخلافات تعصف بالود والتواصل والوحدة والتلاحم، ولهيب فتن طائفية يحرق الأخضر واليابس، مقابل نداءات عقلاء وحكماء بوأد الفتنة في مهدها، وتحكيم صوت العقل». وحذر المفتاح من الانجرار خلف مخططات ومؤامرات تهدف لأخذ المسلمين إلى دوامةٍ من الفوضى والعنف الناتج عن الجهل والغلو والغرور والتعصب والتشدد، من قبل تنظيمات تكفيرية وجماعات طائفية متطرفة في الفكر منحرفة في السلوك، جانحة بعيدة عن قيم ورونق الإسلام، تجرأت على أصول الدين الحنيف وثوابته.ونبه إلى أن جماعات التكفير اقتحمت حمى الدين بفتاوى باطلة، نسجوها لتحقيق مخططاتهم الدنيئة، ليبرروا شناعةَ ما يقدمون عليه من قتل وذبح وحرق وتدمير واستباحة لديار المسلمين، ينتسبون إلى الإسلام، والإسلام بشريعته الغراء، ونهجه الوسطي المعتدل، ومبادئه وقيمه السامية من أولئك الموتورين براء.وشدد على أن واقع الأمة اليوم بحاجة إلى تحرك سريع وعاجل، وأن الأمر يتطلب مزيداً من التعاون والتآلف والتكاتف على اختلاف المذاهب والطوائف والمشارب والأفكار والديانات، للوقوف صفاً واحداً في وجه التطرف والإرهاب والنفس الطائفي البغيض، وحماية الأوطان من شر الأشرار، وحفظ أمن المجتمعات وأمانها ورخائها واستقرارها، بالوحدة والترابط والتصالح والتآلف.ودعا المفتاح إلى استثمار سلام ليلة القدر المباركة في توثيق علاقات المسلمين على اختلاف مذاهبهم، وتنوع ما بينهم من أفكار، باعتبار المشتركات الجامعة بينهم أكثر من المختلف، والتعاون البناء وتحقيق مزيد من التآلف والتواصل والتضرع إلى الله تعالى أن يحفظ الأمة، ويؤلف بين أبنائها، ويوفق قادتها وولاة أمورها لما فيه صلاح البلاد والعباد.من جانبه أكد رئيس محكمة الاستئناف العليا الشرعية السنية د.إبراهيم المريخي، أن من أبرز ركائز ليلة القدر «السلام»، وهو السلامة من الآفات والأمان، لافتاً إلى أن السلام إذا اختل فلا عيش للإنسان إطلاقاً واختل شأن العباد فلا يستطيعون أن يديروا شؤونهم.وأوضح المريخي أن لفظ «السلام» ورد في القرآن الكريم في صيغ ومواضع كثيرة، فقال بعض العلماء أن السلام جاء في أكثر من 40 آية، فيما ذكر بعضهم أن السلام واشتقاقاته ذُكر فيما يزيد على 100 آية، ما يدل على أهمية وعظم أمر السلام، مشيراً إلى ما نقله السمهودي في كتابه «طيب الكلام في معنى السلام» أن هذه الكلمة تأتي بمعنى الأمان وبمعنى التحية، كما إنه اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى. وعدد جملة ركائز ليلة القدر بأن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن العظيم فيها، وبذلك شرفت الأمة المحمدية بتشريف النبي صلى الله عليه وسلم فيها، كما إن الله سبحانه وتعالى بين الجزاء العظيم لمن قام هذه الليلة إيماناً واحتساباً فهي «خير من ألف شهر»، والركيزة الرابعة في هذه الليلة هي الملحمة العظيمة بين أهل السماوات مع أهل الأرض، إذ ينزل الروح والملائكة إلى الأرض فيسلمون على الراكعين والساجدين والمتوجهين إلى الله سبحانه وتعالى بقلوب طاهرة نقية. ونقل المريخي عن جمهور العلماء قولهم إن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، إذ ذكر أهل التفسير فيما نقل عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه عندما سئل كيف عرفت أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين؟ قال «ألم تروا أن سورة القدر مكونة من ثلاثين كلمة، وجاءت (هي) الكلمة السابعة والعشرون، ما يدلل على أن هذه الليلة هي ليلة السابع والعشرين».بدوره قال عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ محمد عبدالمهدي، إن ليلة القدر بداية انطلاقة النفوس المؤمنة نحو التسامح والتعاطف ونبذ الخلاف والشحناء وتصفية القلوب وصفاء السريرة، لمن أراد أن يقف أمام الله يدعو ربه في فكاك عنقه من النار وخلاصه من الآثام، وأن يرزقه الجنة ونعيمها ويوفقه لعمل الخير وصالح الأعمال.